تصاعدت أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا، ووصلت إلى طريق شبه مسدود، ووصفت مصر الموقف الإثيوبي بـ«المتعنت». وقال بيان صحافي صدر أمس حول زيارة وزير الري المصري ومباحثاته في أديس أبابا إن الجانب الإثيوبي استمر على موقفه المتعنت تجاه المقترحات المصرية لإيجاد مخرج للمشكلة، المتعلقة بآلية تنفيذ توصيات التقرير النهائي للجنة الخبراء الدولية حول سد النهضة، مشيرا إلى رفض إثيوبيا أي «حلول وسط» لتقريب وجهات النظر، بما يحقق المنفعة المشتركة لشعوب إقليم النيل الشرقي.
وذكر البيان أن مصر لبت الدعوة الإثيوبية تأكيدًا على حرص الحكومة المصرية على بذل أقصى جهد ممكن، سعيا للتوصل إلى حل يحقق أمن مصر المائي دون إخلال بحق إثيوبيا في التنمية والاستفادة من المشروع، والتي ستعود بالنفع على الشعب الإثيوبي، وبما لا يؤثر سلبا على دول المصب. مشيرا إلى أن «التحرك المصري يأتي في هذا الصدد تأكيدًا على حرص الحكومة المصرية على إظهار إيجابية موقفها للمجتمع الدولي، والذي يقابله التعنت المستمر من الجانب الإثيوبي».
وجاء ذلك عقب زيارة الدكتور محمد عبد المطلب وزير الموارد المائية والري المصري العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يوم الاثنين الماضي، ولقائه مع نظيره الإثيوبي لبحث أزمة سد النهضة، بمشاركة وفد رفيع المستوى من كلا الجانبين.
وحمل الجانب المصري فشل الزيارة إلى الجانب الإثيوبي بسبب تعنت موقفه ورفض الاستجابة للمطالب المصرية. وأكد عبد المطلب أن الجانب الإثيوبي رفض أي حلول وسط بما يحقق المنفعة المشتركة لدول حوض النيل.
وشرعت إثيوبيا في تشييد السد العملاق بكلفة 4.7 مليار دولار منذ عام 2011، ويقع على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومترا من الحدود السودانية، ويتوقع اكتمال تشييده عام 2017 ليكون أكبر سد أفريقي وعاشر سد لإنتاج الكهرباء على مستوى العالم. ورغم التطمينات الإثيوبية، تتشكك مصر في قدرة السد الإثيوبي على الصمود، وتشير إلى إمكانية تعرضه للانهيار وانفلات كميات ضخمة من المياه تجاه كل من السودان ومصر.
وحذر خبراء ومختصون من إمكانية تعرض نهر النيل للجفاف، فحسبما يقول الدكتور أحمد عبد الخالق الشناوي، الخبير الدولي في الموارد المائية وتصميمات السدود، إن هناك مخاطر شديدة من بناء سد الألفية بإثيوبيا، موضحا أنه «سيؤدي إلى تعميق الفالق الأرضي الموجود، مما سينتج عنه انفصال القرن الأفريقي عن القارة بشكل تام. كما أن نهر النيل الأزرق، الذي يعد المورد الرئيس لمياه نهر النيل بنسبة نحو 86 في المائة من إجمالي موارده، قد يغير مساره؛ وبذلك يجف نهر النيل تماما».
وأضاف الشناوي، خلال تصريحات صحافية، أنه لا حل للتعامل مع تلك الأزمة إلا بوقف بناء السد، وكذلك العمل على تنفيذ مشروع ربط نهر الكونغو بنهر النيل مما سيوفر لمصر كميات كثيرة من المياه، بخلاف أنه سيؤدي إلى تنمية في الدول الأفريقية. وأجمع رئيس مشروع تنمية أفريقيا وعدد من الخبراء في الموارد المائية على أن مشروع «سد الألفية الإثيوبي» سيجفف نهر النيل، وأن الحل الوحيد لهذه المشكلة يتمثل في مشروع نهر الكونغو، والذي سيعوض مصر عن غياب النيل الأزرق بعد تشغيل السد الإثيوبي، على حد قولهم.
وتعد مصر «سد النهضة» قضية أمن قومي، وكانت قررت في الآونة الأخيرة وقف التفاوض «الفني» مع إثيوبيا في الوقت الحالي لحين إشعار آخر، مؤكدة أن «ملف التعاون الفني مغلق حتى تقرر أديس أبابا طرق الباب وتأتي بمبادرة طمأنة»، ولافتة إلى أنه ينبغي «على أديس أبابا أن تدرك أن اللعب على عامل الزمن والتطويل واجتماعات اللجان وغيرها، لن يجدي نفعا، فنحن ندرك أن عامل الزمن أصبح غير متاح الآن وعلينا التحرك سريعا».
وأثار فشل المباحثات بشأن «سد النهضة» ردود فعل غاضبة في الأوساط المصرية، فمن جانبه أكد الدكتور هاني الناظر رئيس المجلس القومي للبحوث السابق، أن «تعنت الجانب الإثيوبي مع مصر بشكل غير مسبوق، والرفض المستمر لأي مبادرة من الجانب المصري والإصرار على رفض الاستجابة لأي مقترحات مصرية أو تقريب وجهات النظر بين البلدين حول موضوع سد النهضة، وآخرها كان بالأمس، يعني إعلان حرب رسميا من الجانب الإثيوبي على مصر وعلى شعبها». وأضاف الناظر عبر تدوينة له على موقع «فيسبوك» أن كلمة «حرب» تعني اعتداء دولة ما على مقدرات دولة أخرى، وأن النيل هو شريان الحياة للشعب المصري والمساس به حرب علنية.
مصر: الموقف الإثيوبي «متعنت» وكل الخيارات مطروحة لتلافي آثار «سد النهضة»
خبراء عدوه بمثابة «إعلان حرب» ومخاوف من جفاف نهر النيل
مصر: الموقف الإثيوبي «متعنت» وكل الخيارات مطروحة لتلافي آثار «سد النهضة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة