سكان صلاح الدين بين إرهاب «داعش» ومعاناتهم مع الحكومة العراقية

مدن تخلصت من الحرب لكن أهلها بقوا أسرى الخراب

سكان صلاح الدين بين إرهاب «داعش» ومعاناتهم مع الحكومة العراقية
TT

سكان صلاح الدين بين إرهاب «داعش» ومعاناتهم مع الحكومة العراقية

سكان صلاح الدين بين إرهاب «داعش» ومعاناتهم مع الحكومة العراقية

بعد سقوط المدن العراقية الكبرى قبل نحو عام من الآن وبسرعة البرق، أصبح مجرد الوقوف على الحياد يعني خيانة للقوة الجديدة التي بسطت سيطرتها على المدن، ومنها محافظة نينوى ثاني أكبر مدن العراق، فكيف بمن حمل السلاح وأعلن رفضه لتنظيم داعش وقاتله بكل قوة رغم الفارق الكبير بالتجهيز والعدة والعدد؟
وتعد ناحيتا العلم والضلوعية التابعتان لمحافظة صلاح الدين واللتان تقطنهما الغالبية من قبيلة الجبور واسعة الانتشار في العراق، من أكثر مناطق العراق رفضًا لتنظيم داعش الذي عمل على إنزال عقاب جماعي بأبناء هاتين الناحيتين، وقتل المئات منهم وسرق ونهب ودمر الكثير من المنازل، فضلاً عن البنية التحتية لهاتين الناحيتين.
ففي ناحية العلم (15 كلم شمال شرقي تكريت) حاصر تنظيم داعش الناحية مدة أسبوعين قبل أن يتمكن من دخولها باتفاق على تسليم الناحية بعد معارك استمرت طيلة تلك المدة كان السكان خلالها ينتظرون دعمًا حكوميًا بالسلاح للدفاع عن أنفسهم، لكن هذا الدعم لم يصل إلا بعد تسعة أشهر، وبعد أن قتل الكثير من أبناء الناحية دفاعًا عن أنفسهم.
وفي الجانب الآخر تمكن أبناء ناحية الضلوعية (90 كيلومترا إلى الجنوب من تكريت) من طرد عناصر تنظيم داعش من الناحية، فتحملوا من الخسائر ما لا تطيقه منطقة صغيرة حشد لها تنظيم داعش المئات من عناصره، وشن هجمات تكاد تكون يومية عليها، فقدمت أكثر من 150 قتيلاً من أبنائها دون أن تسعفها الحكومة العراقية إلا بعدد قليل من قطع السلاح والعتاد والرجال.
وبعد أن وضعت الحرب أوزارها في المنطقتين وتمكن أبناؤهما، بمساعدة القوات الحكومية، من طرد عناصر تنظيم داعش منهما، وبدأ النازحون العودة إليهما، بدأت معاناة أخرى تمثلت بالخراب والدمار والدماء التي سالت على أرضيهما دون التفاتة حقيقة من الحكومة لتعويض أبناء الناحيتين عما فقدوه، الذي شكل علامة متميزة في قتال تنظيم داعش الذي يصنف على أنه تنظيم يستهدف الشيعة فقط.
ويشعر أبناء الناحيتين بالأسف والخذلان من موقف الحكومة العراقية الضعيف تجاه معاناتهم الإنسانية التي ما كانت لتحصل لو أنهم لم يحملوا السلاح بوجه «داعش» ويقاتلوه قتال المستميت دون مساعدة الحكومة أو أي جهة كانت.
ويصف ليث الحميد مدير ناحية العلم موقف الحكومة المركزية تجاه معاناة أهالي الناحية بالضعيف ويقول لوكالة الأنباء الألمانية: «إن لدينا الكثير من المشكلات التي نحتاج إلى وقفة حقيقة وسريعة من الحكومة من أجل تجاوزها لإعادة الحياة إلى الناحية التي تعد من أهم النواحي في محافظة صلاح الدين لقربها من مدينة تكريت وكونها منطقة زراعية من الطراز الأول في المحافظة».
ويتساءل حميد: «ماذا قدمت لنا الحكومة المركزية والمحلية في صلاح الدين؟ فالكهرباء نادرة ومشاريع المياه لم تشغل بكامل طاقتها، فضلاً عن عشرات البيوت المدمرة، وكذلك عدم الالتفات إلى أهالي الضحايا الذين قدموا أنفسهم قربانًا للوطن والذين تم العثور عليهم في مقابر جماعية صنعها تنظيم داعش بأبناء الناحية». ويتابع: «ماذا نستفيد من زيارات المسؤولين وتصريحاتهم، حيث لم يتم حتى الآن رصد أي مبالغ لإعادة إعمار البنية التحتية في الناحية بسبب الحرب
على (داعش) وتحرير الناحية، وأيضا بسبب ترك أهالي الناحية لها وتدمير معظم مرافقها».
ودعا مدير الناحية، وهو أعلى سلطة إدارية فيها، الحكومة إلى تنفيذ ما وعد به المسؤولون والذي لا يشكل تجاوزا للحقوق بل هو أبسط حقوق الإنسان لمنطقة قاتلت وضحت بالعشرات من أبنائها من أجل القضاء على «داعش» فيما لا يزال أكثر من مائة منهم محتجزين لدى التنظيم لا يعرف مصيرهم حتى الآن.
وفي الضلوعية قال رئيس المجلس البلدي فيها خلف تركي: «إن البنية التحتية للمدينة شهدت دمارًا هائلاً بسبب طول مدة الحصار الذي فرضه داعش عليها وكثافة الهجمات التي تعرضت لها المنطقة مما أدى إلى دمار هائل في معظم مرافقها».
وأضاف: «ولولا عناية الله سبحانه وتعالى الذي وفر مانعًا طبيعيًا بوجه عناصر تنظيم داعش، وهو نهر دجلة، ومن ثم صمود أبناء الناحية، لتمكن (داعش) من إبادة معظم سكانها الرافضين لـ(داعش) فكرًا وممارسة».



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.