أطفال بنغازي في مرمى المتطرفين.. وحكومة الثني تطالب مجددًا بتسليح الجيش

الأمم المتحدة تتهم الميليشيات المسلحة في ليبيا بخطف المدنيين وتعذيبهم

مقاتلان من ميليشيا فجر ليبيا خلال اشتباكات جنوب طرابلس مع القوات الموالية للحكومة الليبية المعترف بها دوليا أمس (أ.ف.ب)
مقاتلان من ميليشيا فجر ليبيا خلال اشتباكات جنوب طرابلس مع القوات الموالية للحكومة الليبية المعترف بها دوليا أمس (أ.ف.ب)
TT

أطفال بنغازي في مرمى المتطرفين.. وحكومة الثني تطالب مجددًا بتسليح الجيش

مقاتلان من ميليشيا فجر ليبيا خلال اشتباكات جنوب طرابلس مع القوات الموالية للحكومة الليبية المعترف بها دوليا أمس (أ.ف.ب)
مقاتلان من ميليشيا فجر ليبيا خلال اشتباكات جنوب طرابلس مع القوات الموالية للحكومة الليبية المعترف بها دوليا أمس (أ.ف.ب)

طالبت الحكومة الانتقالية في ليبيا مجددا، أمس، المجتمع الدولي برفع الحظر على تسليح الجيش الليبي لتمكينه من التصدي للجماعات الإرهابية، فيما اتهمت بعثة الأمم المتحدة المجموعات المسلحة في جميع أنحاء ليبيا بالمسؤولية عن اختطاف المدنيين بمن في ذلك القصَّر بسبب أصولهم أو آرائهم أو انتماءاتهم العائلية أو السياسية الفعلية أو المتصورة.
وحثت الحكومة التي يترأسها عبد الله الثني وتحظى بالاعتراف الدولي، في بيان أصدرته أمس من مقرها المؤقت بمدينة البيضاء بشرق البلاد، من وصفتهم بـ«منتسبي الجيش والشرفاء الليبيين» على التصدي لهذه الجماعات الإرهابية حتى يتم تطهير مدينة بنغازي منها. ودعت المجتمع الدولي إلى «مراقبة تدفق الأسلحة والذخائر للإرهابيين»، مؤكدة عزمها على محاربة الجماعات الإرهابية التي اتهمتها مجددا بإطلاق الصواريخ العشوائية على الأحياء والمناطق السكنية في مدينة بنغازي بشرق البلاد.
واندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش والمتطرفين بمحيط «ميناء المريسه» أمس، بمنطقة ‏قنفودة في بنغازي، بينما حصدت قذائف الميليشيات المتشددة مزيدا من أرواح الأطفال حيث قتل 8 أشخاص من أسرة واحدة، بينهم 7 أطفال، في قصف على حفل زفاف، وذلك بعد أيام على مصرع 3 آخرين بهجمات مماثلة.
وقال مدير الشؤون الطبية بمستشفى الجلا ببنغازي، أشرف السعيطي، إن الضحايا سقطوا في قصف عشوائي طال منزل الأسرة الواقع في منطقة مجاورة لحي الصابري، الذي يعد معقل الجماعات المتشددة. وكشف الطبيب أن أعمار الأطفال القتلى تتراوح بين خمسة أعوام وعشرة، لتضاف هذه الجريمة إلى سلسلة انتهاكات المتشددين الذي يسيطرون منذ أشهر على مناطق عدة في ليبيا، علما بأن 3 أطفال قتلوا في قصف لتنظيم داعش على منطقة بلعون في بنغازي التي باتت تخضع لسيطرة الجيش، باستثناء بعض المناطق التي تتحصن الميليشيات المتشددة فيها وأبرزها حي الصابري.
من جهتها، قالت بعثة الأمم المتحدة في بيان لها أمس إن المختطفين في ليبيا يتعرضون عادة لخطر التعذيب والمعاملة السيئة، وكثيرًا ما يحرمون من الاتصال بعائلاتهم، مشيرة إلى أن بعضهم توفي أثناء الاحتجاز، وقد يتم إعدامهم دون محاكمة أو تعذيبهم حتى الموت.
ولاحظت أن جرائم اختطاف المدنيين ترتكب على خلفية الاقتتال المستمر والأزمة السياسية العميقة والهجمات الإرهابية وانتشار «داعش» وغيره من المجموعات المتطرفة والفوضى وانهيار نظام العدالة الجنائية، مما يترك للضحايا والعائلات سبلا قليلة لجبر الضرر. وأضافت في تهديد مبطن للميليشيات المسلحة: «ويتحمل المسؤولون عن ارتكاب هذه الجرائم أو توجيه أوامر بارتكابها أو الإخفاق في منعها عندما يسمح وضعهم بذلك، المسؤولية الجنائية، بما في ذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية».
وأكدت البعثة مجددا على التزام أطراف الحوار السياسي الليبي بمعالجة قضية المحتجزين بشكل غير قانوني والمفقودين بوصفها جزءا من تدابير بناء الثقة، مشيرة إلى أن عددا من عمليات تبادل الأسرى قد جرى في الأشهر والأيام الأخيرة. ودعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا كل من لديه سيطرة فاعلة على الأرض للامتناع عن اختطاف المدنيين على أساس الهوية أو الرأي، والإفراج الفوري عن المحتجزين لهذه الأسباب وضمان سلامة كل من حرم من حريته.
وعسكريا، أكد مصدر مطلع في الجيش الموالي لما يسمى حكومة الإنقاذ الوطني برئاسة خليفة الغويل، استقرار الأوضاع غرب العاصمة طرابلس وحتى الزاوية على طول الطريق الساحلي. ونقلت الوكالة الموالية لحكومة الغويل عن المصدر أن منطقة الشريط الساحلي من جنزور وحتى الزاوية مؤمنة وتحت السيطرة بالكامل من قبل كتيبة المرداس التابعة لغرفة العمليات المشتركة، كما شهدت المدن والمناطق الغربية هدوءا نسبيا في جميع محاور الاشتباكات، حيث لم تسجل أي مواجهات تذكر. وقال العقيد محمد مهرة إن الأوضاع الأمنية في المحاور العسكرية الممتدة من طرابلس وحتى رأس جدير تحت السيطرة ولا توجد أي مواجهات، موضحا أن كل القوات متمركزة في أماكنها.
وفي غضون ذلك، تسبب التوتر الأمني والاشتباكات المتقطعة بالبوابة الجنوبية لمدينة جالو في حالات نزوح جزئي من مدينة الكفرة وصلت ليل أمس إلى جالو، معظمهم من العائلات، بينما توقفت حركة الشاحنات التي تنقل الوقود والسلع بسبب عمليات النهب والسرقة التي يتعرضون لها قبل منطقة أبو زريق مما تسبب في نقص للمواد الأساسية.
في المقابل، توقف القتال أمس بمدينة الكفرة جنوب البلاد بعد الأحداث الدامية والمؤلمة التي شهدتها المدينة.
وفى مدينة سرت التي تبعد نحو 400 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس، قام عناصر من تنظيم داعش المتطرف بقتل شابين عبر قطع رأسيهما في منطقة هراوة قرب مدينة سرت وسط ليبيا، بعدما نصبوا لهما كمينا.
ونقلت وكالة الأنباء الموالية للحكومة في طرابلس عن مصدر في المجلس المحلي لهراوة التي تبعد نحو 70 كيلومترا شرق سرت أن «مجموعة مسلحة تنسب نفسها لما يسمى بتنظيم الدولة هاجمت عددا من شباب المنطقة ما أدى إلى مقتل اثنين وجرح ثلاثة آخرين». وأوضح أن «المجموعة المسلحة نصبت كمينا داخل مبنى تحت الإنشاء على أطراف المنطقة وتمكنت من مباغتة هؤلاء الشباب غير المسلحين وقامت بقتل اثنين منهم وفصل رأسيهما عن جسديهما ولاذت بالفرار، فيما أصيب الثلاثة الآخرون بجروح متفاوتة». وشهدت هراوة مؤخرا اشتباكات بين أهالي المنطقة الذين يديرون الأمن فيها وهذه العناصر، مما أدى إلى مقتل الكثير منهم (عناصر التنظيم المتطرف) وطردهم خارج المنطقة. وينتمي معظم سكان هراوة إلى قبيلة أولاد سليمان الموالية لقوات «فجر ليبيا» التي تسيطر على العاصمة طرابلس منذ الصيف الماضي.
وشن مسلحون هجوما داخل سرت خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، تمكنوا خلاله من السيطرة على الأجزاء الكبرى من المدينة وغالبية المباني الحكومية فيها، قبل أن يعلنوا أنهم ينتمون إلى تنظيم داعش.
وتخوض قوات موالية للحكومة في طرابلس منذ أسابيع اشتباكات عند مداخل المدينة وفي مناطق أخرى قريبة منها مع هؤلاء المسلحين، بينما يقول مسؤولون في طرابلس إن تنظيم داعش تحالف مع مؤيدين للنظام السابق في هذه المنطقة التي تضم حقولا نفطية مهمة.
وإلى جانب سرت والمناطق المحيطة بها، يوجد التنظيم في مدينة درنة الواقعة على بعد نحو 1300 كيلو شرق طرابلس، والخاضعة لسيطرة مجموعات مسلحة متشددة، حيث يؤكد مسؤولون في طرابلس أن لتنظيم داعش خلايا نائمة في العاصمة حيث تبنت هذه المجموعة المتطرفة تفجيرات وقعت في المدينة خلال الأسابيع الماضية.
إلى ذلك، أشاد تحالف القوى الوطنية بالأخبار القادمة من المنطقة الغربية التي تخص المصالحة بين مدينتي الزاوية والزنتان والتي توجت بتبادل أبناء المدينتين المحتجزين في الفترة الماضية.
وقال التحالف إنه، وهو يبارك ما وصفه بالحراك الوطني الشجاع، يناشد الجميع السمو على الجراح والقفز على الخلافات والمبادرة بمثل هذه الخطوات الشجاعة، كما أثنى التحالف على دعوة مجلس النواب مؤخرا لمصالحة شاملة للم شمل الليبيين وتوحيد صفهم لتحقيق الاستقرار.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.