الكونغرس يقر قانونًا يمنحه حق مراجعة أي اتفاق نووي مع إيران

القرار يعطي مهلة 30 يومًا لمراجعة الاتفاق والموافقة عليه أو رفضه

الكونغرس يقر قانونًا يمنحه حق مراجعة أي اتفاق نووي مع إيران
TT

الكونغرس يقر قانونًا يمنحه حق مراجعة أي اتفاق نووي مع إيران

الكونغرس يقر قانونًا يمنحه حق مراجعة أي اتفاق نووي مع إيران

بالتزامن مع قمة كامب ديفيد، أقر الكونغرس الأميركي بشكل نهائي مساء أول من أمس قانونا يمنح أعضاء الكونغرس صلاحيات الحق في النظر في الاتفاق النووي النهائي الذي قد تتوصل إليه الولايات المتحدة مع مجموعة 5+1 مع إيران خلال الأسابيع المقبلة.
وفي توافق نادر بين الجمهوريين والديمقراطيين داخل الكونغرس جاء تصويت مجلس النواب بأغلبية 400 صوت مقابل اعتراض 25 صوتا. وكان مجلس الشيوخ قد صوت لصالح مشروع القرار في 7 مايو (أيار) الحالي بموافقة 98 صوتا مقابل اعتراض صوت واحد. وينص القانون الجديد على أن يقدم الرئيس الأميركي أي اتفاق نهائي يتم التوصل إليه مع إيران إلى الكونغرس لدراسته خلال فترة 30 يوما، ويكون القرار فيه بالموافقة أو الرفض، ثم يقدم للرئيس أوباما، وفي خلال 12 يومًا يصدر الرئيس أوباما قراره إما بالموافقة عليه وإما يستخدم حق الفيتو (الاعتراض) عليه في الاعتراض على قرار الكونغرس. وفي حال استخدام الرئيس لحق الفيتو يعود القرار مرة أخرى للكونغرس لمناقشته خلال عشرة أيام ثم التصويت عليه بأغلبية الثلثين إما بتمرير قرار الكونغرس وإما رفضه وإما بتمرير المشروع كما أقره الرئيس أوباما في حال الفشل في الحصول على تصويت أغلبية الثلثين.
وقال النائب الجمهوري إد رويس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والنائب الديمقراطي إليوت إنجل، إن مشروع القانون تمت صياغته بعناية من خلال الحزبين الديمقراطي والجمهوري بما يوفر للكونغرس الإشراف اللازم دون الإضرار بمفاوضات القوى العالمية الحالية مع طهران.
وخلال الجلسة مساء أول من أمس شدد الأعضاء الديمقراطيون بمجلس النواب على التأكيد على جهود الرئيس وإدارته لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي وأهمية استخدام الدبلوماسية بدلا من التهديد بالحرب، وقال الكثير من الجمهوريين بمن فيهم النائبة إليانا روس ليتينين شاروا، إن الصفقة التي يجري التفاوض عليها سيئة، وإنها تمنح إيران الكثير من التنازلات دون الحصول على شيء في المقابل وتشكك بعض الجمهوريين في إصرار الرئيس أوباما في التوصل إلى اتفاق مع إيران بأي ثمن بهدف تعزيز إرثه في السياسة الخارجية. ودافعت عضوة مجلس النواب الديمقراطية باربرا لي عن ذلك بقولها إنه إذا كان إرث أوباما يتضمن منه حربا محتملة مع إيران فإن ذلك يستحق العمل من أجل تحقيقه.
ورفض النائب الجمهوري مايك بومبيو إعطاء الرئيس صلاحيات واسعة في التفاوض مع إيران والتنازل عن رفع العقوبات المفروضة على إيران، وقال لا يمكننا إعطاء شيك على بياض للرئيس لتوقيع صفقة سيئة مع أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم.
وجاء التصويت على مشروع القانون في الوقت الذي كان فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما يعقد مشاورات قمة كامب ديفيد مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي لإقناعهم بأن الاتفاق النووي الإيراني لم يقلل من التزامات الولايات المتحدة بأمن منطقة الخليج.
وأشاد السيناتور الجمهوري بوب كروكر الذي شارك في صياغة مشروع القانون بتصويت مجلس النواب على المشروع، وقال: «من دون هذا القانون ليس هناك قيود على قيام الرئيس بتقديم تنازلات ورفع العقوبات التي وضعها الكونغرس على إيران».
وقال السيناتور الديمقراطي بن كاردين: «هدفنا هو منع إيران من أن تصبح دولة نووية نهائيا»، مشيرا إلى أن تدخل الكونغرس في مراجعة الاتفاق عندما يتم التوصل إليه سيعزز يد الولايات المتحدة.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.