دراسة معمَّقة للمجالات الكهربائية في العواصف الرملية

علماء «كاوست» يطورون «إطار محاكاة حاسوبي» لرصد تكون الشرارات الكثيفة فيها

دراسة معمَّقة للمجالات الكهربائية في العواصف الرملية
TT

دراسة معمَّقة للمجالات الكهربائية في العواصف الرملية

دراسة معمَّقة للمجالات الكهربائية في العواصف الرملية

أحد الجوانب التي لم تحظَ بباعٍ كبيرٍ من الشهرة للعواصف الرملية هو قدرتها على توليد مجالات كهربائية عالية المقدار، إضافة إلى أن لديها القدرة على عرقلة أجهزة الاتصالات.
وقد أربكت هذه الظاهرة المعقدة الباحثين منذ القرن التاسع عشر. واليوم أظهرت الدراسات الحديثة أن الرمال يمكنها التقاط الكهرباء الساكنة من خلال الاصطدامات التي تحدث بالقرب من الأرض. ومع ذلك، تقل نسبة اليقين بشأن الكيفية التي تتصرف بها الرمال المُكهربة بمجرد أن تنتقل في الهواء. حيث تتطلب قوة المجال المرصودة بعض الوسائل لفصل الجسيمات المشحونة بشكل معاكس عن بعضها البعض على نطاقات كبيرة.
في مختبرات جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، تم إجراء نمذجة دقيقة باستخدام إطار محاكاة طوره علماء الجامعة. فقد أدرك البروفسور رافي سامتاني، أستاذ الهندسة الميكانيكية بالجامعة وفريقه أنه نظراً لحدوث عدد قليل جداً من الاصطدامات بين جسيمات الرمل في الغلاف الجوي، فثمة آلية فيزيائية أخرى تضطلع بتكوين المجال الكهربائي. وافترضوا أن الاضطراب - وهو الحركة العشوائية لجزيئات الرمل المُضمنة في تدفق الهواء - قد يتسبب في فصل حبيبات الرمل تلقائياً. إلا أنّ؛ إثبات هذه النظرية يتطلب بعض الوسائل لتبسيط مشكلة تتمركز مع العديد من المتغيرات الديناميكية.
وهو ما يشير إليه سامتاني حيث يقول: «سيتطلب فصل كل تلك الجزيئات الرملية والحركات المضطربة قوة حاسوبية غير واقعية». ويردف قائلاً: «لذلك نستخدم ما يسمى بمحاكاة الدوامة الكبيرة، بحيث يتم تخفيف التقلبات أو الدوامات الصغيرة وتبقى التقلبات أو الدوامات الكبيرة فقط. ونقوم بوضع النموذج داخل العاصفة الرملية، لعدة دقائق أو لساعات، لنرى ما هو ثابت إحصائياً».
ويرى سامتاني أن محاكاة الدوامات الكبيرة ستكون هي مستقبل ديناميكا الموائع الحسابية في التطبيقات الصناعية وتطبيقات الديناميكا الهوائية. وتجدر الإشارة إلى أن علماء الأرصاد الجوية استخدموا استراتيجية محاكاة الدوامات الكبيرة لسنوات عديدة بغية التنبؤ بالطقس.
علاوة على ذلك، فقد انضم مصطفى رحمان إلى مجموعة سامتاني؛ لبحث هذه المشكلة، كجزء من بحث رسالة الدكتوراه الخاصة به. كما أنه ساعد في تطوير نهج يتم فيه تشكيل الدوامات المضطربة للعواصف الرملية داخل صندوق افتراضي، يمتد من مستوى الأرض إلى ارتفاعات تُقَاس بالكيلومتر في الغلاف الجوي. ومن هنا تحكموا في شدّة العاصفة الرملية باستخدام خوارزمية تُدخل كثافات مختلفة من الجسيمات المشحونة في الصندوق، وذلك فوق أرضية الصحراء مباشرة.
وبشيء من التوضيح يقول رحمان: «عند القرب من الأرض، يقترن الهواء المضطرب بنقل الرمال ويؤثر كل منهما على الآخر، كما أن هذه الآليات مُربكة من ناحية التصميم القائم على استخدام التقنيات التقليدية».
قضى الفريق شهوراً في النمذجة والبرمجة على حاسوب «كاوست» العملاق (شاهين 2)، لحل الدوامات الكبيرة بما يكفي من التفصيل. وتوضح حساباتهم أن الحبيبات الأصغر حجماً قد مالت إلى اتباع التدفق المضطرب، لكن الحبيبات الأكبر لم تقم بذلك. ونظراً لأن الأحجام الصغيرة والكبيرة من حبيبات الرمل لهما شحنات معاكسة، فإن هذا الفصل القائم على الاضطراب قد ولّد مجالاً كهربائياً يحمي نفسه ويعزز من عملية فصل الشحنات. وهذا يؤدي في نهاية المطاف إلى إنتاج مجالات كهربائية تقترب بنحو عدة مئات الآلاف من الفولتات لكل متر، والتي تتطابق بدقة مع قياسات المجال.
وهو ما يؤكده سامتاني حين يقول: «إن إعادة إنتاج قياسات المجال الكهربائي يعني إمكانية استخدام إطار المحاكاة الخاص بنا كأداة تنبؤية، حتى فيما يتعلق بالمركبات الجوالة والأقمار الصناعية التي تتعامل مع أعاصير صغيرة تعرف بـ(شياطين الغبار) على سطح المريخ».



لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»