احتفاء تشكيلي بعادات وملامح رمضان في مصر

معرض قاهري يشارك به 20 فناناً

«زينة رمضان» عمل للفنانة أروى جمعة (الشرق الأوسط)
«زينة رمضان» عمل للفنانة أروى جمعة (الشرق الأوسط)
TT

احتفاء تشكيلي بعادات وملامح رمضان في مصر

«زينة رمضان» عمل للفنانة أروى جمعة (الشرق الأوسط)
«زينة رمضان» عمل للفنانة أروى جمعة (الشرق الأوسط)

يعد شهر رمضان المبارك محفزاً دوماً لإبداع الفنانين التشكيليين في مصر، بما يحمله من عبادات وروحانيات، وملامح احتفالية تعبر عن طقوس شديدة الخصوصية، تنفرد بيها البيئة المصرية خلال الشهر الكريم.
ومع هذه العلاقة الوثيقة، التي تتواصل بشكل مستمر، يحتفي نحو 20 فناناً مصرياً بشهر الصيام من خلال عن تفاعلهم مع عاداته وملامحه التراثية من خلال توظيف الرموز الدينية والاجتماعية التي ترمز إلى شهر رمضان، وذلك في معرضهم الجماعي الذي يستضيفه غاليري «أرت كورنر» بالعاصمة المصرية القاهرة، حتى نهاية الشهر.
يحمل المعرض عنوان «رمضان كريم مع تحيات بيت جلال»، في إشارة إلى ذلك المركز الثقافي الكائن بحي عابدين بوسط القاهرة، الذي جمع الفنانين المشاركين بالمعرض من خلال بعض الورش الفنية، والتي أثمرت عن إبداعات متعددة، ظهرت للنور خلال الأشهر الماضية، فكان التفكير في جمعها للعرض في مكان مغاير وأمام جمهور مختلف.

عمل للفنان أدهم لطفي (الشرق الأوسط)

يقول الفنان سمير عبد الغني، منظم المعرض، لـ«الشرق الأوسط»: «أنتجت الورش الفنية في (بيت جلال)، إبداعات متعددة أبدعتها أنامل فنانين من أعضاء الورش من مختلف الاتجاهات، ومع تزايد الأعمال فكرنا في أن تخرج هذه الأعمال من تلك القاعة المتحفية إلى قاعة عرض جماهيرية لترى النور، ومع حلول شهر رمضان اخترنا بعض الأعمال التي تتماس مع الشهر الكريم، إلى جانب مجموعة أخرى من الأعمال متنوعة الموضوعات، مقدمين إياها جميعاً لكي يشاهدها الجمهور المتذوق للفنون، مما يجعلها بمثابة هدايا رمضانية نقدمها لهم».
ويلفت عبد الغني إلى أن الفنانين رصدوا بعض التفاصيل البسيطة التي تميز الشهر الفضيل، واحتفلوا بروحانياته وعاداته في أعمالهم الفنية، التي تنتمي إلى فنون الرسم بالزيت والكاريكاتير والتشكيل بقماش الخيامية والكولاج والـ«ديجيتال أرت» وغيرها، مما جعل المعرض حالة احتفالية بالمظاهر الرمضانية.
من أبرز هذه المظاهر الاحتفالية أقمشة «الخيامية»، تلك الأقمشة الملونة المزخرفة بالنقوش اليدوية التي تستخدم في الديكورات والتزيين خلال الشهر الفضيل، والتي تطورت عبر الأزمنة المختلفة، إلى أن تحولت على يد الفنان المصري محمود أسعد إلى لوحات فنية، حيث طوّر الخيامية منتقلاً بها إلى رحاب الفن التشكيلي، وهي الأعمال التي تبرز من خلال المعرض.
يقول أسعد لـ«الشرق الأوسط»: «الخيامية أحد المظاهر المرتبطة بشهر رمضان، حيث تعكس تراثنا المصري، وحتى لا ينقرض هذا الفن أخذت على عاتقي تطوير الخيامية، حيث أقوم بإعادة تنفيذ لوحات عالمية باستخدام أقمشة الخيامية، ثم قمت بتمصير بعضها الآخر بإضافة الروح المصرية عليها». ويلفت إلى أن المعرض يضم عدداً من لوحاته المنفذة بالأقمشة الملونة وأيضاً الأبيض والأسود، كنوع من تجديد أفكار الخيامية خلال شهر رمضان.

«القناع»  للفنان محمود أسعد

من مظاهر شهر رمضان في مصر، احتفال غير المسلمين أيضاً بالشهر الكريم، لذا ليس غريباً أن يبدع الفنانون المسيحيون أعمالاً تعكس مظاهر الشهر، وهي الحالة الإبداعية التي تمتد إلى المعرض، فمن بين المشاركين تأتي أعمال الفنانة كريستين جوهري، التي قامت من خلال لوحتين بالإطلال على ملمح جوهري يميز أمسيات شهر رمضان في مصر، وهو الملمح التراثي المتمثل في عروض «التنورة» و«المولوية».
وتوضح كرستين جوهري قائلة: «تجذبني منذ سنوات في شهر رمضان عروض التنورة وكذلك رقصة المولوية، حيث تلك العروض التي يبدع أصحابها في الحركات والرقص في دوائر، ومع البحث وجدت أن لهما اتجاهاً صوفياً، فحاولت التعبير عنهما، خصوصاً أن حركات الراقصين والألوان استهوتني كثيراً، ووجدت فيهما تحدياً فنياً في كيفية انعكاس الألوان على سطح اللوحة، وكذلك نقل اتجاه الحركة».

«فانوس رمضان» لجلال جمعة

بخلاف ذلك، تأتي لوحة الفنان رضا خليل، بعنوان «المهرج»، لتعبر عن ملمح من ذكرياته الطفولية المرتبطة بشهر رمضان في المناطق الشعبية بالقاهرة، تلك الشخصية التي تقوم بعمل الحركة الأكروباتية، إلى جانب ملابسه المبهرجة وضحكاته الساخرة.
في فلك المناطق الشعبية أيضاً، تأتي لوحة الفنان فتحي علي، وهي عبارة عن بورتريه لوجه فتاة من حي الجمّالية بالقاهرة، ومن خلاله يحاول تلخيص الأجواء الحميمية التي تربط بين المصريين خلال شهر رمضان.



أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.