جولة مفاوضات جديدة بين هافانا وواشنطن لتطبيع العلاقات

دبلوماسية مكثفة سعيًا لإعادة فتح السفارتين

جولة مفاوضات جديدة بين هافانا وواشنطن لتطبيع العلاقات
TT

جولة مفاوضات جديدة بين هافانا وواشنطن لتطبيع العلاقات

جولة مفاوضات جديدة بين هافانا وواشنطن لتطبيع العلاقات

عقب الجهود التاريخية للمقاربة بين الولايات المتحدة وكوبا، وبعد عقود من القطيعة الدبلوماسية ستستأنف الدولتان، خلال الأسابيع المقبلة، مفاوضات حول إعادة فتح السفارتين في كل من هافانا وواشنطن.
وأعلن وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه «خلال الأسابيع المقبلة، سنجري في واشنطن جولة جديدة من المفاوضات حول معاودة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارتين»، مشيرا إلى عدم الاتفاق بعد على موعد محدد لذلك.
وعقد الطرفان اجتماعات تفاوض عدة منذ إعلان الرئيسين الأميركي باراك أوباما والكوبي راؤول كاسترو، في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سعيهما لمعاودة العلاقات الدبلوماسية التي قطعت قبل 54 عاما في 1961.
وتقود المفاوضات من الجهة الأميركية مساعدة وزير الخارجية لشؤون أميركا اللاتينية روبيرتا جاكوبسون، ومن كوبا المسؤولة عن شؤون الولايات المتحدة جوزيفينا فيدال.
وفي واشنطن، قال مسؤول في وزارة الخارجية: «نتوقع أن نلتقي الأسبوع المقبل»، مؤكدا أن لم يُحدد أي موعد للاجتماع حتى الآن.
أما رودريغيز، فأوضح أن المحادثات شهدت تقدما «ملحوظا» فيما يتعلق بالسماح للبعثة الدبلوماسية الكوبية في واشنطن بفتح حساب مصرفي، الأمر الذي لم تستطع أن تقوم به حتى اللحظة بسبب الحصار التجاري والمالي الذي تفرضه الولايات المتحدة على الجزيرة الشيوعية، منذ عام 1962.
وعُقدت جلسة المفاوضات الأخيرة بين الطرفين في 16 مارس (آذار) الماضي في هافانا. وفي أبريل (نيسان) الماضي، التقى أوباما وكاسترو في اجتماع رمزي على هامش قمة الأميركتين في بنما.
وبعد ذلك، أبلغ الرئيس الديمقراطي الكونغرس، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، نيته شطب اسم كوبا عن لائحة الدول الداعمة للإرهاب، وهي قضية أساسية في المفاوضات.
ومن شأن خطوة كهذه أن تسمح لكوبا بالحصول على تمويل هي بحاجة ماسة إليه من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ولم يستبعد البيت الأبيض، يوم الاثنين الماضي، على لسان المتحدث باسمه، أن يقوم أوباما بزيارة إلى كوبا خلال العام المقبل.
وفي الجزيرة الشيوعية، أعلن كاسترو يوم الثلاثاء الماضي أن المحادثات تجري «بشكل جيد»، كما أن البلدين قد يعينان سفيرين فور شطب كوبا من لائحة الدول الداعمة للإرهاب.
وقال كاسترو إن «ذلك قد يحصل بعدما تنتهي في 29 مايو (أيار) الحالي، المهلة المتاحة للكونغرس للاعتراض على القرار، وقدرها 45 يوما».
وأمام الجمهوريين مهلة حتى 29 مايو للاعتراض عبر قرار مشترك من مجلسي الشيوخ والنواب على هذه الخطوة، وحتى في حال حصول ذلك، فسيكون من الصعب عليهم جمع الأصوات اللازمة لإبطال الفيتو الذي يحق للرئيس اللجوء إليه.
إلا أن كاسترو أكد أن تعيين السفيرين «يمكننا من توسيع علاقاتنا، لكن التطبيع هو موضوع آخر»، مذكرا بأن هافانا تطالب لتحقيق ذلك بـ«إلغاء الحظر والتنازل عن القاعدة الأميركية في غوانتانامو» في جنوب شرقي البلاد.
وطلب الرئيس الديمقراطي من الكونغرس العمل على رفع الحظر، لأن الصلاحية الدستورية لاتخاذ هذا الإجراء تعود إليه وحده. لكن مجلسي الشيوخ والنواب لا يزالان منقسمين حول هذا الموضوع.
وبالنسبة إلى غوانتانامو، سبق أن أعلنت الحكومة الأميركية عزمها على إغلاق السجن، ولكن لا اتجاه لديها حتى الآن للتنازل عن الأرض التي تحتلها منذ 1903.
وتطرق رودريغيز إلى مسألة أخرى وهي أن فرنسا، التي زار رئيسها فرنسوا هولاند كوبا هذا الأسبوع، قامت بدور أساسي في محاولة إصلاح العلاقات بين الجزيرة والاتحاد الأوروبي.
وكانت العلاقات شهدت توترات خلال السنوات الماضي بسبب قلق الاتحاد الأوروبي من ممارسات كوبا على صعيد حقوق الإنسان، من بينها معاملتها للسجناء السياسيين.
ويبحث الطرفان اتفاقا للدفع بالحوار السياسي والتعاون بحلول نهاية العام الحالي. ويعتقد رودريغيز أن ذلك ممكن أن يحصل خلال المهلة المحددة.



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.