«سعياً وراء الصوت»... موسيقى وحياة آنيو موريكوني

واحد من أكثر الشخصيات الموسيقية تأثيراً في القرن العشرين

«سعياً وراء الصوت»... موسيقى وحياة آنيو موريكوني
TT

«سعياً وراء الصوت»... موسيقى وحياة آنيو موريكوني

«سعياً وراء الصوت»... موسيقى وحياة آنيو موريكوني

كتاب «سعياً وراء الصوت»، وهو سيرة الموسيقار الإيطالي آنيو موريكوني، تأليف أليساندرو دي روسا، الصادر عن «دار المدى» بترجمة عباس المفرجي، هو نتيجة سنوات من الاجتماعات بين آنيو موريكوني والملحن الشاب أليساندرو دي روسا. إنه حوار كثيف وعميق، وفي الوقت نفسه واضح ودقيق، يتناول الحياة والموسيقى والطرق الرائعة وغير المتوقعة التي تتواصل بها الحياة والموسيقى، وتؤثران بعضهما في بعض.
يروي موريكوني مسيرته المهنية بالتفصيل: سنوات الدراسة في المعهد الموسيقي، بداياته الاحترافية؛ حيث قام بكتابة وترتيب عديد من الأغاني الناجحة من بين عديد من الأغاني الأخرى التي تم عزفها، والتعاون مع أهم المخرجين الإيطاليين والأجانب، من سرجي ليوني إلى بازوليني، إلى برتولوتشي وتورناتوري، من دي بالما إلى ألمودوفار، حتى تارانتينو.
في الصفحات التي تسبب النشوة لكل من يحب الموسيقى والفن، يفتح المايسترو أبواب مختبره الإبداعي لأول مرة، لتعريف القارئ بالأفكار التي هي في صميم فكره الموسيقي، والتي جعلته من ألمع ملحني عصرنا.
يقول موريكوني: «هذا الاستكشاف الطويل، هذا التأمل المكثف، كان مهماً وحتى ضرورياً في هذه المرحلة من حياتي، والأهم من ذلك كله، أنا منذ ذلك الحين اكتشفت أن مواجهة ذكرياتي لم تستتبع السوداوية حول أشياء انسلَّتْ مع حياتي فحسب؛ بل أيضاً النظر إلى الأمام، لإدراك أني ما زلت هنا لأتساءل: ما يمكن أن يحدث بعد؟».
أما أليساندرو دي روسا فيتحدث في بداية الكتاب عن المصادفة التي قادت خطاه للتعرف على موريكوني، الذي كان قبل اللقاء قد تعرف على موسيقاه منذ كان طفلاً، فهو يتذكر أنه شاهد «سرّ الصحارى» على التلفزيون بعمر 3 أعوام، وقطعاً موسيقية من المسلسل التلفزيوني «الأخطبوط»، ليكتشف أن كل موسيقى الأفلام تلك إنما كانت من تأليف موريكوني.
ويشير دي روسا إلى فرصة اللقاء الشخصي بموريكوني، عندما أخبره والده أن الأخير سيلقي محاضرة في ميلانو، فذهب مصطحباً تسجيلاً لبعض مقطوعاته التي ألفها هو، لإطلاعه عليها، لتستمر علاقتهما إلى الوقت الذي عُرض عليه «مشروع» الكتابة عنه، والتي لا تمثل هذه الصفحات سوى «القمة من جبل الجليد»؛ حيث سلمه مسودة الكتاب كاملة في الذكرى العاشرة لأول لقاء بينهما.
كان أول ظهور له في السينما كمؤلف موسيقى تصويرية هو مع المخرج لوتشانو سالتشي عام 1961 الذي كان يقول عنه موريكوني: «كان جنتلمان من زمن آخر، كان ذكياً، فضولياً، وحاد الذهن». وكان قد وضع الموسيقى التصويرية لعدد من أفلامه ومنها: «الفاشي، وإل غريكو». ولكن انطلاقته الحقيقية، والتي عرفه بها الجمهور كانت مع سرجيو ليوني عام 1964، وبالتحديد مع فيلم ليوني «حفنة دولارات».
ويتحدث موريكوني في كتابه هذا عن الطريقة الغريبة التي التقى بها الاثنان. ويسهب في الحديث عن ذكرياته مع سرجيو ليوني، وسلسلة أفلامه الأشهر «سلسلة الدولار»، وبالذات «حفنة دولارات» التي أكسبته أولى الجوائز التي حصل عليها، وتربعت على قمة قائمة المبيعات في فئة موسيقى الأفلام لذلك العام؛ لكنه يفاجئ قارئ الكتاب بقوله: «إنها الأسوأ»، يقول: «بصراحة، رغم العقبات التي واجهتني، ما زلت أعتقد أنها من بين الموسيقى الأسوأ التي ألفتها يوماً لفيلم».
وتحدث في مذكراته أيضاً عن «مشروع لينينغراد»، وهو الملحمة التي كان ليوني يعد لها لسنوات طوال. لم يكن الاثنان قد ناقشا الموسيقى بعد؛ لكن ليوني قدم أفكاراً عن موسيقى ذلك المشروع، وهو يتعلق بظهور أوركسترا في الفيلم يعزف واحدة من سمفونيات شوستاكوفيتش، كرمز للمقاومة. يقول موريكوني في مذكراته عن ذلك: «كان غريباً أنني لم أبدأ بكتابة مسوّدات لأي ثيمة؛ لكن تملّكني دائماً إحساس أن سرجيو كان يعرف أنه لن يتمّ المشروع».
أما عن المخرج السينمائي الأشهر بيير بازوليني الذي التقى به في وقت أثار فيه بازوليني كثيراً من الجدل في إيطاليا، وخصوصاً تلطيخ اسمه، واتهامه بجرائم وافتراءات صريحة، فيذكر موريكوني أنه وجده رجلاً دؤوباً، جدّياً، وشخصاً محترماً وصادقاً، متأثراً بحضوره ومعرفته به. ويقول إنه كان دائماً يعمل مع موسيقى مؤلَّفة سابقاً؛ خصوصاً من باخ وموتزارت، وغيرهما، و«هذه الطريقة لم تلائمني، فأجبت بأني بوصفي مؤلفاً موسيقياً لن أتعامل مع اقتباس من موسيقى الآخرين، مهما كانت جميلة»؛ لكن بازوليني منحه ثقته المطلقة فيما يختار من موسيقى، وكان راضياً عنها فيما بعد.
ورغم شهرته التي فاقت الآفاق في الموسيقى التصويرية، ومنها موسيقى أفلام أميركية كثيرة ومهمة، فإنه لم يُمنح سوى «الأوسكار» الفخرية عام 2007، وكان منحها له متأخراً، وكان «محبطاً تماماً لعدم فوزي بالأوسكار».
الكتاب لا يمكن أن يدّعي رواية تفاصيل كل جانب من نتاج آنيو موريكوني، ولا يهدف إلى ذلك؛ لأنها مهمة مستحيلة بالنظر إلى غنى وتعقيد سيرة حياة واحد من أكثر الشخصيات الموسيقية تأثيراً في القرن العشرين. ويكفي ما قاله موريكوني نفسه عن هذا الكتاب بأنه «الأفضل الذي كُتب عنه، الأكثر أصالة، والأكثر إسهاباً وحسن تنظيم. إنه الأصدق».



مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي
TT

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن مواضيع متنوعة، وخصص الملف لصناعة النخب في الوطن العربي، شارك فيه عدد من الباحثين العرب وهم: محمد شوقي الزين: صُورَةُ النُّخَب وجَدَل الأدْوَار. محمد الرميحي: المجتمع الخليجي وصناعة النخب: الوسائل والصعوبات! موليم العروسي: صناعة النخب وآلياتها. علي الشدوي: مواد أولية عن النخبة السعودية المؤسّسة. ثائر ديب: روسيا مطلع القرن العشرين وسوريا مطلع الواحد والعشرين: إنتلجنسيا ومثقفون.

أما حوار العدد فكان مع المؤرخ اللبناني مسعود ضاهر (أجراه أحمد فرحات) الذي يرى أن مشروع الشرق الأوسط الجديد يحل محل نظيره سايكس بيكو القديم، مطالباً بالانتقال من التاريخ العبء إلى التاريخ الحافز. المفكر فهمي جدعان كتب عن محنة التقدم بين شرط الإلحاد ولاهوت التحرير. وفي مقال بعنوان: «أين المشكلة؟» يرى المفكر علي حرب أن ما تشهده المجتمعات الغربية اليوم تحت مسمى «الصحوة» هو الوجه الآخر لمنظمة «القاعدة» أو لحركة «طالبان» في الإسلام. ويحكي الناقد الفلسطيني فيصل دراج حكايته مع رواية «موبي ديك». ويستعيد الناقد العراقي حاتم الصكر الألفة الأولى في فضاء البيوت وأعماقها، متجولاً بنا في بيته الأول ثم البيوت الأخرى التي سكنها.

ويطالع القارئ عدداً من المواد المهمة في مختلف أبواب العدد. قضايا: «تلوين الترجمة... الخلفية العرقية للمترجم وسياسات الترجمة الأدبية». (عبد الفتاح عادل). جاك دريدا قارئاً أنطونان أرتو (جمال شحيّد). عمارة: العمارة العربية من التقليدية إلى ما بعد الحداثة (عبد العزيز الزهراني). رسائل: أحلام من آبائنا: فيث أدييلي (ترجمة: عز الدين طجيو). ثقافات: خوليو كورتاثر كما عرفته: عمر بريغو (ترجمة: محمد الفحايم). عن قتل تشارلز ديكنز: زيدي سميث (ترجمة أماني لا زار). سيرة: أم كلثوم ونجيب محفوظ نسيج متداخل وروابط متعددة (سيد محمود). اليوتوبيا ونهاية العالم: القرن العشرون صحبة برتراند راسل: خاومي نافارو (ترجمة: نجيب مبارك). رحلة أدب الأطفال الروسي من جامع الفلكلور حتى حكايات اليوم (عبادة تقلا). الأدب والفلسفة: جان لويس فييار بارون (ترجمة حورية الظل). بواكير الحداثة العربية: الريادة والحداثة: عن السيَّاب والبيَّاتي (محمَّد مظلوم). بروتريه: بعد سنوات من رحيله زيارة جديدة لإبراهيم أصلان (محمود الورداني). تراث: كتاب الموسيقى للفارابي: من خلال مخطوط بالمكتبة الوطنية بمدريد (أحمد السعيدي). فيلسوفيا: فيليب ماينلاندر: فيلسوف الخلاص (ياسين عاشور). فضاءات: «غرافيتي» على جدران الفناء (هاني نديم).

قراءات: قراءة في تجربة العماني عوض اللويهي (أسامة الحداد). «القبيلة التي تضحك ليلاً»: تشظي الذات بين المواجهات النسقية (شهلا العجيلي). مختارات من الشعر الإيراني المعاصر (سعد القرش). نور الدين أفاية ومقدمات نقد عوائق الفكر الفلسفي العربي الراهن (الصديق الدهبي). تشكيل: تجربة التشكيلي حلمي التوني (شريف الشافعي). تشكيل: غادة الحسن: تجربتي بمجملها نسيج واحد والعمل الفني كائن حي وله دوره في الحياة (حوار هدى الدغفق). سينما: سعيد ولد خليفة: ما يثير اهتمامي دائماً هو المصاير الفردية للأبطال اليوميين (سمير قسيمي). الفلسفة فناً للموت: كوستيكا براداتان (ترجمة أزدشير سليمان). ماذا يعني ألا تُصنف كاتب حواشٍ لأفلاطون؟ (كمال سلمان العنزي). «الومضة» عند الشاعر الأردني «هزّاع البراري» (عبد الحكيم أبو جاموس).

ونقرأ مراجعات لعدد من الكتب: «جوامع الكمد» لعيد الحجيلي (أحمد الصغير). «حقائق الحياة الصغيرة» للؤي حمزة عباس (حسين عماد صادق). «أنا رسول بصيرتي» لسيد الجزايرلي (صبحي موسى). «طبول الوادي» لمحمود الرحبي (محمد الراشدي). «عقلان» لمحمد الشجاع (محمد عبد الوكيل جازم)

وكذلك نطالع نصوصاً لشعراء وكتاب قصة: برايتون (عبد الكريم بن محمد النملة). في طريق السفر تخاطبك النجوم: أورهان ولي (ترجمة: نوزاد جعدان). بين صحوي وسُكْرها (سعود بن سليمان اليوسف). خرائطُ النُّقصان (عصام عيسى). الغفران (حسن عبد الموجود). أنتِ أمي التي وأبي (عزت الطيرى).