تركيا: إرجاء الحكم على كافالا في قضية "جيزي بارك"

توقع صدوره مهما كانت الظروف وأدلى بدفاع احتراماً للشعب

تركيا: إرجاء الحكم على كافالا في قضية "جيزي بارك"
TT

تركيا: إرجاء الحكم على كافالا في قضية "جيزي بارك"

تركيا: إرجاء الحكم على كافالا في قضية "جيزي بارك"

أرجأت محكمة تركية النظر في القضية المعروفة إعلامياً باسم أحداث "جيزي بارك"، والمتهم فيها رجل الأعمال الناشط والبارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، و16 آخرون، إلى جلسة تعقد بعد غد (الاثنين)، والتي قد تصدر فيها قرارها في القضية.
واستمعت الدائرة 13 بالمحكمة الجنائية العليا في إسطنبول، في جلسة أمس الجمعة، إلى دفاع المتهمين، وشارك فيها كافالا (65 عاماً)، المتهم الوحيد المحتجز على ذمة القضية، بينما 9 من المتهمين خارج تركيا، وذلك عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من سجن سيلفري شديد الحراسة، غرب إسطنبول.
وقال كافالا إنه كان قرر سابقاً عدم الدفاع عن نفسه في القضية، التي سبق أن برّأته منها محكمة الاستئناف العليا، وذلك لعدم ثقته بالنظام القضائي وتأكده من حقيقة أنه مهما كان الدفاع الذي سيقدمه سيصدر قرار بإدانته في النهاية. إلا أنه قرر أن يتحدث في هذه الجلسة من منطلق احترامه للشعب التركي.
كافالا، الذي ينظر إليه من جانب الغرب والمنظمات الحقوقية الدولية على أنه رمز لقمع حرية التعبير وانتهاك حقوق الإنسان في تركيا، أوضح أنه "بعد قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في أواخر العام 2019 بشأن الإفراج عنه فوراً، تم تسريع النظر في القضية، وفُصلت الملفات التي جرى ضمّها من قبل، ومن دون مبرر، وسقطت لائحة الاتهام الأولى. لكن جُهزت لائحة اتهام ثانية لاعتقالي".
وشرح أن احتجاجات جيزي بارك اندلعت في مايو (أيار) 2013، و"وُصفت بأنها محاولة انقلاب على حكومة رئيس الوزراء في ذلك الوقت، رجب طيب إردوغان. وتم الادعاء بأنها ممولة من مؤسسة الأناضول الثقافية (أسسها كافالا وكان يديرها قبل اعتقاله في 2017 وأدرجتها تركيا العام الماضي على قائمة التنظيمات الإرهابية)، وأن مؤسسة الأناضول هي ذراع لمنظمة المجتمع المفتوح، التي أسسها رجل الأعمال الأميركي من أصل مجري جورج سورس والهادفة إلى دعم الديمقراطية في أنحاء العالم". واعتبر أن هذا الادعاء هو إهانة للجماهير التي شاركت في الاحتجاجات السلمية الرافضة للمساس بحديقة جيزي التاريخية في ميدان تقسيم.
وأوضح كافالا "أن المؤامرة ضده لم تنجح، لأن الحكومة برهنت بنفسها عدم قبول نظرية المؤامرة الخارجية بالنسبة لاحتجاججات جيزي، حين استقبل مسؤولون في الحكومة جورج سوروس عندما جاء إلى تركيا عام 2015".
وأكد كافالا أنه لم يكن هناك دليل على أن احتجاجات جيزي كانت تدار من الخارج، وأن الادعاء بأنه هو من وجّه الاحتجاجات، التي انتشرت في جميع أنحاء تركيا لاحقاً، ليس معقولاً، وأن الادعاء بأنه موّلها لمجرد أنه وفّر بعض الاحتياجات المادية للمشاركين في الاحتجاجات، كالكعك والأقنعة التي اشتراها من الصيدلية، هو مجرد هراء.
وحضر عشرات من ممثلي الهيئات الدبلوماسية الغربية جلسات قضية "جيزي"، التي تثير توتراً بين تركيا والغرب، في محكمة إسطنبول الجنائية ومنها الجلسة الأخيرة التي عقدت أمس.
ويواجه كافالا، المعتقل منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، عقوبة السجن مدى الحياة بعدما اتهمته السلطات بتمويل الاحتجاجات المناهضة للحكومة عام 2013 والمشاركة في محاولة قلب النظام الدستوري للبلاد عبر دعمه محاولة الانقلاب الفاشلة التي نسبت إلى حركة "الخدمة" التابعة للداعية التركي السبعيني فتح الله غولن، المقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية كمنفى اختياري منذ العام 1999 والذي كان في السابق حليفاً وثيقًا لإردوغان، بالإضافة إلى اتهامه بالتجسس.
وبعدما بُرّئ كافالا، الذي لطالما اعتبر وكذلك الغرب أن محاكمته ذات دوافع سياسية، من تهمة تمويل احتجاجات "جيزي" في العام 2013، في فبراير (شباط) 2020، عادت السلطات وأوقفته مجدداً، حتى قبل أن يعود إلى منزله، باتهام جديد هو دعم محاولة الانقلاب الفاشلة.
وبسبب هذه القضية التي باتت رمزاً لقمع إردوغان لمعارضيه عقب الانقلاب الفاشل عام 2016، تواجه تركيا ادانات دولية وعقوبات أوروبية. وأعلن مجلس أوروبا في فبراير(شباط) الماضي إطلاق "إجراء تأديبي" في حق تركيا، وهو قرار نادر للغاية قد يؤدي إلى عقوبات محتملة ضد أنقرة إذا لم يتم الإفراج عن كافالا بسرعة. ولم يسبق أن طبق هذا الإجراء، الذي قد يؤدي إلى تعليق عضوية تركيا في المجلس، إلا في حالة واحدة على اذربيجان في عام 2017، في قضية شبيهة بقضية كافالا.
ويتهم إردوغان كافالا بأنه ذراع جورج سورس في تركيا، ويلقبه بـ"سورس تركيا الأحمر"، وتعهد مراراً بأنه لن يخرج من السجن طالما بقي هو في حكم تركيا. بينما تعهدت المعارضة التركية، التي تشير استطلاعات الرأي إلى فرصها الكبيرة بالفوز في الانتخابات البرلمانية الرئاسية المقبلة في يونيو (حزيران) 2023، بالإفراج الفوري عنه وعن باقي المعارضين لإردوغان المعتقلين، وفي مقدمتهم الرئيس المشارك السابق لـ"حزب الشعوب الديمقراطية" المؤيد للأكراد، صلاح الدين دميرطاش الذي تنافس مع إردوغان على الرئاسة عامي 2014 و2018. وكانت المرة الأخيرة من داخل السجن حيث اعتقل في 2016 بتهم تتعلق بدعم الإرهاب يصل مجموع الأحكام فيها في حال إدانته إلى 143 عاماً.
والشهر الماضي، طالب الادعاء التركي بإدانة كافالا بتهمة محاولة الإطاحة بالحكومة والنظام الدستوري للبلاد، وهي تهمة قد يحكم على مرتكبها بالسجن مدى الحياة بدون إمكان إفراج مبكر.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».