الزخم الدولي لحل الأزمة اليمنية

غيّرت واشنطن استراتيجيتها لليمن مع بدء الرئيس جو بايدن مهامه بعد فوزه في انتخابات العام 2020 الرئاسية. تفاجأ يمنيون بأن أزمة بلادهم تحولت من ملف يرغب المجتمع الدولي في حله إلى حلبة ملاكمة سياسية داخلية أميركية.
خيبة الأمل لم تأتِ مبكراً، رغم استعجال الإدارة الأميركية بإزالة الحوثيين من قائمة الجماعات الإرهابية وإعلان الرئيس بايدن إيلاء الملف اليمني أولوية قصوى ودعم الحل السياسي.
توجه واشنطن بإزالة الحوثيين من قوائم الإرهاب كان لسبب إنساني، وحرصاً على تدفق الإغاثة، لكن من يستطيع إقناع الحوثيين بغير ذلك؟ أخذت الجماعة تصعّد من هجماتها على مأرب داخل اليمن وعلى السعودية والإمارات خارجها بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة مفخخة.
خلقت واشنطن زخماً دولياً للحل اليمني، وخلقت إيران تصلباً حوثياً أمام ذلك الزخم. كانت الحسابات الحكومية اليمنية وحسابات التحالف الداعم لها تكتب بلغة السلام ومبادرات وقف النار والبراغماتية في التعاطي، بينما كان النار والتصعيد والتجنيد شاغل الحوثيين ومن ورائهم طهران، لم تستطع واشنطن إنجاح مساعيها التي أفشلها الحوثيون، رغم أنها كانت تعتقد في البداية أن المعرقل لن يكون إيران التي تتوق إلى رفع العقوبات ولا الحوثيين الذين لعبوا دور مظلومية ما فتئت أن انقشعت أمام العالم، حتى في وسائل الإعلام ذات التوجهات اليسارية والتي كانت تشن الحملات ضد الحكومة اليمنية والتحالف لم يترك الحوثيون أي منفذ لأي كيان بأن يتعاطف مع الجماعة التي استمرت في التصعيد لما يربو على عام ونيف.
مر عام 2021 صعباً على الدبلوماسية الأميركية، فبعدما هوت سمعة واشنطن بعد أحداث أفغانستان كانت الأعين اليمنية تراقب بحذر ماذا سيحصل في بلادهم. مشاهد البشر وهم يسقطون من الطائرات الأميركية كان مؤلماً، ولا يريد اليمن ولا اليمنيون رؤية مشاهد مشابهة. ثم جاءت الأزمة الأوكرانية في العام الذي يليه، لتفتح بوابات مجلس التعاون الخليجي في الرياض نافذة سياسية واسعة، رعت مشاورات يمنية - يمنية خالصة من دون تدخل أو تأثير، فوجد اليمنيون أنفسهم يتحدثون مع فرقائهم ونظرائهم ومنافسيهم.
تجمعت المستحيلات وكان الزخم الدولي حاضراً منذ بداية المشاورات، فبعد الحفل الذي شهد كلمات من المبعوث الأممي والأميركي والسويدي لدى اليمن، انخرط اليمنيون في محاور ستة للحديث عن نقل اليمن من حاله الآن إلى مستقبل أفضل.
استطاع الزخم الدولي في النهاية أن يحقق نتيجة أخرى، تمثلت في الهدنة التي لطالما تمناها المبعوث الأممي السابق لليمن مارتن غريفيث، لكن المبعوث الحالي الذي أكمل جهود سلفه استطاع قطف ثمارها، وأعلن عنها بعد دعم خليجي ودولي، ليدخل اليمن ثامن هدنة منذ اندلاع الحرب، ويتمنى الجميع استمرارها أكثر من الشهرين المحددتين.
غاب الحوثيون عن مشاورات الرياض، فاستغل اليمنيون فرصة إعادة ترميم الشرعية. خرج المتشاورون بتنازلات واسعة، وتم استحداث مجلس رئاسي لم يستطع أن يبقى بعيداً عن اليمن كثيراً، فاتجه الجميع إلى العاصمة المؤقتة عدن، لإعادة صياغة قصة اليمن من جديد.