المناظرة الرئاسية الفرنسية تفتح «شهية» المرشحين اللبنانيين

TT

المناظرة الرئاسية الفرنسية تفتح «شهية» المرشحين اللبنانيين

فتحت المناظرة الرئاسية بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومنافسته مارين لوبان، شهية اللبنانيين للخضوع لتجربة مماثلة في مرحلة الانتخابات النيابية رغم قناعة الجميع بأن هذا النوع من «المواجهات» عصي على الواقع اللبناني لأسباب مرتبطة بالسياسيين والناخبين على حد سواء.
ومع متابعة اللبنانيين للمناظرة الفرنسية، عبر مسؤولون ومرشحون للانتخابات النيابية عن تمنياتهم بأن يشهدوا مثل هذا «المشهد الديمقراطي» في لبنان على غرار معظم الدول.
وتمنى النائب في «تيار المردة» والمرشح للانتخابات طوني فرنجية عبر حسابه على تويتر أن تقام مناظرات كهذه في لبنان، فرد عليه المرشح في دائرة الشمال الثالثة، ميشال دويهي بدعوته لمناظرة ثلاثية معه ومع النائب ميشال معوض كمرشحين عن زغرتا. وتوجه له بالقول: «أنا أوافق معك بالكامل على أهمية المناظرات بين المتنافسين في السياسة خصوصا في فترة الانتخابات لما تشكل هذه المناظرات من فرصة لكي يتسنى للناخبين الاطلاع عن كثب على برامجنا الانتخابية.
لذلك كمرشحين للانتخابات النيابية عن قضاء زغرتا أدعوك بصدق وأدعو الأستاذ (النائب) ميشال معوض إلى مناظرة علنية على التلفزيون أو على الراديو أو في الساحات أو في أي مكان آخر». وقال: «يستحق أهل قضاء زغرتا الزاوية من جميع المرشحين خصوصا في فترة الانهيار الكبير أن يسمعوا بهدوء وجدية ومسؤولية عن خططنا الإنقاذية». لكن وفيما لم يلق الدويهي جوابا من فرنجية أو لا يزال بانتظاره، كان التجاوب من النائب معوض الذي رد على الدعوة بالتأكيد أنه جاهز للمناظرة. ورد على دويهي بالقول: «يسرني أن أبلغك أنني جاهز للمشاركة في مثل هذه المناظرة الثلاثية أمام الرأي العام، في أي وقت وعلى أي شاشة».
وعلى غرار دويهي دعا مرشحون ولا سيما من مجموعات المعارضة والمجتمع المدني إلى مناظرات مع سياسيين من دون أن تلقى تجاوبا، ومنهم المرشح في دائرة المتن جاد غصن الذي سبق له أن دعا كلا من رئيس حزب الكتائب النائب المستقيل سامي الجميل والنائب إبراهيم كنعان للمناظرة، لكنه أعلن أمس أنهما لم يتجاوبا معه.
مع العلم أن المناظرات الإعلامية، إذا حصلت، تقتصر على بعض البرامج التلفزيونية بشكل محدود وعلى مستوى معين ولا تشمل السياسيين والمسؤولين من الصف الأول، في وقت تطغى فيه البرامج الترويجية المدفوعة للمرشحين، ومعظمهم من النواب الحاليين.
وبانتظار ما ستكشفه الأيام في الفترة المقبلة مع بدء العد العكسي لموعد الانتخابات النيابية يقول أستاذ الإعلام محمود طربيه إنه ومع أهمية المناظرات في الدول الديمقراطية لتوجيه رأي الناخبين لا سيما المترددين فلا قيمة لها في لبنان لأسباب عدة منها عدم ثقة الناس بما قد يسمعونه وعدم لعب الإعلام الدور المطلوب منه بعدما باتت كل الإطلالات مدفوعة، إضافة إلى أن المسؤولين أنفسهم يتهربون من المواجهة خوفا من الإحراج في قضايا وملفات كثيرة وهم الذين لطالما كانوا في موقع المسؤولية، كما أنهم يعتبرون أنفسهم «أكبر» من هذه المناظرات.
ويوضح طربيه لـ«الشرق الأوسط»: «غياب المناظرة في لبنان والدول العربية يعود إلى غياب ثقافة التناظر في مجتمعاتنا وغياب البرامج الانتخابية الواضحة كما عدم التعويل عليها لتغيير أو توجيه الرأي العام»، لكن في لبنان هناك قناعة لدى اللبنانيين بأن كل ما قد يسمعونه لن يجد طريقه إلى التنفيذ. ويتوقف طربيه عند ما يشهده الإعلام اللبناني في موسم الانتخابات اليوم، ويقول: «الإعلام يدخل في اللعبة الانتخابية عبر دفع الأموال فنجد الإطلالات الإعلامية للمرشحين قائمة على فكرة أنه يتحدث بمفرده لتلميع صورته».



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.