تمسك جعجع بمرشحه في البقاع الغربي يهز علاقته بحلفائه

TT

تمسك جعجع بمرشحه في البقاع الغربي يهز علاقته بحلفائه

مع أن المشهد الانتخابي في دائرة البقاع الغربي - راشيا قد اكتمل بتسجيل 6 لوائح لدى وزارة الداخلية والبلديات لخوض الانتخابات فيها لانتخاب 6 نواب (2 عن السنة وواحد لكل من الشيعة، الدروز، الموارنة الأرثوذكس)، فإن المنافسة تدور بين ثلاث لوائح، الأولى مدعومة من تحالف الحزب التقدمي الاشتراكي والنائب محمد القرعاوي ومستقلين، والثانية بقيادة تحالف الوزير السابق حسن عبد الرحيم مراد وحركة «أمل» ممثلة بقبلان قبلان، ويحل ضيفاً عليها مرشح «التيار الوطني الحر» عن المقعد الماروني، والثالثة تضم مرشحين عن الحراك المدني في مقابل ثلاث لوائح لحزب «القوات اللبنانية» وحركة «سوا لبنان» التي أسسها بهاء رفيق الحريري والمجتمع المدني وإن كانت حظوظها في الفوز متدنية مقارنة مع زميلتها «سهلنا والجبل» التي تطمح لتسجيل خرق يؤمن لها الحضور في البرلمان العتيد.
لكن التحاق حزب «القوات» بركب المنافسة يأتي على حساب لائحة «القرار الوطني المستقل» المدعومة من «التقدمي» والنائب القرعاوي لما لهاتين اللائحتين من حضور مشترك من زاوية التلاقي حول برنامج سياسي واحد في مواجهة لائحة مراد - الثنائي الشيعي، وهذا ما أدى إلى تكثيف الاتصالات التي يتولاها رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة بالتعاون مع مرشح «التقدمي» عن هذه الدائرة النائب وائل أبو فاعور باتجاه رئيس حزب «القوات» سمير جعجع لإقناعه بأن يعيد النظر في حساباته الانتخابية ويسحب مرشحه عن المقعد الماروني داني خاطر برغم أنه كان أعلن ترشحه في احتفال أقيم في مقر «القوات» في معراب.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر في لائحة «القرار الوطني المستقل» بأن ترشح خاطر لن يكون لمصلحة توحيد الجهود لمواجهة اللائحة المدعومة من «محور الممانعة» لأنه سيأخذ من طريقها من دون أن تتمكن اللائحة التي انضم إليها من تأمين حاصل انتخابي يتيح لها الفوز ولو بمقعد نيابي واحد، مع أن انسحابه سيرفع من حظوظ اللائحة للفوز بمقعد ماروني أو أرثوذكسي لأن اللائحة المنافسة لن تستطيع تأمين الأصوات التفضيلية في نفس الوقت لكل من نائب رئيس المجلس النيابي الأرثوذكسي إيلي الفرزلي والماروني شربل مارون، وبالتالي ستكون شاهدة على الحرب المفتوحة التي ستدور بينهما ومن خلالهما بين حركة «أمل» الداعمة للفرزلي و«حزب الله» بتسريبه عدداً لا بأس به من الأصوات لحليفه مارون.
وكشفت المصادر نفسها أن الرئيس السنيورة كان أول من تدارك إمكانية الانزلاق نحو مواجهة بين اللائحة المدعومة منه وبين اللائحة التي تضم خاطر، وهو بادر، لقطع الطريق على هذه المواجهة التي يستفيد منها «محور الممانعة»، للاتصال برئيس حزب «القوات» سمير جعجع، ولفتت إلى أن الأخير أكد له أنه يوافق على أي مخرج يقترحه.
وقالت إن جعجع أوفد خاطر ومعه مسؤول «القوات» في البقاع الغربي ميشال الراسي للاجتماع بالسنيورة في حضور أبو فاعور والنائب السابق جمال الجراح، وأكدت أن رئيس الحكومة السابق راهن على أن إيفادهما سيؤدي للوصول إلى مخرج يؤمن الدعم للائحة «القرار المستقل» بانسحاب خاطر من المعركة.
ورأت أن ما يهم القوى المناوئة للائحة المدعومة من «محور الممانعة» عدم تشتيت الأصوات بينها وبين اللائحة التي يترشح عليها خاطر، وقالت: لا يوجد موقف سلبي من «القوات» بمقدار ما أن هناك ضرورة لمراعاة المزاج العام للشارع السني لأنه بغالبيته يدور في فلك الحريرية السياسية التي ترزح حالياً تحت وطأة تأزم العلاقة بين رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وبين جعجع.
وأكدت أن منسوب الضغوط لعدم التحالف مع «القوات» يفوق الضغوط في دائرتي زحلة وبعلبك - الهرمل، وهذا ما أتاح للرئيس السنيورة التدخل لإقناع المرشح بلال الحشيمي بالتعاون مع مرشح «القوات» في البقاع الأوسط النائب جورج عقيص، وأيضاً المرشح زيدان الحجيري بالتحالف مع مرشح «القوات» النائب أنطوان حبشي عن بعلبك، وهذا ما أدى إلى مقاومة الحصار المفروض على «القوات» من قبل «حزب الله»، إضافة إلى ترشح يوسف النقيب على نفس اللائحة التي تضم مرشحي «القوات» عن دائرة صيدا - جزين.
لكن اللقاء الذي جمع السنيورة بخاطر والراسي انتهى، كما تقول المصادر نفسها، من دون أن يسفر عن نتائج إيجابية لأن ممثلَي «القوات» ارتأيا أن انسحاب خاطر سيُلحق خسارتين بهما، الأولى بخروج خاطر من المنافسة، والثانية بعدم مشاركة «القوات» بصورة مباشرة في المبارزة الانتخابية، وهذا ما يتعارض مع إصرار الحزب على تسجيل حضوره.
وتذرع خاطر والراسي، بحسب المصادر، بأن لديهما القدرة للدخول في المنافسة باعتمادهما على مؤيدي «القوات» أكانوا في الداخل أو في بلاد الاغتراب من جهة، وعلى من يتحالف مع الحزب من جهة ثانية، وإن كانا اعترفا بأن حظوظ خاطر للفوز تتراوح ما بين 40 و50 في المائة.
وأثير في اللقاء مبدأ المعاملة بالمثل، في إشارة إلى توفير الدعم لمرشحي «القوات» في زحلة وبعلبك - الهرمل والذي لن يقتصر، كما تقول المصادر، على الترشح وإنما يتجاوزه إلى القرار الذي اتخذه التقدمي بدعم عقيص وحبشي ومن يتحالف معهما.
حتى أنه قيل لخاطر والراسي إن الأولوية يجب أن تُعطى لدعم المرشحين عن دائرة البقاع الغربي - راشيا الذين لديهم القدرة لتحقيق الفوز بالعدد الأكبر من المقاعد الانتخابية، لأن فوزهم لن يكون لطرف معين وإنما للقوى السيادية في مواجهتها لمشروع محور الممانعة. كما قيل لهما بأن رفض «القوات» في حال انسحاب خاطر بإعطاء أصواته التفضيلية للمرشح الماروني جهاد الزرزور على لائحة «القرار المستقل»، لا يمنعه من تجييرها للمرشح الأرثوذكسي الدكتور غسان سكاف، وذلك بترجيح كفته للفوز على منافسه الفرزلي.
لذلك فإن ترشيح «القوات» لخاطر لا يعني أن الأبواب أُوصدت كلياً في وجه إصرار السنيورة و«التقدمي» على التواصل مع جعجع لإقناعه بأن يعيد النظر بترشيحه لأن استمراره في المعركة سيؤدي إلى حجب الأصوات عن لائحة «القرار المستقل» المدعومة من حلفائه لمصلحة لائحة محور الممانعة، خصوصا أن اللائحة التي شُكلت وتضم خاطر تبقى متواضعة ولن تصنف على أنها لائحة لديها القدرة لمنافسة لائحة محور الممانعة أو لائحة «سهلنا والجبل»، خصوصاً بعد أن انسحب منها العميد المتقاعد محمد قدورة القيادي السابق في تيار «المستقبل» مع أن المحاولات جارية لإقناعه بالعودة عن قراره.
ويتردد في دائرة البقاع الغربي أن هناك صعوبة بعودته للانضمام إلى اللائحة التي تستعد لإعلان برنامجها الانتخابي مساء اليوم وهي تتشكل، إضافة إلى خاطر من غنوة أسعد (شيعية)، جورج عبود (أرثوذكسي)، خالد عسكر (سني)، فيما بقي المقعد الدرزي شاغرا. وعليه، يبقى السؤال: هل يبادر جعجع وفي اللحظة الأخيرة إلى التجاوب مع مسعى السنيورة وأبو فاعور بسحب مرشحه خاطر؟ أم أنه باقٍ على موقفه لما لديه من حسابات انتخابية تتباين في أرقامها مع حسابات لائحة «القرار المستقل» التي لا مصلحة لها بإصراره على موقفه لما يمكن أن يترتب عليه من مضاعفات سياسية، خصوصا أن عدم تجاوبه سيؤدي حكماً، كما تقول المصادر، إلى اهتزاز علاقته بحلفائه؟



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.