أزمة في أفق أسواق النحاس العالمية

مؤشرات واسعة مع تراجع الإنتاج والطلب

تراجع إنتاج النحاس في عدد من كبريات الشركات العالمية (رويترز)
تراجع إنتاج النحاس في عدد من كبريات الشركات العالمية (رويترز)
TT

أزمة في أفق أسواق النحاس العالمية

تراجع إنتاج النحاس في عدد من كبريات الشركات العالمية (رويترز)
تراجع إنتاج النحاس في عدد من كبريات الشركات العالمية (رويترز)

يبدو أن العالم مقدم على أزمة في أسواق النحاس العالمية مع تراجع الإنتاج؛ نظراً لتراجع الطلب في عدد من كبريات الدول المصنعة وعلى رأسها الصين.
وفي مؤشرات على الوضع، انخفض إنتاج النحاس خلال أول ثلاثة أشهر من عام 2022 في شركة أنجلو أميركان للتعدين البريطانية متعددة الجنسيات. وقالت الشركة يوم الخميس إن إنتاج النحاس الذي عادة ما يكون بطيئاً خلال الربع الأول تراجع بنسبة 10 في المائة مقارنة بالربع نفسه من عام 2021.
ويعكس ضعف الإنتاج ذروة الغياب بسبب جائحة كورونا وتأثير هطول الأمطار على العمليات في جنوب أفريقيا والبرازيل، والتحديات التشغيلية والمتعلقة بالسلامة في عمليات الفحم المعدني وخام الحديد.
وأيضاً انخفض إنتاج النحاس في شركة «بي إتش بي» الأسترالية متعددة الجنسيات للتعدين والمعادن والبترول. وتراجعت أسهم الشركة بنحو 3 في المائة في التعاملات الأسترالية، بعد أن أعلنت يوم الخميس أن إنتاج النحاس خلال الربع الماضي من العام انخفض بنسبة 6 في المائة ليصل إلى 369.7 ألف طن.
من ناحية أخرى، ارتفع إنتاج خام الحديد بنسبة 1 في المائة. وقد شهدت الأشهر التسعة المنتهية في 31 من مارس (آذار)، انخفاض إنتاج النحاس بنسبة 10 في المائة ليصل إلى 1.11 مليون طن، واستقرار إنتاج خام الحديد.
وبالتطلع إلى السنة المالية 2022، فقد خفضت الشركة توقعاتها لإنتاج النحاس إلى ما يتراوح بين 1570 و1620 كيلو طن، مقابل حجم الإنتاج المتوقع في السابق الذي كان يتراوح بين 1590 و1760 كيلو طن، مما يعكس توجيه الإنتاج المنخفض في منجم «اسكونديدا» للنحاس.
وفي الوقت نفسه، لم يتغير توجيه الإنتاج المتعلق بخام الحديد والفحم المعدني وفحم الطاقة.
أما بيانات شركة التعدين الأنغلو أسترالية العملاقة ريو تينتو الصادرة الأربعاء، فأظهرت تراجع إنتاجها من خام «حديد بيلبارا» خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 6 في المائة سنوياً إلى 71.1 مليون طن، في حين تراجع إجمالي تسليمات الخام خلال الفترة نفسها بنسبة 8 في المائة إلى 71.5 مليون طن.
وتتوقع الشركة زيادة كميات إنتاج الخام، وتحسن المزيج الإنتاجي خلال النصف الثاني من العام الحالي مع تشغيل زيادة الإنتاج في منجم جوداي داري وتشغيل مصنع روبي فالي وتحسن حالة المنجم.
في الوقت نفسه، استقر إنتاج الشركة من خام البوكسايت المستخدم في إنتاج الألومنيوم عند مستوى 13.6 مليون طن، وهو نفس مستوى الإنتاج خلال الربع الأول من العام الماضي. وزاد إنتاج النحاس الخام بنسبة 4 في المائة إلى 125 ألف طن، بفضل زيادة الاستخراج وتحسن درجة الخام في منجم كينكوت مقابل تراجع رتبة الإنتاج في منجم أويو تولجوي.
وتتزامن تغيرات أسواق المعادن مع توسع عمليات الإغلاق في الصين لمكافحة فيروس كورونا لتشمل المزيد من المناطق في البلاد، ما أدى إلى استمرار تعثر سلاسل توريد المعادن وتراجع الطلب حتى مع تحسن الوضع على ما يبدو في شنغهاي.
وأفادت وكالة «بلومبرغ» بأن هناك دلائل على تراجع بعض اختناقات النقل وإغلاق المصانع في شنغهاي وحولها، لكن تدابير مكافحة الفيروس يبدو أنها تتوسع الآن إلى المزيد من المناطق في أكبر اقتصاد في آسيا.
وتم فرض قيود أكثر صرامة في مدينتي سوتشو وتشنغتشو، عاصمة مقاطعة هينان وسط الصين. وتصر الصين حتى الآن على التمسك بسياسة صفر إصابات، رغم الأدلة المتزايدة على أن هذه السياسة تهدد النمو الاقتصادي. وأعلن مصنع للنحاس في هينان ينتج الأنابيب والأجزاء المستخدمة في الأجهزة المنزلية والأجهزة الطبية أن مبيعاته تراجعت بنسبة 20 إلى 30 في المائة من حيث الحمولة في النصف الأول من أبريل (نيسان) مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي. وصرح مسؤول في الشركة، طلب عدم كشف هويته بسبب القواعد الداخلية، بأن العديد من العملاء في مأزق بسبب القيود.


مقالات ذات صلة

بنك إيطاليا يحذر من تأثير الحمائية على الاقتصاد العالمي بعد انتخاب ترمب

الاقتصاد صورة جوية تظهر سيارات مخصصة للتصدير بميناء في مدينة يانتاي بمقاطعة شاندونغ (رويترز)

بنك إيطاليا يحذر من تأثير الحمائية على الاقتصاد العالمي بعد انتخاب ترمب

دعا محافظ البنك المركزي الإيطالي، فابيو بانيتا، الجمعة، المجتمع الدولي إلى تجنب تفاقم المشاعر الحمائية السائدة.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد علم عليه صورة ترمب معلق على سياج عند جسر إل كورتولا في كاليفورنيا (أ.ب)

ارتفاع الأسهم العالمية بفضل فوز ترمب وآمال التحفيز الاقتصادي

ارتفعت الأسهم العالمية يوم الخميس عقب الارتفاع القياسي الذي شهدته الأسهم الأميركية في ليل الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد دونالد ترمب خلال تجمع في هيندرسون بنيفادا يوم 31 أكتوبر 2024 (رويترز)

«ترمب» يدفع بالدولار لأكبر قفزة في يوم واحد منذ 2016

دفع التأكيد السريع على فوز دونالد ترمب برئاسة الولايات المتحدة بالدولار نحو الصعود الحاد، وضغط على اليورو؛ إذ يراهن المستثمرون على تداعيات سياسات ترمب التجارية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد ترمب يتحدث على شاشة بقاعة تداول بورصة «دويتشه» في فرانكفورت بألمانيا (أ.ب)

بعد فوز ترمب... مطالب عربية بميزات تنافسية بسبب توترات المنطقة

«الشرق الأوسط» استطلعت آراء خبراء اقتصاديين من عدة دول عربية حول رؤيتهم لأهم الإجراءات التي تجب مراعاتها من رئيس الولايات المتحدة للمنطقة العربية.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد رجل يمشي أمام شاشة إلكترونية تعرض سعر صرف الين الياباني الحالي مقابل الدولار والرسم البياني الذي يوضح حركته في طوكيو (رويترز)

الانتخابات الأميركية وتأثيرها الاقتصادي... بين رؤية ترمب وسياسات هاريس

تتجاوز آثار نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الحدود الأميركية، لتؤثر في الاقتصاد العالمي، وتحديداً أوروبا والصين.

مساعد الزياني (الرياض)

تراجع آمال تعافي سوق السندات الأميركية مع توقع سياسات توسعية لترمب

متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

تراجع آمال تعافي سوق السندات الأميركية مع توقع سياسات توسعية لترمب

متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

تتراجع الآمال في تعافٍ قريب لسوق السندات الأميركية التي تبلغ قيمتها 28 تريليون دولار، حيث من المتوقع أن يؤدي فوز دونالد ترمب في الانتخابات إلى سياسات مالية توسعية قد تحدّ من حجم تخفيضات الفائدة المستقبلية من قِبل الاحتياطي الفيدرالي.

وخفض «الفيدرالي» أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه للسياسة النقدية، الخميس، بعد تخفيض كبير بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر (أيلول)، والذي أطلق دورة التيسير الحالية، وفق «رويترز».

لكن آفاق المزيد من خفض الفائدة أصبحت غامضة بسبب التوقعات بأن بعض العناصر الرئيسية لبرنامج ترمب الاقتصادي مثل تخفيضات الضرائب والرسوم الجمركية ستؤدي إلى نمو أسرع وارتفاع في أسعار المستهلكين. وقد يجعل هذا بنك الاحتياطي الفيدرالي حذراً من خطر المزيد من التضخم إذا خفض أسعار الفائدة بشكل حاد في العام المقبل؛ مما يخفف التوقعات بأن انخفاض تكاليف الاقتراض قد يحفز تعافي السندات بعد فترة طويلة من عمليات البيع.

وقال رئيس استراتيجية الدخل الثابت في شركة «نوفين»، توني رودريغيز: «أحد التأثيرات الرئيسية (للانتخابات) هو أنها ستدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي أكثر مما كان ليفعل لولا ذلك». وأضاف: «نحن نعتقد الآن أن التخفيضات المتوقعة في عام 2025 ستكون أقل وأبعد عن بعضها بعضاً».

وشهدت عائدات سندات الخزانة - التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات الحكومية وتتابع عادةً توقعات أسعار الفائدة - ارتفاعاً بأكثر من 70 نقطة أساس منذ منتصف سبتمبر (أيلول)، وسجلت مؤخراً أكبر زيادة شهرية لها منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، وفقاً لشركة «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية. وتزامن هذا التحرك مع تحسن وضع ترمب في استطلاعات الرأي وأسواق الرهانات خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول).

وتُظهر العقود المستقبلية للفائدة الفيدرالية أن المستثمرين يتوقعون الآن أن تنخفض الفائدة إلى نحو 3.7 في المائة بحلول نهاية العام المقبل، من النطاق الحالي الذي يتراوح بين 4.5 في المائة و4.75 في المائة. وهذا أعلى بنحو 100 نقطة أساس مما كان متوقعاً في سبتمبر (أيلول).

وقام استراتيجيون في «بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش» مؤخراً بتعديل هدفهم قصير الأجل لعائدات سندات الخزانة إلى نطاق 4.25 - 4.75 في المائة، بدلاً من النطاق السابق 3.5 - 4.25 في المائة.

ورفض رئيس «الفيدرالي» جيروم باول، الخميس، التكهن بتأثير الإدارة الأميركية الجديدة على السياسة النقدية، وقال إن الارتفاع في العائدات من المرجح أن يعكس تحسناً في آفاق الاقتصاد أكثر من كونه زيادة في توقعات التضخم. وسجلت أسعار المستهلكين أصغر زيادة لها في أكثر من 3 سنوات ونصف السنة في سبتمبر.

ومع ذلك، ارتفعت توقعات التضخم كما تقيسها أوراق الخزانة المحمية من التضخم (TIPS)، مع ارتفاع معدل التضخم المتوقع لمدة عشر سنوات إلى 2.4 في المائة، الأربعاء، وهو أعلى مستوى له في أكثر من 6 أشهر.

وقال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «بِمكو»، دان إيفاسيين، إنه يشعر بالقلق من أن ارتفاع التضخم قد يجبر بنك الاحتياطي الفيدرالي على إبطاء أو إيقاف تخفيضات أسعار الفائدة. وأضاف: «أعتقد أن السيناريو الأسوأ للسوق على المدى القصير سيكون إذا بدأ التضخم في التسارع مرة أخرى».

وفي حال حدوث سيناريو «المد الأحمر»، حيث يسيطر الجمهوريون على البيت الأبيض ومجلسي الكونغرس، فقد يسهل ذلك على ترمب تنفيذ التخفيضات الضريبية ومنح الجمهوريين مزيداً من الحرية في أجندتهم الاقتصادية.

وبينما كان من المتوقع أن يحتفظ الجمهوريون بأغلبية لا تقل عن 52 - 48 في مجلس الشيوخ الأميركي، كان من غير الواضح من سيرأس مجلس النواب، حيث كانت عمليات فرز الأصوات لا تزال جارية حتى مساء الخميس.

وقال رئيس قسم الدخل الثابت في «بلو باي» لدى «آر بي سي غلوبال أسيت مانجمنت»، أندريه سكيبا: «أنا أستعد لمزيد من تراجع السندات طويلة الأجل». وأضاف: «إذا تم تنفيذ الرسوم الجمركية بالقدر الذي نعتقد أنه سيحدث، فإن ذلك قد يمنع (الفيدرالي) من خفض الفائدة».

وكتب كبير مسؤولي الاستثمار في السندات العالمية في «بلاك روك»، ريك ريدر، الخميس، إنه سيكون «من المبكر للغاية» افتراض تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة في عام 2025، وقال إن السندات أكثر جاذبية بصفتها أصلاً مدراً للدخل من كونها رهاناً على أسعار فائدة أقل.

وشهدت عائدات سندات الخزانة ارتفاعاً ملحوظاً، إلا أن هذا لم يؤثر كثيراً على سوق الأسهم التي ارتفعت مع وضوح حالة الانتخابات، حيث حضَّر المستثمرون لإمكانية نمو اقتصادي أقوى؛ مما دفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى تسجيل أعلى مستوى قياسي له.

لكن العائدات قد تصبح مصدر قلق للأسواق إذا ارتفعت بسرعة كبيرة أو بشكل مفرط. وتوفر العائدات المرتفعة قدراً أكبر من المنافسة على استثمارات الأسهم في حين ترفع تكلفة رأس المال بالنسبة للشركات والمستهلكين.

وقال كبير استراتيجيي الاستثمار في «إدوارد جونز»، أنجيلو كوركافاس: «عندما اقتربت عائدات السندات لأجل 10 سنوات من 4.5 في المائة أو تجاوزتها العام الماضي، أدى ذلك إلى تراجعات في أسواق الأسهم». وأضاف: «قد يكون هذا هو المستوى الذي يراقبه الناس».

وبلغ العائد على السندات لأجل 10 سنوات 4.34 في المائة في أواخر يوم الخميس.

ويخشى البعض من عودة ما يُسمى «حراس السندات»، وهم المستثمرون الذين يعاقبون الحكومات التي تنفق بشكل مفرط عن طريق بيع سنداتها؛ مما قد يؤدي إلى تشديد الظروف المالية بشكل مفرط، حيث تعمل عائدات السندات الحكومية على زيادة تكلفة الاقتراض لكل شيء بدءاً من الرهن العقاري إلى بطاقات الائتمان.

وقد تؤدي خطط ترمب الضريبية والإنفاقية إلى زيادة الدين بمقدار 7.75 تريليون دولار خلال العقد المقبل، وفقاً لتقدير حديث من «لجنة الموازنة الفيدرالية المسؤولة».

وقال بيل كامبل، مدير المحفظة في «دبلن»، إنه يشعر بالقلق إزاء التوقعات المالية الأميركية بعد انتخاب ترمب، ويراهن على المزيد من الارتفاعات في العائدات طويلة الأجل. وقال إن «الطوفان الأحمر يزيد الأمور تعقيداً».