عودة حكايات «جي كي رولينغز» عن السحرة الأخيار والأشرار

من هاري بوتر إلى دمبلدور

«هاري بوتر وحجر الساحر»: اللقاء الأول لأبطاله
«هاري بوتر وحجر الساحر»: اللقاء الأول لأبطاله
TT

عودة حكايات «جي كي رولينغز» عن السحرة الأخيار والأشرار

«هاري بوتر وحجر الساحر»: اللقاء الأول لأبطاله
«هاري بوتر وحجر الساحر»: اللقاء الأول لأبطاله

في مطلع هذا العام تم تحقيق فيلم تسجيلي لحساب محطة Cartoon Network بعنوان «المناسبة العشرون لهاري بوتر: العودة إلى هووورتس». احتوى الفيلم على مقابلات مع العديد من الذين اشتركوا في تمثيل المسلسل الشهير، خصوصاً أبطاله الثلاثة إيما واتسون ودانيال ردكليف وروبرت غرينت لجانب هيلينا بونام كارتر وتوم فلتون وراف فاينس وروبي كولتران مع تحية لكل من جون هيرت ورتشارد هاريس ومايكل غامبون عبر عرض بعض مشاهدهم الأرشيفية.
كاحتفاء لمسلسل من أنجح مسلسلات السينما، بدت الفكرة مثيرة بلا ريب. التنفيذ هو شيء آخر مختلف. بعد نحو ربع ساعة من الابتسامات وتبادل التهاني، والتمنيات قد تتساءل لماذا هذا الفيلم الذي يستعرض مشاعر العاملين في السلسلة وذكرياتهم على نحو مفرط من كلمات الثناء. الأمر كان سيختلف لو أن المحاولة كانت استعادة فيلم تاريخي معين (لنقل «لورنس العرب» أو «المواطن كَين»)، أو مجموعة من الأفلام التي كانت منسية أو مفقودة. لكن 20 سنة ليست بالفترة البعيدة والفيلم لا يسجل نقاطاً عالية كاستعراض لوقائع مهمّة، بل يسرد تلك اللقاءات الأولى لمجموعة الممثلين والمخرجين داخل الشرنقة التي كبرت حتى ابتلعت اهتمام العالم.


الكاتبة جي كي رولينغز

- فيلم نظيف
اليوم هناك فيلم جديد من صنع الفريق ذاته (الكاتبة جين رولينغز والمنتج ديفيد هيمان ومخرج الأجزاء الأربعة الأخيرة من «هاري بوتر» ديفيد ييتس). الفيلم هو الجزء الثالث من «تفريعة» تحتوي حتى الآن على ثلاثة أفلام هي «فانتاستيك بيستس وأين تجدهم» (2016) و«فانتاستيك بيستس: جرائم غرندلوولد» (2018) و«فانتاستيك بيستس: أسرار دمبلدور» (2022). لكن في حين أن سلسلة هاري بوتر وفّرت لهواة الأفلام الفانتازية حكايات للصغار بصحبة أوليائهم، توفر السلسلة الجديدة حكايات للكبار بصحبة صغارهم، إذا أحبوا.
أول أفلام السلسلة حظي بـ814 مليون دولار كإيراد. الثاني توقف العد عند 655 مليون دولار. الثالث لا يبدو أنه سيصل إلى أي رقم مجاور لهما. في أسبوعه الأول أميركياً سجل 49 مليون دولار وهو رقم متواضع بالقياس بما تحققه الأفلام ذات القدرة على جذب الجمهور العريض.
هذه ليست مجرد أرقام، بل دلائل على أن الاهتمام يتقلص بتلك السلسلة. وهناك سبب مهم في ذلك يتبدّى في هذا الجزء الأخير (إلى الآن) وهو أن نصف الساعة الأولى تمضي في التأسيس وطرح مواقف وأسئلة لا تتم الإجابة عنها إلا على مشارف الساعة الثانية. بل إن بعضها يبقى لغزياً في البال لنصف الساعة الأخيرة. سبب آخر هو أن شخصيات كثيرة والمفارقات متعددة ومتلاحقة كما لو أن صانعي الفيلم خائفون من أن يخسروا اهتمام المشاهدة لدقيقة واحدة.
الأخيار والأشرار معروفون لكن الكر والفر في عالم معظمه داكن وسوداوي ومختلق يثقل الفيلم ويدفع بالمشاهد صوب المراقبة من دون تشويق. ها هي الأحداث تدور أمامنا لكنها تدور من دون اهتمامنا (أو اهتمام بعضنا على الأقل). هذا على صعيد الحكاية ذاتها، أما تنفيذ المشاهد وتصميم المؤثرات البصرية وكل ما يأتي تحت هذا البند أخّاذ. ولعل البعض يعوّض غياب الحكاية التي تتحدث لنفسها أكثر مما تتحدث إليه، بعنصر الدهشة المتوفر على وتيرة متتابعة.
يخلو الفيلم من المشاهد الجنسية ومن المشاهد العارية. كذلك فإن كم الألفاظ النابية قليل والعنف معتدل. وبذلك هو فيلم «نظيف». لكنه لا يخلو من شخصية مُثلية هي شخصية عشيق سابق للساحر الطيّب دمبلدور الذي ينوي السيطرة على عالم السحرة، ذلك الذي بنت فيه الكاتبة أحداث هاري بورتر السابقة. إنه عالم موازٍ يدخله المختارون من الشخصيات التي تجيد السحر. داكن ومعتم ومليء بالألغاز. غاية الساحر الشرير، غريندلوولد ليست فقط في السيطرة على عالم السحرة، بل القيام عبرهم بالهجوم على الجزء الآخر (الواقعي) لإبادة من فيه. حسب اتفاق مسبق، لا يستطيع دمبلدور إيقافه مباشرة وعليه الآن اختيار محاربين من السحرة الأخيار لمنازلة ومقارعة الشرير وأزلامه. والباقي مسألة صراع ومؤامرات ومعارك ومؤثرات بصرية.


                      «فانتاستِك بيستس: أسرار دمبلدور»

- مليارات
في العشرية الأولى من القرن الحالي كان هناك مسلسلان سينمائيان كبيران، سلسلة «هاري بوتر» وسلسلة «لورد أوف ذا رينغ». هذا الثاني كان النقيض للأول من حيث إن مغامراته تقترح زمناً آخر لكنها لا تزال تقع على هذا الكوكب ولو في مجاهل مجهولة. كذلك كان نقيض «هاري بوتر» من حيث إن أحداثه كانت جلية واضحة ومعظمها يقع في النهار. سلسلة المخرج بيتر جاكسون كانت ساحرة ضد سلسلة عن السحرة.
ربما دكانة أفلام «هاري بوتر» وهذه السلسلة المتفرعة منه ضرورية لأن عالم السحرة يحتاج إلى الظلام وإلى الكهوف والملاجئ والقلاع وكلها ذات أجواء داكنة. لكن المكان يبقى غير مثالي للعيش ولو أن المؤامرات التي تقع فيه لا تختلف في عناوينها العريضة ولا في نتائجها عما يقع حياتنا نحن، كذلك حوافز الاعتداء والانتقام وباقي المشاعر المشاعة في عالمنا نحن.
لا يمكن القول إن إنتاج سلسلة «هاري بوتر» كان مغامرة. على العكس كان ضربة خطط لها أن تنجح فنجحت. توخّى الإنتاج لها العناصر الصحيحة من أمانة الاقتباس إلى عناصر الفيلم الغرائبية إلى أجوائه الداكنة ثم إبقائه في رحى الأجواء الإنجليزية ونجح في ذلك ثم نجح الفيلم تبعاً لذلك.
إجمالي الإيرادات للأفلام الثمانية التي أُنتجت من هذه السلسلة يتجاوز التسع مليارات دولار، وذلك عن الفيلم الأول «هاري بوتر وحجر الساحر» سنة 2001 (أنجز قرابة 975 مليون دولار) وحتى الجزء الثامن سن 2011 (حصد بليون و328 مليون دولار).
قرأ المنتج ديفيد ييتس الرواية الأولى واتصل بالمؤلّفة رولينغز واتفقا، في البداية، على إنجاز أربعة أفلام. باع الفكرة لشركة وورنر وحصلت الكاتبة على نحو مليون دولار عن ذلك العقد الرباعي. لاحقاً ضاعفت الكاتبة أجرها ومع نهاية الجزء الثامن كانت ثروتها تقدّر، حسب مجلة فوربس، بمليار دولار.
اهتم المخرج ستيفن سبيلبرغ بتحقيق الجزء الأول على الأقل. قضت خطّته في الواقع شراء حقوق الرواية الأولى وحدها وإنتاج وإخراج فيلم يكون بمثابة تجربة. لكن رولينغ، التي كانت تمسك بزمام الأمور وبقيت تشرف على كل التفاصيل حتى النهاية، لم توافق على خطط سبيلبرغ التي قضت، فيما قضت، تحقيق فيلم أميركي المعالجة. ليس إنها لم تكن ترغب في تعميم الأحداث لكي تتحوّل إلى تقليد هوليوودي فقط، بل أصرّت على الطابع الإنجليزي لكل شيء بما في ذلك كل الممثلين.
بعد ذلك الرفض بوشر البحث مع عدد من المخرجين من بينهم الألماني وولفغانغ بيترسن والبريطاني آلان باركر والأميركي تيم بيرتون والأسترالي بيتر وير. لكن الفوز كان من نصيب الأميركي كريس كولمبوس للفيلمين الأول والثاني («هاري بوتر وحجر الساحر»، 2001 و«هاري بوتر وغرفة الأسرار»، 2002)، ثم تبعه المكسيكي ألفونسو كوارون («هاري بوتر وسجين أزكابان»، 2004) فالبريطاني مايك نيووَل («هاري بوتر وشعلة النار»، 2005) ثم البريطاني ديفيد ييتس للأفلام الأربعة الأخيرة وهي «هاري بوتر ونظام الفينكس» (2007) و«هاري بوتر والأمير نصف الشقيق» (2009) و«هاري بوتر والأقداس المميتة 1» (2010) و«هاري بوتر والأقداس المميتة 2» (2011).

- فتور
في حين أن ثلاثية رولينغز - هيمان الجديدة (2016 - 2022) منتمية إلى عالم هاري بوتر من حيث المكان والنوع والغرائبيات فإن الضلع الثالث لهذه الأفلام هو ديفيد ييتس ذاته. هذا ما يجعلها أكثر تلاحماً تحت سقف أسلوب واحد كما كان الحال في الأفلام الأربعة الأخيرة من «هاري بوتر». لأنه ملم تماماً بجوهر العمل وكيفية معالجته لكي يحافظ على انتمائه للأصل الروائي.
وكان من المفترض أن ينجز «فانتاستيك بيستس: أسرار دمبلدور» ضعف ما أنجزه في أسبوعه الأول هذا، أكثر من ذلك، أن النقاد الأميركيين والأوروبيين على حد سواء لم يبدوا إعجاباً كبيراً بالفيلم. نسبة المؤيدين للفيلم لم تزد عن 48 في المائة. باقي ردات الفعل تراوحت بين قبول معتدل إلى عدم القبول أو الإعجاب مطلقاً.
مصدر من شركة التوزيع (وورنر) يخبرنا بأن أحد الأسباب المهمّة التي أدّت إلى فتور الإقبال على الفيلم هو أن عروضه التجارية تأخرت لأكثر من عام بسبب وباء «كورونا»، الذي أغلق الصالات وأضر بعدد كبير من الأفلام.
ربما، لكن الفيلم لا يقفز إلى الواجهة كما لو كان التأخير سبباً في فتور الإقبال. للتأكيد كان فيلم جيمس بوند الأخير «لا وقت للموت» تعرّض للتأخير ذاته لكن هذا لم يمنعه من جمع 774 مليون دولار عالمية حين بوشر بعرضه في العام الماضي.


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.