هل تطيح خلافات «القاعدة الدستورية» أمل الليبيين في الانتخابات؟

المجلس الرئاسي الليبي بقيادة محمد المنفي مستقبلاً المستشارة الأممية ومنسق البعثة (المكتب الإعلامي للرئاسي)
المجلس الرئاسي الليبي بقيادة محمد المنفي مستقبلاً المستشارة الأممية ومنسق البعثة (المكتب الإعلامي للرئاسي)
TT

هل تطيح خلافات «القاعدة الدستورية» أمل الليبيين في الانتخابات؟

المجلس الرئاسي الليبي بقيادة محمد المنفي مستقبلاً المستشارة الأممية ومنسق البعثة (المكتب الإعلامي للرئاسي)
المجلس الرئاسي الليبي بقيادة محمد المنفي مستقبلاً المستشارة الأممية ومنسق البعثة (المكتب الإعلامي للرئاسي)

على مدار أسبوع كامل، أجرت لجنة «المسار الدستوري» الليبي، محادثات بالعاصمة المصرية القاهرة، في أجواء وصفتها المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز بـ«التوافيقة»، لكن هذه الاجتماعات، التي حضرها وفدي مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» لم تثمر نتائج ملموسة باتجاه إجراء الاستحقاق الرئاسي المُنتظر.
فالخطاب التصالحي الصادر عن المشاركين في اللقاءات التي رعتها البعثة الأممية للدعم في ليبيا، على اختلاف انتماءاتهم الجهوية، لم تُخفِ مدى التعقيدات المحيطة بـ«القاعدة الدستورية» اللازمة لتسيير العملية الانتخابية، مما ضاعف المخاوف الشعبية من إطالة أمد التوصل إلى مرحلة إجراء الانتخابات العامة.
ما يدفع في هذا الاتجاه، مدى التباين في رؤية أعضاء اللجنة للشكل الذي يُفترض أن تكون عليه «القاعدة الدستورية»، كلٌّ حسب الوجهة التي يمثلها في الاجتماعات، إذ بدا أن فريق مجلس النواب التزم بمضمون التعديل الدستوري الثاني عشر، ومناقشة بعض النقاط الخلافية في مسوّدة الدستور فقط، في حين رأى فريق من الممثلين للمجلس الأعلى للدولة عدم الارتباط بالتعديل الدستوري الذي أصدره البرلمان والتوسع في تعديلات الدستور.
وسبق أن وضع البرلمان، الذي يعقد جلساته في مدينة طبرق، سقفاً لمفاوضيه في الاجتماعات، بضرورة العودة إليه ثانية بنتائج النقاشات، إذا خرجت بعيداً عن الإطار المحدد لهم، والشيء ذاته فعله أعضاء المجلس الأعلى.
وجرت محادثات القاهرة وفق مقترح المستشارة الأممية، بتشكيل لجنة مشتركة بين مجلس النواب و«الأعلى للدولة» للعمل على وضع «قاعدة دستورية» توافقية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وكانت تونس قد احتضنت جلسات تشاورية لأعضاء الأعلى للدولة برعاية أممية في ظل غياب أعضاء البرلمان.
ويتخوف سياسيون ليبيون من تمسك كل فريق بما يراه ملائماً ومعبِّراً عن مصالحه، في حين تتوه مصالح المواطنين ورغباتهم في دهاليز الأجهزة المسيطرة على البلاد، مشيرين إلى أن ليبيا في حاجة إلى رئيس منتخب يستطيع توحيد البلاد والمؤسسات، وإخراج «المرتزقة».
ويرى محمد المبشر، رئيس «مجلس أعيان ليبيا للمصالحة»، أن خروج «المرتزقة» من البلاد «لن يحدث بالتوسل للأمم المتحدة، ولا بالتصريحات لوكالات الأنباء أو البيانات التلفزيونية، لكنه مرهون بوحدة شعب وانتخاب رئيس شجاع».
وأمام الجمود المسيطر على الحالة الليبية الذي لم تنفك عن الانقسام السياسي، قالت البعثة الأممية إنها سعت خلال اجتماعات القاهرة لتيسير النقاشات العامة، وقدّم فريق الخبراء التابع لها إيضاحات فنية حول جملة من القضايا الدستورية المهمة، مستشهدين بتجارب دستورية من عدد من البلدان في المنطقة والعالم.
وأوصى المجلس الأعلى للدولة، لجنة التوافق على المسار الدستوري التابعة له بتقديم تقرير تفصيلي حول اجتماعات القاهرة التي انتهت نهاية الأسبوع الماضي، مع اللجنة المكلفة من مجلس النواب.
وقال المكتب الإعلامي للمجلس، أمس، إن رئاسة المجلس أوصت اللجنة بضرورة استعراض «الصعوبات والعراقيل التي ظهرت في الاجتماعات؛ والحلول المقترحة لإنجاح المسار الدستوري، على أن يُعرض التقرير على المجلس لاتخاذ التوصيات والتوجيهات اللازمة لإنجاز قاعدة دستورية متينة تؤدي إلى انتخابات شفافة بشكل عاجل».
وكانت ويليامز قد التقت مساء أول من أمس، في لقاءات منفصلة بطرابلس برفقة رايزدن زنينغا، منسق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وسفير تركيا لدى ليبيا كنعان يلماز، لإطلاعهم على تفاصيل محادثات القاهرة.
وقالت ويليامز في بيان صحافي إنها أطلعت رئيس حكومة «الوحدة» على نتائج مشاورات لجنة المسار الدستوري المكونة من مجلسي النواب والأعلى للدولة، بهدف الوصول إلى إطار دستوري توافقي لإجراء الانتخابات الوطنية في أقرب وقت ممكن، متابعةً: «خلال اجتماعنا، أشرتُ إلى ضرورة ضمان وجود جداول زمنية واضحة للانتخابات الوطنية».
وأعقبت ويليامز لقاء الدبيبة بزيارة مقر المجلس الرئاسي ولقاء رئيسه المنفي، ونائبيه عبد الله اللافي وموسى الكوني، وقالت: «أطلعتهم أيضاً على نتائج اجتماع اللجنة المشتركة»، مشيرة إلى الاتفاق على «أهمية الحفاظ على الهدوء والوحدة في ظل مناخ الاستقطاب الراهن».
وذهبت ويليامز إلى أن الأمم المتحدة تسعى «للبناء على التوافق الذي تحقق بين المجلسين مطلع العام الجاري؛ وذلك لإعادة تفعيل المسار الانتخابي وتلبية طموح الشعب الليبي الذي يؤمن بأن الحل النهائي للمراحل الانتقالية المتعاقبة والأزمات المترتبة عليها، يأتي عبر انتخابات تستند إلى إطار دستوري سليم وإطار انتخابي بمدد زمنية محددة».
وعقب فشل إجراء الانتخابات الليبية نهاية العام الماضي، أصدر مجلس النواب التعديل الدستوري الثاني عشر، وبمقتضاه تم تشكيل لجنة لوضع «خريطة طريق» للمسار الانتخابي، وتعديل مشروع قانون الدستور.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.