تأهب أمني في المعابر غير الشرعية بين سوريا ولبنان

TT

تأهب أمني في المعابر غير الشرعية بين سوريا ولبنان

تشهد مناطق الحدود السورية مع لبنان، حالة تأهب أمني وتشديد على المعابر غير الشرعية، في ظل أنباء عن ازدياد حركة تهريب البشر من سوريا إلى لبنان، على خلفية تردي الأوضاع المعيشية.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر خاصة، أن أجهزة أمنية عدة عززت حواجزها في منطقة القصير، غرب حمص، التي تتقاسم السيطرة عليه مع «حزب الله» اللبناني، مع تزايد تهريب البشر إلى لبنان بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، نتيجة ازدياد صعوبات الحياة في سوريا، بعد رفع الحكومة الدعم عن الوقود وعدم توفر كثير من مواد ومتطلبات العمل (كهرباء - مازوت - بنزين)، بالتزامن مع ارتفاع متواصل في الأسعار.
وبحسب المصادر، كانت نقاط التفتيش التابعة للنظام تبحث في سيارات العابرين عن مواد مهربة، لكنها منذ نحو الشهر، باتت تدقق في الهويات الشخصية للداخلين إلى المنطقة، لا سيما من غير أبنائها؛ إذ يخضع هؤلاء لاستجواب حول أسباب دخولهم، كما تلزمهم بترك هوياتهم لدى نقطة التفتيش في مدخل المنطقة لحين عودتهم. وتضم القصير والقلمون والزبداني في ريف دمشق العديد من المعابر الحدودية غير الشرعية، ويتنقل سكان تلك المناطق بين أراضي البلدين دون عوائق، لتكون واحدة من أنشط معابر التهريب في سوريا؛ سواء لتهريب البضائع والمخدرات والوقود، أم لعبور الفارين من الجحيم السوري إلى لبنان ومنه إلى بلدان أخرى.
وتشهد المناطق الحدودية مع لبنان، التي يسيطر عليها «حزب الله» اللبناني بالشراكة مع قوات النظام، حالات توتر بين فترة وأخرى، نتيجة الخلافات بين القوى المسيطرة على الأرض على حصص عائدات عمليات التهريب. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بحصول اشتباكات يوم الأربعاء الماضي، في قرية السحل التابعة لمركز ناحية النبك بالقلمون الغربي بريف دمشق، بين عناصر مجموعات تابعة لميليشيا الدفاع الوطني الرديفة لقوات النظام، أدت إلى إصابة ثلاثة عسكريين بسبب خلاف على تقاسم واردات التهريب. وكشف «المرصد» أن قرية السحل تشهد، منذ مطلع الأسبوع الحالي، توتراً بين مجموعات تابعة لميلشيا «الدفاع الوطني» الرديفة لقوات النظام، بسبب خلافات على تقاسم واردات طرق تهريب البشر والبضائع والمخدرات من وإلى لبنان.
وفي تقارير سابقة، أفاد «المرصد» بأن «حزب الله» اللبناني، ومنذ مطلع أبريل (نيسان)، استحدث عدة نقاط عسكرية جديدة قرب معابر التهريب مع لبنان على أطراف منطقة سرغايا الحدودية مع لبنان، ما أدى إلى حدوث توتر بين قوات الدفاع الوطني التابعة للنظام وعناصر الحزب، لأن النقاط الجديدة التي وضعها الحزب تقع عند الطرق غير الشرعية التي يستخدمها الدفاع الوطني لتهريب البشر والبضائع والمخدرات. ونقل «المرصد» عن مصادر لم يسمها وجود تحركات أخيرة غير اعتيادية في مناطق الحدود اللبنانية - السورية، نتيجة تصاعد الخلافات بين «حزب الله» وعناصر النظام، مشيراً إلى قيام «حزب الله» اللبناني بتحصين مواقعه العسكرية، بدءاً من مدينة الزبداني وصولاً إلى مناطق القلمون الغربي، حيث رفع سواتر ترابية أمام نقاطه العسكرية، وحفر أنفاقاً وخنادق بمحيطها ومحيط مقراته العسكرية «كما عمد الحزب إلى رفع الأعلام السورية فوق مواقعه، خوفاً من تعرضها لقصف إسرائيلي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».