كانت الدراما المصرية في أغسطس (آب) من عام 2010. على موعد مع تجربة مختلفة بطلها النجم الشاب - آنذاك - أحمد مكي الذي اشتهر بأسلوب جديد في عالم الضحك، مستوحى من مفردات شباب العصر، وأغاني الراب لا سيما في فيلميه «إتش دبور» و«طير أنت»، تمثلت التجربة الجديدة في مسلسل «الكبير أوي»، الذي يمزج مفردات الصعيد بكل ما يحمله من جاذبية للمشاهد مع عالم «السوشيال ميديا» وقاموس العصر في قالب كوميدي ساخر قادر على توليد الضحك الناتج عن المفارقات الدرامية والتناقضات بين الشخصيات.
تفاعل الجمهور بشكل كبير مع تلك «التركيبة» الجديدة التي تدور في قرية بعيدة منسية تسمى «الأزاريطة» يحكمها عمدة مستبد يلجأ للقسوة حفاظاً على هيبته هو «الكبير أوي»، الذي يجسد شخصيته أحمد مكي، إنه عمدة يبحث كذلك عن مسايرة العصر ويلم بقشور الثقافة الحديثة، لكنه محاط بحفنة من الأتباع مدعي الذكاء، والسذج خفيفي الظل أبرزهم «هجرس»، الذي جسد شخصيته الفنان محمد سلام، و«فزاع» الذي جسد شخصيته الفنان هشام إسماعيل، والحارس الشخصي العملاق «أشرف» الذي جسد شخصيته الفنان حسين أبو حجاج.
رحمة أحمد - النجم أحمد مكي (الشرق الأوسط)
المفارقة الكبرى كانت في ظهور أخ له ينازعه منصب العمدة هو «جوني» الذي تربى في الولايات المتحدة وجاء بثقافة وافدة متحررة مخالفة تماماً لقيم المجتمع المحافظ في قرى ونجوع جنوب مصر، ثم ظهر «حزلقوم» الأخ الثالث للكبير وجوني كشخصية محدودة الذكاء، متواضعة الوعي، طفولية الاهتمامات، ساذجة في أحلامها.
وجسد مكي كلاً من الشخصيتين الوافدتين ببراعة، وفق نقاد ومتابعين، نظراً للتناقض الرهيب والمضحك بين الشخصيات الثلاث في القاموس اللغوي وطريقة النطق الملابس والإكسسوارات وطريقة التفكير.
بعد سلسلة من التجارب السينمائية والتلفزيونية تراوحت بين النجاح والإخفاق، يعود مكي، لينافس في دراما رمضان لهذا العام بأيقونته المجربة، في الجزء السادس من «الكبير أوي»، يحافظ المؤلف أحمد صقر والمخرج أحمد الجندي على الحبكة العامة ومعظم الشخصيات الأساسية مع إضافة عدد من الخطوط الدرامية التي قد تحمل بعض المفاجآت. وعلى سبيل المثال، يفقد الكبير زوجته «هدية»، التي جسدت شخصيتها بكفاءة النجمة دنيا سمير غانم، ويتكفل بتربية ابنيه منها «جوني» و«العترة» لكنه يفاجأ بالأخير وقد تحول فجأة من طفل بملامح بريئة لا يتجاوز عمره سبع سنوات إلى شاب ضخم الجثة بشارب كث وبدانة واضحة نتيجة تناوله بعض الحليب الذي يحمل تركيبة كيمائية خاصة وضعها د. ربيع، «الطبيب الفاشل»، الذي يجسد شخصيته النجم بيومي فؤاد.
هناك أيضاً تحول دراماتيكي في شخصية «جوني» حيث يتعرض لحالة من الاكتئاب الشديد فيدمن الطعام ويصاب بالبدانة المفرطة ويصبح كسولاً للغاية لا يكاد يغادر مكانه بعد أن كان معروفاً بالحيوية والنشاط ومصدر إلهام في الحفاظ على الرشاقة.
وتعد مفاجأة المسلسل الكبرى، هي الوجه الجديد، الفنانة الشابة رحمة أحمد، التي جسدت دور «مربوحة»، زوجة الكبير الجديدة التي صنعت معه «ثنائياً» كوميدياً بتلقائيتها وقدرتها على إضحاك الجمهور دون افتعال عبر تجسيد شخصية الفتاة الساذجة، عديمة الخبرة، لكنها تتمتع بطيبة القلب ويقظة الضمير.
وتصدرت «مربوحة» الترند لعدة أيام لكن جمهور مواقع التواصل انقسم في تقييمها إلى فريق يراها تمثل مستقبل الضحك في مصر بموهبتها، وما تملكه من حضور آسر على الشاشة، بينما رأى آخرون أن الاحتفاء المبالغ فيه يعد «خيانة» لدنيا سمير غانم التي كانت أحد الأسباب الرئيسية لنجاح العمل طوال خمسة أجزاء وتعرضت لفقد والديها النجمين سمير غانم ودلال عبد العزيز في مدة تقل عن ثلاثة أشهر.
المقارنة بدنيا سمير غانم، يبدو أنها أزعجت رحمة أحمد، التي سارعت إلى التوضيح أنها ترفض هذه المقارنة لأنها أصلاً إحدى معجبات دنيا، وتعشق أداءها، موجهة في منشور عبر صفحتها على «فيسبوك» الشكر إلى النجم أحمد مكي الذي منحها هو والمخرج أحمد الجندي «فرصة عمرها» كي تعبر عن نفسها وتظهر ما لديها من إمكانات.
ويعتبر الناقد الفني محمد عبد الرحمن، أن أحمد مكي يعود إلى «المنطقة الآمنة» في علاقته بالجمهور وهي الكوميديا رغم نجاحه في دور ضابط الشرطة في مسلسل «الاختيار 2» لكن مسلسله السابق «خلصانة بشياكة» لم يحقق النجاح المنشود، مشيراً إلى أن ميزة «الكبير أوي» تكمن في أنه مسلسل يجمع بين الشخصيات التي أحبها الجمهور وارتبط بها وهي الثلاثي «الكبير وجوني وحزلقوم».
ويضيف عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «يشهد الجزء السادس من المسلسل رهاناً ناجحاً على تجديد دماء العمل من خلال الاستعانة بوجوه جديدة تتمثل في رحمة أحمد، وحاتم صلاح، ومصطفى غريب، جنباً إلى جنب مع الأسماء القديمة الناجحة».