الغلاء «يخنق» مائدة رمضان في السودان

متطوعون شباب يحضرون وجبة إفطار رمضانية في الخرطوم (رويترز)
متطوعون شباب يحضرون وجبة إفطار رمضانية في الخرطوم (رويترز)
TT
20

الغلاء «يخنق» مائدة رمضان في السودان

متطوعون شباب يحضرون وجبة إفطار رمضانية في الخرطوم (رويترز)
متطوعون شباب يحضرون وجبة إفطار رمضانية في الخرطوم (رويترز)

تناقصت الأطباق في المائدة الرمضانية واختفت العديد من الأصناف والوجبات الدسمة التي كان يحرص السودانيون على أن تزين مائدتهم في إفطار رمضان، بفعل الظروف المعيشية الطاحنة التي أفرزتها الأزمة الاقتصادية الناتجة عن عدم الاستقرار السياسي في البلاد.
وتقول بدرية الحاج (46 عاماً)، ربة منزل، الأسر السودانية اعتادت الاستعداد لشهر رمضان بتجهيز أغلب احتياجاتها من السلع بالجملة قبل فترة كافية، لكن الغلاء حرم الكثير من الأسر شراء تلك المستلزمات.
وتضيف: «رمضان هذا العام جاء في وقت تعيش فيه البلد ظروفاً صعبة وكل أسعار السلع مرتفعة وخاصة التي تكثر الحاجة لها اللحوم، والسكر والخضراوات».
وتقول الحاج بحسرة: «عندما كانت الأوضاع أحسن كانت وجبة الإفطار رمضان عامرة بكل أنواع المأكولات والمشروبات».
العصيدة وملاح «التقلية» أو«النعيمية» مصنوع من خليط بين الويكة والروب، ومشروب الحلو مر «الإبري» لا غنى عنها في المائدة الرمضانية عند السودانيين، لكن حتى هذه أصبحت غير يسيرة لبعض الأسر بحسب الحاج صابر العوض.
يقول العوض (57 عاماً)، أعمال حرة بمنطقة الخرطوم: «صينية رمضان تغيرت كثيراً عن السابق، مهما كان الوضع المادي، كان في ميسورنا توفير احتياجات رمضان بالكفاية».
ويضيف: «لا تخرج صينية الإفطار إلى الشارع إلا وبها على الأقل أربعة أصناف من الأطعمة اللحوم والبقوليات ورغيف الخبز، وكذلك المشروبات البلدية مثل الحلو مر والإبري الأبيض، والمشروبات المصنوعة المخلوطة من الفاكهة الجوافة والبرتقال والمانجو». ويتابع العوض: «لا أقول إن هذه الأشياء لا توجد الآن، لكن عندما كانت أمورنا المادية متيسرة، نستطيع أن نشتريها بكميات تكفينا دون أن تتأثر ميزانية الشهر».
ومع دخول شهر رمضان شهدت أسعار الكثير من السلع ارتفاعاً كبيراً، ورغم تراجعها واستقرارها لا تزال تشكل عبئاً على أصحاب الدخول اليومية وغير الثابتة، بينما يشكو التجار من الركود وضعف القوة الشرائية.
وتقول فاطمة محمد، بائعة أطعمة وشاي، بشارع النيل بالخرطوم: «الأسعار مولعة نار، كيلو السكر بالقطاعي 600 جنيه سوداني، وكيلة الذرة بنحو 4500 جنيه، ورطل الزيت، 600. أضف إلى ذلك البصل والبهارات، هذه احتياجات ضرورية في صناعة أي وجبة لا يمكن الاستغناء عنها».
وتضيف: «الغلاء هو السبب في أن الناس غير قادرة على أن تتحصل على وجبات كاملة في الإفطار، الآن أقل تكلفة للطبق الواحد تتجاوز 3 آلاف جنيه».
وتقول فاطمة محمد: «النساء كن يقمن بتنويع الأطباق في مائدة الإفطار بصورة شبه يومية، اللحمة نقدمها في أصناف مختلفة، وكذلك الأطباق الأخرى (العصيدة والقراصة) وجميع أنواع المشروبات، نضعها في إفطار الرجال أمام المنازل، الآن ومع هذه الأوضاع الصعبة تخرج صينية الإفطار ناقصة كثير من الأطباق والمشروبات».
وتختم فاطمة محمد حديثها معي قائلة: «من يستطيع أن يوفر القليل من احتياجاته في رمضان، عليه أن يتفقد آخرين ظروفهم صعبة».
وتذخر المائدة الرمضانية بأصناف وأنواع الأطعمة، ومن الأكلات الشعبية المحببة والتي لا تكاد تخلو مائدة منها، «العصيدة» التي تصنع من دقيق الذرة، ويتم إضافة «الملاح»، الذي ينوع بين «الويكة» أو ملاح الروب الأبيض، أو ملاح «النعيمية»، وهنالك من يفضلون على الإفطار وجبة «القراصة» بالدمعة (الصوص).
والى جانب هذه الأصناف من الأطعمة يحرص السودانيون على تزيين مائدتهم بصحن من «البليلة» ومن أشهر أنواعها العدسية والكبكي «الحمص» أو بليلة الذرة، إضافة إلى البلح بأنواعه المختلفة من العجوة وبركاوي وقنديلا.
والمشروبات البلدية أشهرها «الإبري الأحمر» يطلق عليه اسم «الحلو مر» والكركديه والتبلدي والليمون والإبري الأبيض.
ورغم الأوضاع المعيشية الصعبة وضيق ذات اليد لملايين السودانيين تحت خط الفقر، فإنهم يحرصون على تناول إفطار رمضان في جماعات خارج المنازل، حيث يتجمع الجيران أمام إحدى الساحات أو الميادين يتناولون إفطارهم ويؤدون صلاة المغرب في جماعة.


مقالات ذات صلة

​مصر: نفحات رمضانية تدعو للمحبة والسلام في «ليالي المقامات الروحية»

يوميات الشرق راقص مولوي وتعبيرات عن معاني القصائد والأناشيد (الشرق الأوسط)

​مصر: نفحات رمضانية تدعو للمحبة والسلام في «ليالي المقامات الروحية»

بين ثنايا بيت السناري الأثري بقلب القاهرة تفوح أناشيد إسلامية ومدائح نبوية بأصوات عذبة تعزز الأجواء الإيمانية في ليالي شهر رمضان بمصر

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق مصطفى غريب نال إشادات عدة (حسابه على فيسبوك)

فنانون بأدوار داعمة يلفتون الأنظار في دراما رمضان بمصر

لفت فنانون بأدوار داعمة الأنظار في الدراما الرمضانية المصرية هذا العام، حيث تنوعت مشاركاتهم بين الظهور الشرفي، والأدوار الثانوية، وحتى الأدوار الثانية.

أحمد عدلي (القاهرة )
المشرق العربي جموع مُصلّين خلال صلاة التراويح في مسجد أبي ذر الغفاري بحي التضامن جنوب دمشق (الشرق الأوسط)

بعد التغيير السوري... عودة قوية للطقوس الرمضانية

تغيرات باتت ملحوظة في أول رمضان بعد سقوط نظام الأسد، إذ يتردد السوريون بأعداد كبيرة على المساجد منذ حلول الشهر الفضيل، وباتت المساجد تغص بالمصلين الشباب أيضاً

موفق محمد (دمشق)
يوميات الشرق المؤذن علي ملا أشهر مؤذني الحرم المكي المعاصرين (واس)

«مقامات الأذان» شاهد عناية المسلمين بنداء الإيمان

منذ 14 قرناً يواظب المسلمون على أداء الفريضة في 5 أوقات معلومة خلال اليوم ويربطهم بها الأذان المسجدي الذي بذل المسلمون على مدى تاريخهم عنايتهم به وبتجويده.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق تطلُّ سينتيا كرم بدور فريد تُخرج منه ما يحلو انتظاره (لقطة من «بالدم»)

ممثلون يتألّقون في رمضان ويتفرَّدون بالشخصية اللافتة

المتفرّدون قوالبهم صبُّوها بخصوصية، حمَّلوها اجتهادهم، وأضافوا منهم إليها. حضورهم لا يقلّل من آخرين يؤدّون بمهارة ويُقنعون. لكنَّ الفارق أحياناً بأصناف الأدوار.

فاطمة عبد الله (بيروت)

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT
20

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.