الغرب يدفع نحو إضعاف قدرة روسيا على استخدام الفيتو في مجلس الأمن

جانب من جلسة مجلس الأمن حول الحرب في أوكرانيا مساء الثلاثاء (أ.ف.ب)
جانب من جلسة مجلس الأمن حول الحرب في أوكرانيا مساء الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

الغرب يدفع نحو إضعاف قدرة روسيا على استخدام الفيتو في مجلس الأمن

جانب من جلسة مجلس الأمن حول الحرب في أوكرانيا مساء الثلاثاء (أ.ف.ب)
جانب من جلسة مجلس الأمن حول الحرب في أوكرانيا مساء الثلاثاء (أ.ف.ب)

رفضت روسيا الدعوات التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أجل إقرار هدنة إنسانية بمناسبة عيد الفصح بالتقويم الشرقي، في وقت بدأت فيه الدول الغربية بتأييد مساع جديدة عبر الجمعية العامة للمنظمة الدولية لإضعاف قدرة موسكو على استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، أقوى المنتديات الدولية المخصصة لصون الأمن والسلم الدوليين، ولكنه عاجز عن التدخل في أوكرانيا وغيرها من بلدان العالم.
وقدمت ليشتنشتاين بدعم من 57 دولة مشروع قرار بعنوان «مبادرة حق النقض، الفيتو». وأفاد المنسق السياسي لبعثة ليشتنشتاين الدائمة لدى الأمم المتحدة مات إدبروك، بأن 57 دولة تدعم حتى الآن المبادرة التي قدمتها بلاده عبر مشروع قرار يطلب من رئيس الجمعية العامة عقد اجتماع تلقائي في غضون عشرة أيام للأعضاء الـ193 في كل مرة يستخدم فيها الفيتو من أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين. ويمنح النص «الأسبقية في قائمة المتكلمين للعضو الدائم، أو الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الذين استخدموا حق النقض». كما يدعو إلى «تقديم تقرير خاص عن استخدام حق النقض المعني إلى الجمعية العامة قبل 72 ساعة على الأقل من المناقشة ذات الصلة». ويدرج بند «استخدام حق النقض» في جدول أعمال الدورة السنوية السابعة والسبعين للجمعية العامة والتي تبدأ في سبتمبر (أيلول)، مع إبقائه على جدول أعمال الجمعية العامة. ويشير إلى أنه «في حال استخدام حق النقض من قبل عضو أو أكثر من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن خلال الفترة المتبقية من الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة الحالية، يدعو رئيس الجمعية العامة إلى عقد اجتماع رسمي لأعضاء الجمعية العامة».
وفي إشارة إلى مشروع القرار هذا، أكدت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد أن الولايات المتحدة لديها «القوة والقدرة على إضعاف الفيتو الروسي في مجلس الأمن»، مضيفة أن «واشنطن ستواصل حشد المجتمع الدولي لإدانة ما تفعله روسيا في أوكرانيا».
- أوضاع اللاجئين والنازحين
في غضون ذلك، وبطلب من المكسيك وفرنسا، عقد مجلس الأمن جلسة مساء الثلاثاء ناقش خلالها أوضاع اللاجئين من أوكرانيا والنازحين فيها، بما في ذلك مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بهدنة إنسانية لأربعة أيام بمناسبة عيد الفصح بالتقويم الشرقي، والذي تحتفل فيه الطوائف الأرثوذكسية في كل من روسيا وأوكرانيا. واستمع أعضاء المجلس إلى إحاطة من نائبة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كيلي كليمنتس عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من المجر، حيث يوجد نصف مليون من اللاجئين. وتحدثت كليمنتس مشيرة إلى أن التقديرات الأممية تفيد أن 13 مليوناً آخرين لا يزالون في المناطق الأكثر تضرراً داخل أوكرانيا. وقالت إن المفوضية «كانت تستعد لأربعة ملايين لاجئ، والآن مع دخول الحرب أسبوعها الثامن، بلغ عدد اللاجئين خمسة ملايين ولا تزال الأعداد ترتفع». وشددت على استمرار العمل لتوسيع نطاق المساعدة المنقذة للحياة للنازحين داخلياً في عموم أوكرانيا، وخاصة في وسط وشرق البلاد، حيث «يتكشف كابوس إنساني وحشي». وحضت مجلس الأمن على «القيام بعمله ووضع الخلافات جانبا، وإيجاد طريقة لإنهاء هذه الحرب المرعبة».
وكذلك قدم المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة أنطونيو فيتورينو إفادة تتضمن تقييماً لأوضاع 7.1 مليون شخص من النازحين داخليا. وناشد أطراف النزاع «التمسك بالتزاماتها ضمن القانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين ومنازلهم والبنية التحتية المدنية». وحدد مخاطر محددة يواجهها النازحون داخليا واللاجئون ورعايا الدول، موضحاً أنه «في الحالات التي فيها نزوح جماعي، يمكن للمرء أن يتوقع أن يعاني ما يصل إلى 30 في المائة من السكان من شكل من أشكال التأثير النفسي السلبي ومشاكل الصحة النفسية». وعبر عن «القلق» على وضع النساء والأطفال الذين تركوا أوكرانيا أو ظلوا نازحين فيها، في إشارة إلى الاتجار بالبشر، والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
وقال وزير الخارجية الآيرلندي سيمون كوفيني الذي شارك في جلسة مجلس الأمن: «أدعو روسيا مباشرة إلى الموافقة على وقف إطلاق نار لأغراض إنسانية فوراً، والتزام المفاوضات واحترام هذا الميثاق». وأكد أن آيرلندا لا تستطيع البقاء صامتة، ولن تفعل ذلك، في حين تستمر هذه الحرب المدمرة والرعناء، وطالب جميع أعضاء المجلس بألا يصمتوا أيضاً. وركز على «تداعيات الحرب على الضعفاء حول العالم، وبخاصة على الدول في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي وأميركا اللاتينية». وأضاف «ارتفع سعر القمح والزيت بنسبة 300 في المائة في الصومال، حيث نزح أكثر من 700 ألف شخص بسبب الجفاف. احتياطي القمح في فلسطين قد ينفد في غضون ثلاثة أسابيع».
- فرنسا والمكسيك
وتلا المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيير كلمة مشتركة مع نظيره المكسيكي خوان رامون دي لافيونت، فلفت إلى أن الجلسة مخصصة لبحث وضع اللاجئين والنازحين، موضحاً أن واحدا من كل أربعة أشخاص في أوكرانيا نزحوا بسبب الحرب الروسية ضد أوكرانيا، و90 في المائة من اللاجئين والنازحين هم من النساء والأطفال. وقال: «نعتقد أن لدينا مسؤولية جماعية لحماية وتقديم المساعدة للاجئين والنازحين داخليا دون أي تمييز». وأضاف أن حماية المدنيين ضرورة مطلقة، مؤكداً دعم نداء الهدنة خلال عيد الفصح الذي أطلقه الأمين العام أنطونيو غوتيريش الثلاثاء.
- رفض روسي للهدنة
من جانبه، قال نائب المندوب الروسي الدائم دميتري بوليانسكي إن بلاده «واجهت عواقب تدهور الوضع في أوكرانيا فور الانقلاب المناهض للدستور الذي حدث هناك في فبراير (شباط) 2014». وإذ أشار إلى مطالبة غوتيريش بهدنة إنسانية خلال عيد الفصح، اعتبر بوليانسكي أن «الدعوات إلى السلام ووقف إطلاق النار تبدو كاذبة جداً وغير صادقة في ظل هذه الظروف». ورأى أن «ما يجري عملياً هو فقط منح القوميين والراديكاليين في كييف فترة راحة حتى يتمكنوا من إعادة تجميع صفوفهم». وأضاف أن موسكو «ستفصل بعناية مثل هذه الدعوات التكتيكية للسلام الزائف عن الرغبة الصادقة لمساعدة أوكرانيا في اتخاذ القرارات الصحيحة الوحيدة التي طال انتظارها».
أما المندوبة الأميركية، فركزت على ما يمكن القيام به لمساعدة اللاجئين ومساعدة دول المواجهة على حماية أولئك الذين يبحثون عن الأمان. وأعلنت أن الولايات المتحدة رحبت بما يصل إلى مائة ألف أوكراني، علما بأن بلادها تمول الجهود لدعم جميع الذين فروا من أوكرانيا. وحضت على التصدي لخطر الاتجار بالبشر. وقالت إن «العالم يتطلع إلى الأمم المتحدة ويتساءل عن كيفية الاستجابة في أعقاب تصرفات روسيا غير المعقولة».


مقالات ذات صلة

لازاريني: متمسكون بالأمل ونتطلع لاستئناف الدعم الأميركي لـ«الأونروا»

المشرق العربي أكد لازاريني أن «الأونروا» تحظى بدعم مالي وسياسي قوي من السعودية (صور الأمم المتحدة) play-circle 01:02

لازاريني: متمسكون بالأمل ونتطلع لاستئناف الدعم الأميركي لـ«الأونروا»

تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تحديات غير مسبوقة، مع اقتراب موعد تنفيذ قرار الاحتلال الإسرائيلي منع عملها في الأراضي…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

نقل مسؤولان أمميان هواجس السوريين إلى مجلس الأمن بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد وشدّدا على التمسك بمقتضيات القرار «2254» رغم تحفظات السلطات المؤقتة

علي بردى (واشنطن)
أوروبا جانب من الدمار جراء الغارات الروسية على مدينة تشيرنيف الأوكرانية (رويترز)

مقتل أكثر من 12300 مدني منذ بدء الحرب في أوكرانيا

قالت مسؤولة في الأمم المتحدة، اليوم (الأربعاء)، إن أكثر من 12300 مدني قُتلوا في الحرب الأوكرانية منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا قبل نحو ثلاث سنوات.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (أرشيفية - الشرق الأوسط)

نداء أممي لجمع 370 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الحرب في لبنان

أطلقت الأمم المتّحدة والحكومة اللبنانية، الثلاثا،ء نداء جديدا لجمع تبرّعات بقيمة 371.4 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكّان المتضرّرين.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتّحدة)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.