أنباء كردية عن «تنسيق» بين دمشق وأنقرة لـ«حصار أحياء» في حلب

TT

أنباء كردية عن «تنسيق» بين دمشق وأنقرة لـ«حصار أحياء» في حلب

تحدث مسؤول كردي عن تنسيق بين دمشق وأنقرة لـ«حصار» أحياء في حلب، في وقت ناشد مسؤول حكومي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الضغط على «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن، لفك الحصار عن المربعات الأمنية في مدينتي الحسكة والقامشلي شمال شرقي سوريا.
في هذا الوقت، أعلنت قوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية إلقاء القبض على قيادي «داعشي» كبير في بلدة الهول، بعد مقتل ثلاث نساء داخل مخيم الهول شرق مدينة الحسكة، في حين نفت قوات «قسد» مسؤوليتها عن قصف بلدة جرابلس الخاضعة لسيطرة فصائل سورية معارضة موالية لتركيا.
وذكر صالح مسلم، عضو الهيئة الرئاسية لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» أن حواجز الفرقة الرابعة مستمرة في فرض حصار على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية داخل مدينة حلب، منذ 13 مارس (آذار) الماضي، إذ تمنع دخول المواد الأساسية والغذائية والطحين والأدوية والمحروقات إلى الحي. وقال مسلم في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن إعطاء أي معنى لهذا الحصار سواء أنه جاء نتيجة الاجتماعات التي تمت مؤخراً بين حكومة دمشق وتركيا في روسيا وبغداد».
ورغم نفي الحكومة السورية عقد مثل تلك اللقاءات الأمنية مع الجانب التركي في هذه الظروف، يرى مسلم أنه «مهما أنكرت حكومة دمشق، فإن الجميع يعلم أن الاجتماعات تمت بين الطرفين. مسؤولو الحكومة التركية أفصحوا عن ذلك، ودمشق أغلقت كافة المنافذ في منبج والطبقة لفرض سياسية التجويع بحق أبناء شعبنا بحلب».
وفيما رفض «مجلس سوريا الديمقراطية» سياسة الحصار التي تتبعها الحكومة السورية على سكان الأحياء الكردية في حلب، قال مرعي الشبلي، عضو الهيئة الرئاسية للمجلس، في اتصال هاتفي من داخل مدينة حلب: «أهالي الشيخ مقصود والأشرفية والشهباء هم سوريون، وهذه المناطق جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية».
وأشار الشبلي إلى أن الحكومة السورية تسعى لبسط سلطتها على كامل المنطقة وإنهاء المقاومة الشعبية هناك، «فإذا كانت حكومة دمشق تعتقد أنها تستطيع بهذه السياسة إرضاخ أبناء شعبنا الذين دافعوا عن أحيائهم وعن مدينة حلب، فلن نرضخ، وسنبقى حاملين لواء المقاومة». وطالب بسحب حواجز الفرقة الرابعة المتمركزة على مداخل الأحياء المذكورة، وضرورة رفع الحصار المفروض، والسماح بدخول جميع المواد الأساسية التي تلبي احتياجات المواطنين.
من جانبه، طالب محافظ الحسكة اللواء غسان خليل، خلال استقباله وفداً من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا برئاسة مارات أتامورادوف، من المنظمات الإنسانية أن تؤدي دوراً مهماً لفك الحصار عن المدنيين في الحسكة والقامشلي.
وقال خليل في حديث صحافي نشرته مواقع حكومية إن مدينة الحسكة «تعيش ظروفاً استثنائية، ويحارب المواطن للحصول على لقمة عيشه، وهذا الحصار يرقى إلى مرتبة الجرائم ضد الإنسانية، لا سيما أننا نمر حالياً في شهر رمضان المبارك»، مشيراً إلى أن قوات «قسد»، ولليوم الـ11 على التوالي، تمنع دخول مواد الطحين والمحروقات والخضار والمواد الغذائية وصهاريج نقل المياه إلى مراكز المدينتين.
وأضاف خليل أن غالبية المواد الضرورية «نفذت وعلى رأسها الطحين، وكذلك المحروقات، وأن معظم الدوائر الخدمية تعمل مولداتها الكهربائية على المازوت، بما فيها المخبز الوحيد (مخبز المساكن) ومركز اللؤلؤة الطبي المحدث».
إلى ذلك، أعلنت القوات الخاصة التابعة لقوى الأمن الداخلي في الإدارة الذاتية القبض على قيادي في «تنظيم داعش» في منطقة الهول شرق الحسكة، في عملية نوعية بدعم ومشاركة قوات التحالف الدولي أمس الاثنين.
وقال مسؤول أمني كبير إن القوات عملت خلال الفترة الماضية على رصد مجموعة خلايا نائمة موالية للتنظيم وتعقب تحركاتهم، «وتتبعت قواتنا أحد القادة عن تنفيذ عمليات اختطاف لصالح (داعش) والمشاركة في التخطيط لهجمات واغتيالات في منطقة الهول، وبعد جمع الأدلة بتورطه بالأعمال الإرهابية، أُلقي القبض عليه بمشاركة ودعمٍ من التحالف الدولي».
وأكد المسؤول أنهم ضبطوا بحوزته وثائق ومعدات تقنية وأجهزة خلوية وأسلحة صيد وجعبا عسكرية كان يستخدمها أثناء تنقلاته.
ونفذت العملية بعد يوم على مقتل ثلاث نساء في مخيم الهول، حيث عثرت قوى الأمن «الأسايش» يوم أمس على ثلاث جثث مجهولة الهوية في القسم الأول من مخيم الهول. وأظهرت التحقيقات أن القتلى تعرضوا للرصاص الحي من قبل مجهولين يرجح أنهم موالون لـ«تنظيم داعش».
وهذه هي الجريمة الرابعة التي تقع بعد مقتل شاب عراقي بسلاح مزود بكاتم صوت في 10 من الشهر الحالي في القسم الرابع من المخيم.
من جهة ثانية، نفت قوات «قسد» عبر بيان رسمي قصف بلدة جرابلس الخاضعة لسيطرة فصائل سورية معارضة موالية لتركيا. واستنكر مدير المركز الإعلامي، فرهاد شامي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، نسب أنباء كاذبة عن قصف مدفعي واستهداف سيارة وعدد من الأشخاص في مدينة جرابلس أدى إلى قتل وجرح عدد من الأشخاص بينهم عسكريون، وأكد «أن تلك الأنباء عارية عن الصحة، ولم نشن أي هجوم خلال الفترة الماضية في المنطقة المذكورة، ونسب ذاك الهجوم لقواتنا إنما يهدف إلى التغطية على الجهة الحقيقية الفاعلة». وأضاف أن الأدلة والتحقيقات الميدانية بحسب الصور المنشورة لمكان الاستهداف والسيارة المستهدفة «تشير إلى أن الهجوم تم بواسطة طائرة مسيرة اخترقت الأجواء السورية، وهذا ما تقوم به عادة الطائرات المسيرة التابعة لتركيا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».