رغم إلغاء إغلاق الضفة للتهدئة الشرطة تقتحم الأقصى

وصول الوفد المصري للوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين

فلسطينيون ينظفون المسجد الأقصى أمس بعد اشتباكات مع قوات الأمن الإسرائيلية في البلدة القديمة بالقدس (د.ب.أ)
فلسطينيون ينظفون المسجد الأقصى أمس بعد اشتباكات مع قوات الأمن الإسرائيلية في البلدة القديمة بالقدس (د.ب.أ)
TT

رغم إلغاء إغلاق الضفة للتهدئة الشرطة تقتحم الأقصى

فلسطينيون ينظفون المسجد الأقصى أمس بعد اشتباكات مع قوات الأمن الإسرائيلية في البلدة القديمة بالقدس (د.ب.أ)
فلسطينيون ينظفون المسجد الأقصى أمس بعد اشتباكات مع قوات الأمن الإسرائيلية في البلدة القديمة بالقدس (د.ب.أ)

في الوقت الذي أعلن فيه وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، عن إلغاء قرار سابق له بفرض إغلاق على الضفة الغربية في الجزء الثاني من «عيد الفصح» العبري، وبرر القرار بأنه جاء لتشجيع الجهود التي تبذلها مصر للتهدئة في القدس والمسجد الأقصى المبارك، اندلعت مواجهات جديدة واقتحمت قوات إسرائيلية باحات الحرم القدسي الشريف بدعوى أن فتية فلسطينيين قذفوا حجارة على حافلات ركاب تقل المصلين اليهود إلى باحة الحائط الغربي للهيكل (البراق).
وقالت مصادر فلسطينية، حظيت بإسناد من نشطاء في اليسار الإسرائيلي المشارك في الحكومة، إن الإجراءات الإسرائيلية العنيفة في القدس والضفة الغربية عموماً، وفي المسجد الأقصى بوجه خاص، «تأتي لحسابات سياسية وحزبية داخلية في إسرائيل وليس لمجرد حسابات أمنية... فالحكومة برئاسة نفتالي بنيت تشعر بالفزع من أن ينجح اليمين المتطرف في تحريض الشارع عليها ووصفها بـ«الجبانة التي لا تتمتع بالقوة الكافية لردع الفلسطينيين». وقد هاجم رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، بنيت وحكومته بروح هذا الوصف. وقال، في تغريدة له على الشبكات الاجتماعية، أمس الأحد، إن «قيام الفتية الفلسطينيين بقذف الحجارة على المصلين اليهود هو دليل على أن خصومنا العرب يشمون رائحة ضعف الحكومة عندنا. فعندما يجدون حكومة تطأطئ الرأس، يرفع الإرهاب رأسه ويوجه ضرباته على المناطق الحساسة والضعيفة في جسد دولتنا، ألا هي الأماكن المقدسة».
ودعا نتنياهو مجدداً الحكومة إلى الاستقالة وإتاحة الفرصة لتشكيل حكومة يمينية قوية يتمثل فيها الفكر اليميني بكل جبروته والعمل على ردع الفلسطينيين. وقالت المصادر الفلسطينية والمصادر اليسارية الإسرائيلية إن التعليمات التي أصدرها بنيت إلى الشرطة وسمح بموجبها لقوات الشرطة والمخابرات، مرتين، خلال 3 أيام الأخيرة، الجمعة والأحد، باقتحام الأقصى، ليست فقط لحماية نحو ألف مستوطن يهودي دخلوه، أمس وحده، فحسب؛ بل أيضاً لقمع المصلين الفلسطينيين الذين يرابطون في الحرم ويهتفون ضد الاحتلال والمستوطنين.
وحسب النائب عن «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية المعارضة، سامي أبو شحادة، فإن هناك ارتباكاً وخلافات واضحة حتى داخل الحكومة إزاء التعامل مع الشارع الفلسطيني، وفي بعض الأحيان يبدو الأمر كأنه تقاسم أدوار. من هنا جاء قرار غانتس إلغاء الإغلاق حول الضفة الغربية المقرر لليلة الأربعاء وحتى مساء السبت، في ختام الجزء الثاني من عيد الفصح وعيد الميمونة (اليهودي المغربي) الذي يليه. لكن مقرباً من غانتس نفى ذلك، وقال إن قراراته تمت بالتنسيق مع بنيت ومع وزير الخارجية، يائير لبيد، وضمن سياسة الحكومة الأمنية، التي تشجع التهدئة.
وأكدت مصادر إسرائيلية، أمس، أن وفداً رفيعاً من المخابرات المصرية وصل إلى إسرائيل، أول من أمس، واتفق معها على تهدئة أيضاً في الضفة الغربية «باستثناء الاحتياجات الأمنية السيارة». وأن الاتفاق حظي بموافقة مسبقة من السلطة الفلسطينية في رام الله من جهة؛ ومن حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في قطاع غزة من جهة ثانية. ولكن الفلسطينيين يرون أنه تحت ستار «الاحتياجات الأمنية السيارة»، تواصل السلطات الإسرائيلية البطش بالفلسطينيين ومحاولة إبعادهم بالقوة عن الأقصى. ويعرضون أشرطة توثق عمليات قمع شرسة ضدهم، تشمل اعتقالات جماعية، وضرب المصلين، والاعتداء على الصحافيين وتحطيم كاميراتهم وتكسير أيدي عدد منهم لمنعهم من توثيق الأحداث.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.