مبادرات لمواقع التواصل للحد من «المعلومات الزائفة» حول المناخ

مبادرات لمواقع التواصل للحد من «المعلومات الزائفة» حول المناخ
TT

مبادرات لمواقع التواصل للحد من «المعلومات الزائفة» حول المناخ

مبادرات لمواقع التواصل للحد من «المعلومات الزائفة» حول المناخ

في خطوة تثير الكثير من التساؤلات حول دور مواقع التواصل الاجتماعي في مواجهة «الأخبار الكاذبة» بشأن قضايا المناخ، أعلن موقع التواصل «بنتريست» حظر نشر «المعلومات الزائفة» المتعلقة بالتغيرات المناخية. وبينما يتوقع متخصصون أن «تشهد الفترة المقبلة مبادرات مماثلة، في ظل الزخم الذي تحظى به قضايا المناخ»، يؤكد آخرون أن «هذه الجهود لن تحد من (المعلومات الزائفة) خاصةً أن اهتمامات ودوافع مواقع التواصل الاجتماعي تختلف عن اهتمامات المدافعين عن المناخ».
موقع «بنتريست» المتخصص في مشاركة الصور والفيديو حول الموضة والديكور واللايف ستايل، كشف عن سياسته الجديدة في بيان تناقلته وسائل الإعلام العالمية، الأسبوع الماضي، فأعلن أنها «تستهدف حظر مشاركة (المعلومات المضللة) المتعلقة بالمناخ، يتم بموجبها حذف أي محتوى ينكر وجود آثار للتغيرات المناخية، أو ينكر دور البشر بالتسبب في الأضرار المناخية، إضافة إلى اتخاذ إجراءات بشأن المحتوى (الزائف والمضلل) حول الحلول لمواجهة التغيرات المناخية، وكذا المحتوى الذي يحرف البيانات العلمية، والمحتوى (الضار أو المضلل) المتعلق بحالات الطوارئ، والسلامة العامة»، إلى جانب «حظر الإعلانات التي تحتوي على (معلومات خاطئة) أو (نظريات مؤامرة) تتعلق بتغير المناخ». وبحسب «بنتريست» فإنها «سوف تتخذ إجراءات ضد من يكرر مخالفة هذه السياسات الجديدة، تصل إلى حد حذف هذه الحسابات».
دوغ شريدان، الكاتب المتخصص في اقتصاديات الطاقة العالمية، مؤسس مركز «أبحاث إنيرجي بونيت» المتخصص في شؤون الطاقة، تساءل حول جدوى وجدية إجراءات «بنتريست». وقال شريدان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «معظم المسؤولين عن مواقع التواصل الاجتماعي متحيزون ضد الوقود الأحفوري، وأنه رغم أن تغير المناخ يمثل مشكلة؛ إلا أن هناك أشخاصاً على دراية جيدة، يرون أن البشرية تبالغ في ردة فعلها تجاه هذه التهديدات». وأعرب شريدان عن اعتقاده أن «تلك المجموعات التي تعتقد أن هناك مبالغة في ردة الفعل تجاه التغيرات المناخية، هي من سيتم تصنيف منشوراتها، باعتبارها (أخبار مضللة)، بينما سوف يتم التسامح مع المنشورات التي تتحدث عن العواقب الكارثية للتغيرات المناخية على البشرية».
في حين علقت الصحافية علياء حامد، رئيس تحرير مجلة نيتشر (الطبعة العربية)، لـ«الشرق الأوسط» قائلة إن «الفترة الماضية شهدت زيادة في الاهتمام بقضايا المناخ بشكل عام، في أعقاب التقارير الدولية الأخيرة، التي تحدثت عن الأضرار الكارثية والمرعبة لتغيرات المناخ»، موضحة أن «ذلك يضع عبئاً على مواقع التواصل الاجتماعي للعمل مع وسائل الإعلام لمواجهة (المعلومات المضللة) بشأن التغيرات المناخية، كما فعلت من قبل في الانتخابات الأميركية الأخيرة، وفي التعامل مع جائحة (كوفيد - 19)».
في السياق ذاته قالت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية في تقرير لها، فبراير (شباط) الماضي، إن «آثار التغيرات المناخية تصاعدت بشكل أكبر من المتوقع، وأصبحت نتائجها لا رجعة فيها»، وأن «ما بين 3.3 مليار شخص و3.6 مليار شخص، أي أكثر من 40 في المائة من سكان العالم، يعيشون في أماكن وأوضاع شديدة التأثر بتغير المناخ، وأن ارتفاع مستوى البحار سوف يؤدي إلى تآكل السواحل، وإلى فيضانات وفقدان موارد المياه العذبة».
وهنا يعتبر خبراء ومتخصصون أن «سياسة (بنتريست) الجديدة، هي امتداد لسياسات حظر (المعلومات الزائفة) التي اتخذتها منذ عام 2017، عندما قررت حظر (المحتوى المضلل) في قضايا الصحة واللقاحات وغيرها». ونقلت شبكة «سي إن إن» الأميركية، عن سارة بروما، مدير السياسات في موقع «بنتريست» قولها «استمعنا كثيراً لشكوى خبراء المناخ، من الضرر الذي تتسبب فيه (المعلومات المضللة) حول المناخ، وخاصةً روايات إنكار التغيرات المناخية، وهو نوع من الضرر يهدد سلامة مستخدمي موقع (بنتريست)، وسلامة المواطنين بشكل عام».
من جانبه يشكك شريدان في «جدية مواقع التواصل الاجتماعي في مواجهة التغيرات المناخية». ويقول «لا أعتقد أن الدوافع وراء قرارات مواقع التواصل الاجتماعي في هذا المجال، هي نفسها دوافع الخبراء المهتمين بالتغيرات المناخية». ويشير إلى أنه «في ظل اهتمام العالم بالتغيرات المناخية، فإنه يفرض ضغوطاً على المؤسسات الإعلامية، ومواقع التواصل كجزء من الفضاء الإعلامي تستجيب لهذه الضغوط».
وتتفق معه حامد بقولها إن «المسألة بالنسبة لمواقع التواصل متعلقة بالمصالح، وعائدات الإعلانات وغيرها»؛ لكنها «في النهاية تستجيب ولو جزئياً لضغوط المجتمع» -على حد قولها-، مشيرة إلى أن «سياسات مواقع التواصل الاجتماعي لمنع (الأخبار المضللة) حول جائحة (كورونا) نجحت إلى حد ما في رصد (الأخبار المغلوطة)، وحظر كثير من المنشورات، وإن ظلت هناك مصالح أخرى تحكم العمل»، على حد قولها.
من جهة ثانية وجه أكثر من 200 عالم مناخ، وناشط، ومنظمة تكافح «المعلومات المضللة» في نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، خطاباً مفتوحاً إلى رؤساء «فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«غوغل»، و«تويتر»، و«بنتريست»، و«ريديت»، طالبوهم بـ«وضع سياسات لمواجهة (الأخبار المزيفة) حول التغيرات المناخية، أسوة بما فعلوه بشأن جائحة فيروس (كورونا)».
ورغم أن الخبراء والمتخصصين يرون أن «(بنتريست) هي المنصة الأولى التي اتخذت خطوات فعلية في هذا المجال»، إلا أن هناك منصات أخرى اتخذت إجراءات تتعلق بالمناخ، ففي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلنت «غوغل» عن «منع ظهور أي إعلانات على الصفحات التي تنكر التغيرات المناخية، مما يحرم هذه الصفحات من الأرباح»، بينما قالت شركة «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك» في نوفمبر الماضي، إنها «اتخذت بعض الإجراءات لمواجهة (المعلومات المضللة) حول التغيرات المناخية، تتضمن وضع ملصقات معلوماتية على المنشورات المتعلقة بالمناخ، والسماح لمدققي المعلومات المستقلين بوضع تنبيهات حول (المعلومات الخاطئة)، وتشجيع الحصول على المعلومات من المصادر الموثوقة، ومركز علوم المناخ التابع لها»... أما موقع «تويتر» فقال إنه «سيوجه مستخدميه إلى مصادر دقيقة للمعلومات حول المناخ».
ويشكك مراقبون في «جدوى سياسات مواقع التواصل الاجتماعي في الحد من (المعلومات المضللة) بشكل عام، والمعلومات الخاطئة حول المناخ بشكل خاص».
وهنا يقول شريدان «لست واثقاً من قدرة العالم على التخلص من (المعلومات المضللة)». ويبرر ذلك «بعدم تمكن البعض من تمييز الحقيقة، إضافة إلى عدم حفاظ بعض وسائل الإعلام على الموضوعية».
من جهتها ترى حامد أن «منع وحظر (الأخبار أو المعلومات المضللة) غير كاف للحد منها». وتضيف: «لا بد من فتح نقاش عام مع مروجي هذه (المعلومات الخاطئة) ومنكري التغيرات المناخية، ومحاولة إقناعهم والرد على أسئلتهم ومخاوفهم»، مشيرة إلى أن «التجربة أثبتت أن بعض الحسابات التي منعت من النشر على (تويتر) لترويجها (معلومات مضللة) بشأن جائحة (كورونا)، وجدت مساحة للنشر على منصات بديلة مثل (تليغرام)»، لذا «لا بد من ربط المعلومات عن المناخ بحياة المواطن اليومية، ومحاولة الرد على تساؤلاته ومخاوفه».


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)

أثار قرار شركة «ميتا» بحذف أكثر من مليونَي حساب على منصات «فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب»، خلال الأشهر الماضية، تساؤلات بشأن سياسات الشركة حول حماية بيانات المستخدمين، لا سيما أن القائمين على القرار برّروا الخطوة بأنها جاءت بهدف «مواجهة عمليات الاحتيال الرقمي». ووفق خبراء تحدَّثوا مع «الشرق الأوسط» فإن «الخطوة تعد تطوراً في سياسات (ميتا) لحماية البيانات».

«ميتا» ذكرت، في تقرير صدر نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن السبب وراء حذف الحسابات هو «رصد عمليات احتيال رقمي كانت قد قامت بها تلك الحسابات». ويُعدّ هذا التقرير الأول الذي تكشف من خلاله «ميتا» عن تفاصيل استراتيجيتها للتصدي للأنشطة الاحتيالية العابرة للحدود. وعدّ مراقبون هذه الخطوة تعزيزاً لاتباع سياسة واضحة تجاه أي اختراق لحماية المستخدمين. وكتبت الشركة عبر مدونتها «لا مكان على (فيسبوك) أو (إنستغرام) أو (واتساب) للمجموعات أو الأفراد الذين يروّجون للعنف، والإرهاب، أو الجريمة المنظمة، أو الكراهية».

هيفاء البنا، الصحافية اللبنانية والمدرّبة في الإعلام ومواقع التواصل، رأت في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «ميتا» تعمل على تحديث أدواتها لحماية المستخدمين. وأضافت: «تركز سياسات (ميتا) على الحدِّ من الجريمة المنظمة عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) المتطورة، وتعمل هذه التقنيات على تحليل النشاطات المُريبة على المنصات واكتشاف المحتويات المرتبطة بالجريمة المنظمة».

ووفق البنا فإن «(ميتا) تُراجع وتحدّث سياساتها بشكل دوري، كي تتفادى أي تهديدات تلاحق المستخدمين، وكانت الشركة قد أوضحت أن خوادمها الـ(Servers) المنتشرة في الدول يتم تحديثها بشكل دوري؛ لضمان مواكبة أي تغييرات، ولضمان بيئة أكثر أماناً لمستخدمي منصاتها حول العالم».

وأردفت: «التزاماً بلائحة حماية البيانات العامة، تتعامل (ميتا) مع الأشخاص الذين تُحلّل بياناتهم عبر رموز مشفّرة، وليس عبر أسمائهم الحقيقية، ما يضمن الحفاظ على خصوصياتهم»، مشيرة إلى أن حماية بيانات المستخدمين لا تتوقف على «ميتا» فقط.

إذ شدّدت الإعلامية والمدرّبة اللبنانية على تدابير يجب أن يتخذها المستخدم نفسه لحماية بياناته، إذ توصي مثلاً «بتفعيل خاصية (التحقق بخطوتين/ Two-Factor Authentication)؛ لضمان أمان الحسابات، ويمكن أيضاً استخدام تطبيقات مثل (Google Authentication)، التي تولّد رموزاً سرية تُستخدم للدخول والتحقق من هوية المستخدم، وكذا يمكن استخدام خاصية الإبلاغ التي توفّرها (ميتا) بسرية تامة، حيث يصار إلى التعامل مع هذه البلاغات من خلال فرق مختصة أو تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لضمان بيئة آمنة للجميع».

معتز نادي، المدرّب المتخصص في الإعلام الرقمي، عدّ خلال حوار مع «الشرق الأوسط» تحرّكات «ميتا» الأخيرة انعكاساً لـ«تفاقم مشكلة الاحتيال عبر الإنترنت وزيادة التهديدات السيبرانية التي تواجه المستخدمين». ورأى أن «تحديات (ميتا)» تصطدم بتطور الاحتيال، وازدياد عدد المستخدمين بما يتجاوز نحو مليارَي مستخدم، وتشديد الرقابة الرقمية التي تضعها في مرمى نيران الانتقادات، خصوصاً مع انتقاد خوارزمياتها الكثير من الأحداث السياسية التي شهدها العالم أخيراً.

وحول جدية «ميتا» في حماية بيانات المستخدمين، قال معتز نادي: «بنظرة إلى المستقبل، سيكون الأمان الرقمي بحاجة إلى مجاراة التطور من حيث تقنيات الذكاء الاصطناعي، والعمل على تثقيف المستخدمين عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لمنع أي اختراق لخصوصياتهم».