الكوارع والممبار تتصدر موائد المطاعم الفخمة

أطباق مُطورة لمغازلة جيل الألفية في مصر

محمود فتحي مُطوّر الوصفات ومؤسس مطعم «الغوري»
محمود فتحي مُطوّر الوصفات ومؤسس مطعم «الغوري»
TT

الكوارع والممبار تتصدر موائد المطاعم الفخمة

محمود فتحي مُطوّر الوصفات ومؤسس مطعم «الغوري»
محمود فتحي مُطوّر الوصفات ومؤسس مطعم «الغوري»

جيل «زي»، أو جيل الألفية، يفرض ثقافته يوماً بعد يوم، وبات التطور والتكيف لمتطلباته ضرورة خاصة فيما يتعلق بالتذوق والأطباق الجذابة التي لم يعاصرها.
صحيح التطور طال الوصفات المصرية بسبب تزاوج الثقافات غير أن الأكلات الأصيلة، التي ربما لا يعرفها في العالم سوى أهالي مصر، بقيت حاضرة وبارزة، ليس على السفرة المنزلية فحسب، بينما لها أمكنة وموردون.
فمثلاً أطباق «الكوارع» والممبار، والحمام المحشي، وجميع «فواكه اللحوم»، جميعها أكلات تحظى بإقبال واسع في الأوساط الشعبية، وكانت قبل سنوات لا تُقدم إلا في مطاعم بسيطة بالقاهرة، يطلق عليها «المسمط»، لكن الآن اختلف الوضع وباتت تقدم في أفخم المطاعم وبشكل لا يخلو من التجريب.

لفائف المحشي مع صوص الديمي غلاس

ارتبطت هذه الأكلات الشعبية بالطبقة المتوسطة والكادحة، لكن مذاقها المميز لدى البعض جعلها ضمن قائمة المطاعم الراقية في الأحياء الجديدة بشرق القاهرة، وباتت بعض المطاعم تتنافس على تقديمها لكن بعد تطويرها بنمط يناسب جيل الألفية وجمهور مواقع التواصل الاجتماعي.
الآن، بات بإمكان الزائر أن يتناول أطباق العكاوي والفتة وفواكه اللحوم داخل مطعم مُترف، وديكور يستحضر مصر الإسلامية الزاخرة بالتصاميم، كما طال التطور الوصفات، فدخلت بعض تفاصيل المطبخ الحديث لتزيد من روعة المذاق وتحافظ على الأصل.
وهنا يقول لـ«الشرق الأوسط» محمود فتحي، مُطور الوصفات ومؤسس مطعم «الغوري» المتخصص في الأكلات الشرقية، إن هذا الشق من المطبخ رغم تفرده كان بحاجة إلى التطوير، مضيفاً «المطعم الشرقي زاخر بالوصفات الشهية، لكن أتصور أنه كان بانتظار مطورين لهم من الخبرة والجرأة لاستيعاب نقاط القوة وأسرار المذاق الجذاب، وفي الوقت عينه، تطوير هذه الأطباق بما لا يخل بأصولها وهويتها».
ويردف: «تطوير الأطباق الشعبية، بات ضرورة، بعد أن أصبحت مصر سوقاً تضم جميع الثقافات الخاصة بالطعام، من الشرق وحتى أقصى الغرب. لم يأتِ التطوير بتغيير العناصر الرئيسية التي تُميز مذاق الأطباق التي اشتهر بها المطبخ المصري، مثل الكوارع وفواكه اللحوم والعكاوي، بينما كان ثمة تحدٍ يتلخص في تطوير طريقة التقديم وأجواء المطعم الذي يقدمها».

أطباق تقليدية بقالب عصري

الطعام ثقافة لا يمكن هضمها إلا بالإبحار في التاريخ، لا سيما إذا كان الهدف هو تقديم طبق يحمل مع كل مكون أو إضافة قصة من تاريخ مصر، وفي هذا الصدد، يُعلق فتحي مستخلصاً من تجربته في إعادة تقديم الأكلات الشعبية بنمط عصري؛ مضيفاً «المكان مُصمم من مشربيات خشبية، ومدون على الجدران الأشعار الصوفية، وما إن تجلس لتلتقط أنفاسك إلا وصوت أم كلثوم يتغلغل إلى أعماقك؛ ويقول فتحي: «كل شيء تم اختياره من أعماق مصر، حتى قائمة الطعام تم تقسيمها وتسمية الأكلات باسم أحياء مصر الشعبية، على غرار شارع المُعز، ومسجد الحسين، والسيدة زينب، والغورية، حتى روايات نجيب محفوظ كان لها نصيب، قائمة الطعام تضم أكلات منسوبة لرواية قصر الشوق. كل هذا لم يكن بغرض تجاري بينما نشعر وكأن الهوية المصرية هي سر التميز».
بيد أن تطوير أكلات مصرية محفورة في قلب شعبها، لم تكن بالمهمة اليسيرة، بينما ثمة معادلة يجب التحرك على أساسها، وهي الحفاظ على المذاق المستساغ الذي اعتاد عليه رواد المطبخ المصري الشعبي، فهو جزء من الهوية وأصالة المذاق، مع إضافة لمسات التطوير بنعومة لا تفقد الطبق شخصيته... وهنا يوضح فتحي خطوات التحديث «في البداية قدمنا الحمام المحشي بالكوارع، وكلاهما مما يعشقه رواد المطبخ المصري، غير أن الخطأ في مزجهما ينسف الهدف، لذا استغرقت المهمة نحو 25 يوماً بين التجربة والتعديل، بهدف الوصول إلى أفضل مذاق أصيل وعصري، وتحقق ذلك من خلال التفاصيل، مثل طهي الكوارع بطريقة محددة مع إضافة الأرز المصري والبصل المفري المكرمل ورشة من توابلنا الخاصة، والنتيجة جاءت مبهرة وأصبحت الوصفة تحتاج إلى براءة اختراع».
ويمضي في القول حول الوصفات التي تم تطويرها بالفعل، ويقول: «قدمنا أيضاً فطيرة المخاصي والكوارع، حاولنا أن نقترب من مذاق كباب الحلة، كنوع من مزج المذاقات، لكن بما يحمي شخصية كل طبق. كذلك، لحم الموزة اعتادنا تناوله مع صحن من الفتة المصري الغارقة في صلصة الطماطم والخل والثوم، لكن هذه المرة حاولنا تقديمه في ثوب جديد من البازلاء وفرش الضأن (منديل الطرب) داخل طاجن من الفخار».
ليس مألوفاً أن تضم قائمة طعام مطعم غارق في الشرقية طبق الباستا أو المعكرونة، لكن حسب مطور الوصفات، كان وجودها ضرورة، ويقول مطور الطعام: «حتى المعكرونة، حاولنا ضمها لمطبخنا الشرقي بهدف مزج الثقافات، أضفنا لها السجق والمخاصي وقطع الكوارع، لكن اخترنا المعكرونة المرمرية لتكون الأقرب للمطبخ الليبي، مثل المبقبقة، مع مزجها بالمصري ليخرج مزيج ثقافات بشكل رائع».
وفي رحلة التطوير ظهر الكرنب، وهو أكلة مصرية خالصة لها وصفة راسخة من مئات السنين. يقول فتحي: «أضفنا للفائف محشي الكرنب اللحم المفري الغارق في صوص الديمي غلاس، مع حلقات البصل المكرمل ويُطهى ذلك في طاجن، ويتم تقديمه بطريقة المقلوبة، مذاق رائع ورحلة تجمع الشعوب العربية».

الحمام المحشي بالكوارع

ويضيف فتحي: «منطقياً أن يكون من بين عشاق الأكلات الشرقية، أو الشعبية كما يطلق عليها المصريون، أجيال من الخمسينات وصاعد، لكن ما فاجأنا أن الجيل (زي)، هو من أبرز رواد (الغوري)»، متابعاً: «جيل الألفية سئم الأكلات الغربية التي سيطرت على السوق المصرية، ثمة عودة إلى الجذور ألاحظها في مناحي الحياة وكأن التمسك بالهوية بات ضرورة في عالم يصارع من أجل تذويب ثقافة الشعوب العربية».
وأنهى مطور الطعام حديثه بضرورة الحفاظ على هوية الطبق المصري الشعبي: «المبالغة في الفخامة داخل بعض المطاعم لن تحقق الغرض ولن تشعر الزائر بالسعادة، بينما مصر الأصيلة حقيقية وبسيطة وصادقة، وهكذا نأمل في أن يبقى مطبخها مزدهراً وبارزاً رغم المنافسة القاسية».



فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)
الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)
TT

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)
الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام في أهم المطاعم، حيث قدم مطعم «سباغو» و«كت» بالتعاون مع «روح السعودية» أطباقاً مبتكرة للشيف باك والطهاة التنفيذيين معه.

وقدم مطعم «سباغو الرياض» تجربة غير مسبوقة لتذوق أشهى أنواع «الستيك» تحت إشراف الشيف براين بيكير (Brian Becker)، الشيف التنفيذي الإقليمي لمجموعة الشيف ولفغانغ باك الحاصلة على نجوم «ميشلان»، في حين قدم مطعم «كت» تشكيلة متنوعة من الأطباق الشهية، حيث تتلاقى نكهات «كت» مع لمسة محلية أصيلة.

وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الشيف دانيال أيرفاين (Daniel Irvine) الشيف التنفيذي في «سباغو»: «نقوم هنا في السعودية بتقديم تجربة طعام حصرية لضيوف المطعم المميزين، ضمن العمل على إعادة تعريف مشهد المطاعم الراقي في (ڤيا الرياض)، في ظل فعاليات (موسم الرياض) و(روح السعودية)، وأتوقع أن تصبح الرياض عاصمة الأكلات العصرية».

وتوقع الشيف دانيال أن تشهد السعودية عامة والرياض خاصة، نقلة نوعية في عالم الضيافة الفاخرة وأسلوب الحياة، في ظل المقومات التي تتمتع بها من حيث قدرتها على جذب الذوّاقة، بما يساهم في تطوير مشهد الطعام.

وقال الشيف الأميركي براين بيكير لـ«الشرق الأوسط» إن الرياض تسعى بقوة لتعزيز ثقافة طعام محلية وعالمية، بشكل متناغم. وأضاف: «نقدم من خلال استضافة (سباغو) لمطعم (كت)، تجربة مميزة للضيوف بأجواء راقية، مع تقديم الطعام بأسلوب فني وخدمة سريعة ودقيقة ونسيج مريح من الموسيقى الراقية، تصنع شكلاً من الإبداع الترفيهي».

وأضاف الشيف براين: «نعمل على تقديم قائمة طعام تشمل مجموعة مختارة من أشهى أنواع اللحوم والمأكولات البحرية الفاخرة بلمسات محلية مميزة، ومن أبرز الأطباق (تارتار ستيك برايم) مع خبز ريفي مشوي، وقطعة لحم (آنغوس بورترهاوس) مشوية على الفحم».

وشدد الشيف براين على أن «ڤيا الرياض» مناسبة جميلة تحمّس العاملين في «سباغو» و«كت» للإبداع والابتكار في مجال المأكولات الراقية في الرياض، ضمن مكونات موسمية طازجة، مع إعداد قائمة متنوعة من الأطباق الشهية، مثل «تارتار التونة» (بلو فِن تونة تارتار) الحارة، و«شنيتزل» لحم العجل، و«بيتزا» السلمون المدخن.

ولفت إلى أن التصميم الداخلي للمطعم يجمع بين طراز كاليفورنيا وعناصر من الثقافة السعودية، مع لمسة من الفن المحلي، مؤكداً الاستمرار في تقديم تجربة طعام استثنائية مع إطلالات مفتوحة على المطبخ الرئيس.

وتوقع أن تصبح الرياض عاصمة الطعام، بشكل يعكس مقومات جاذبية المملكة، وقدرتها على الجمع بين الروح الريادية المحلية، وأفضل المهارات العالمية الثرية، والقدرة على قيادة التحول في سوق الرفاهية والضيافة على مستوى المنطقة.