مصر: مسلسل رمضاني يستنفر رد الأزهر

المشيخة دعت إلى عدم تشويه المفاهيم الدينية لـ«زيادة المشاهدات»

مصر: مسلسل رمضاني يستنفر رد الأزهر
TT

مصر: مسلسل رمضاني يستنفر رد الأزهر

مصر: مسلسل رمضاني يستنفر رد الأزهر

أكد الأزهر الشريف «دعمه للإبداع المستنير الواعي»، وحذّر في بيان له من «إذكاء الأفكار المتطرفة، وتشويه صورة عالم الدين في المجتمع بحثاً عن الشهرة والمشاهدات». ورغم أن بيان الأزهر لم يذكر صراحة اسم عمل فني بعينه؛ لكن مصادر مقربة من الأزهر، ووسائل إعلام محلية ونقاداً أشاروا إلى أنه «يتحدث عن مسلسل (فاتن أمل حربي) الذي يعرض حالياً، ويتناول مشكلات العلاقة الزوجية، وبعض الأمور المرتبطة بالدين وقانون الأحوال الشخصية».
ووفق البيان الذي أصدره «مركز الأزهر العالمي للفتوى»، مساء أول من أمس، فإن الأزهر «يرفض تشويه المفاهيم الدينية والقيم الأخلاقية بهدف إثارة الجدل، وزيادة الشهرة والمشاهدات، ويعد ذلك أنانية ونفعية بغيضة، لا علم فيها ولا فن، تعود آثارها السلبية على استقامة المجتمع»، منتقداً ما وصفه بـ«تعمد تقديم عالم الدين الإسلامي بعمامته الأزهرية البيضاء في صورة الجاهل، معدوم المروءة، وهو ما يعد تنمراً مستنكراً وتشويهاً مرفوضاً، لا يتناسب وتوقير مصر لعلماء الدين ورجاله».
وتحدثت «الشرق الأوسط» مع مصدر أزهري في هيئة كبار العلماء -تحفظ على ذكر اسمه- فأكد أن «الأزهر يدعم الإبداع ويدعم الفنون، وهو ليس ضد الفن كما يدعون؛ لكنه ضد أي أعمال تسيء إلى الإسلام، وتهز صورة عالم الدين»، لافتاً إلى أن «أحداث أحد المسلسلات الرمضانية تعمدت تشويه بعض المفاهيم الدينية، مما يؤثر سلباً على المجتمع».
بينما أكد مصدر آخر مقرب من الأزهر الشريف لـ«الشرق الأوسط» أن «البيان موجه ضد مسلسل (فاتن أمل حربي) الذي يتضمن بعض الإشارات المباشرة ضد الفقه، مثل سؤال البطلة في المسلسل عما إذا كان هذا كلام الله، ورفضها لكلام الفقهاء، إضافة إلى أن المسلسل يتضمن مزايدة على الأزهر وعلمائه، وتصديراً له وللفقه باعتباره السبب الرئيسي في مشكلات المرأة».
من جهته، وصف محمد عبد الرحمن، وهو صحافي وناقد فني، بيان الأزهر بأنه «شديد اللهجة ويحمل عبارات تحذيرية، وليس فقط بياناً للتوضيح أو العتاب». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «البيان رغم أنه لم يذكر اسم مسلسل بعينه؛ إلا أن جميع ما ورد فيه يشير بالتأكيد إلى مسلسل (فاتن أمل حربي)».
ويناقش مسلسل «فاتن أمل حربي» الذي تقوم ببطولته الممثلة نيللي كريم، المشكلات والعقبات القانونية التي تتعرض لها المرأة المُطلَّقة، من بينها الحضانة والنفقة، مع تطرقه لرأي الدين في هذه القضايا، والمسلسل من تأليف الصحافي المصري إبراهيم عيسى، وتمت مراجعته دينياً بواسطة الدكتور سعد الدين الهلالي.
ويوضح عبد الرحمن أن «المسلسل لم ينتقد الأزهر ككيان؛ لكنه تناول الشيخ الأزهري بعمامته، وأظهره في صورة مختلفة عن الصورة النمطية له، وهي صورة قد تبدو غريبة وغير منطقية، فلا يوجد شيخ يلتقي سيدة في حديقة مثلاً».
وجاء في بيان الأزهر أن «الإسلام أعطى الأم حق حضانة أولادها عند وقوع الانفصال، وفي حال النزاع أعطت الشريعة الإسلامية للقاضي حق تقدير المواقف، بما يراعي مصلحة الأطفال»، واصفاً محاولة «التستر خلف لافتات حقوق المرأة لتقسيم المجتمع، وتصوير التراث الإسلامي كعدو للمرأة» بأنه «فكر خبيث مغرض يستبيح الانحرافات الأخلاقية، ويدعو إلى استيراد أفكار غربية دخيلة لطمس الهوية العربية والإسلامية».
المصدر المقرب من الأزهر، قال إن «موقف شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب من الحضانة معروف، وهو موقف داعم للمرأة؛ لكن كاتب المسلسل يحاول إلقاء كل الأخطاء على الفقه، رغم أن المشكلة هنا قانونية، وكان يمكن تجنب هذا الجدل لو ركز العمل على الجوانب القانونية».
في السياق ذاته، أكد عبد الرحمن أن «المسلسل يتناول قضايا المرأة وقانون الأحوال الشخصية في ظاهره؛ لكن تطور الأحداث يشير إلى أنه يتحدث عن قضايا دينية في الأساس»؛ مشيراً إلى أن «الدخول في نزاع ديني يؤثر على القضية الأساسية، ويحد من تحقيق أهدافها المتعلقة بحقوق المرأة، وكان على صناع العمل الانتباه لذلك؛ خصوصاً أن المسلسل فتح الجدل حول رجال يعانون أيضاً من نتائج الطلاق بسبب تعسف زوجاتهم، فالقضية اجتماعية لها أكثر من جانب، وكان من الأفضل تناولها بعيداً عن الإطار الديني المباشر».
في سياق متصل، أصدر «مجمع البحوث الإسلامية» بالأزهر الشريف بياناً أمس، قال فيه إن «الفن والإبداع رسالة سامية»، مؤكداً أن «تعمد تشويه صورة رجل الدين هو سعي واضح لإسقاط القدوة في هذا المجتمع».



المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.