التكنولوجيا «سلاح للتوثيق» في حرب أوكرانيا

الحجم الهائل للمواد يمثل تحدياً كبيراً لحفظها

أوكرانية تبكي أمس على جثة ابنها الذي قتل في بوتشا (أ.ب)
أوكرانية تبكي أمس على جثة ابنها الذي قتل في بوتشا (أ.ب)
TT

التكنولوجيا «سلاح للتوثيق» في حرب أوكرانيا

أوكرانية تبكي أمس على جثة ابنها الذي قتل في بوتشا (أ.ب)
أوكرانية تبكي أمس على جثة ابنها الذي قتل في بوتشا (أ.ب)

ما زالت حرب روسيا على أوكرانيا تحتسب بالأيام، لكن صور الفظاعات المرتكبة باتت بمئات الآلاف. ويعد النزاع الأول الذي تصدر عنه أدلة ثرية إلى هذا الحد بشكل آني، لكن الحجم الهائل للمواد يمثل تحدياً كبيراً لأولئك الذين يحاولون حفظها واستخدامها أدلةً على جرائم الحرب. ويقول مدير منظمة «الذاكرة» ومؤسس «الأرشيف السوري» هادي الخطيب، الذي جمعت منظمته نحو 400 ألف مادة منذ فبراير (شباط)، إن «حجم المواد التي نراها غير مسبوق».
وتؤكد ويندي بيتس، التي أسست مجموعتها «شاهد عيان على الفظائع»، وهي تطبيق يسمح للمنظمات غير الحكومية بجمع الأدلة، الحجم الهائل للمواد. وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية، «آخر مرة بحثت، كانت لدينا خلال الأسابيع الستة الماضية كمية (أدلة) تعادل تقريباً ما نحصل عليه عادة في العالم خلال ستة أشهر». والخبراء الدوليون جزءٌ من خطة كشفها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لـ«آلية خاصة» من أجل التحقيق في آلاف الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. وسلمت بيتس بعض التسجيلات المصورة لمدعين أوكرانيين فيما يعمل الخطيب مع مجموعات أخرى لمعالجة المواد التي بحوزته. لكن رغم كل ميزات التكنولوجيا، لم يؤد هذا النوع من التسجيلات المصورة دوراً بارزاً إلا في عدد محدود من القضايا في المحاكم. وقد تكون أوكرانيا رائدة في جمع الأدلة باستخدام التكنولوجيا.
اكتسب الخطيب خبرته من الحرب السورية، حيث لا يزال فريقه يغربل أرشيفاً من أربعة ملايين ملف. ولم يتم التحقق من صحة إلا خمسة في المائة منها، حسب قوله. ويدرب فريقه برنامجاً قائماً على الذكاء الصناعي للتعرف على مواد تضم قنابل عنقودية روسية مثلاً، ما يسمح بمنح أولوية لهذا النوع من التسجيلات. لكن التقدم بطيء، ويتعين في نهاية المطاف على شخص التحقق من كل ملف. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، «بالنسبة إلى التكنولوجيا، لم نصل إلى مراحل متقدمة بعد، لكننا نحاول».
وفي البداية، كان هدف الخطيب استخدام المواد من أجل النشاط الحقوقي وكتذكار، وهو أمر لا يتطلب سوى أن يكون التسجيل المصور حقيقياً. لكن استخدام هذه التسجيلات لتأسيس قضية قانونية أمر مختلف. ويتعين إثبات أن أمراً لم يطرأ على التسجيل على مدى سلسلة الأدلة.
وصُمم تطبيق «شاهد عيان على الفظائع» خصوصاً لهذا الغرض، إذ يخزن كل بيانات التعريف بشكل آمن داخل التطبيق. وقالت بيتس، «لا يمكننا التحقق من أي أمر تداولته وسائل التواصل الاجتماعي... يجب أن يلتقط التسجيل باستخدام تطبيق الكاميرا». ويمثل التحدي الرئيسي بالنسبة إليها بناء الثقة في أوساط المنظمات غير الحكومية والناشطين الذين قد يستخدمون التطبيق. وفي أوكرانيا، كانت مجموعة «شاهد عيان على الفظائع» تعمل في الأساس مع أشخاص في مناطق النزاع في شرق البلاد منذ خمس سنوات، وبالتالي كانت انطلاقتها مبكرة.
وتشدد بيتس والخطيب على أن الخبرة في التكنولوجيا التي أظهرها الأوكرانيون تساعد جهودهما بشكل كبير. تعلم ناشطون ومحققون الكثير منذ الحرب الأهلية في سوريا، حيث استخدمت الهواتف المحمولة بشكل واسع لتوثيق الفظائع. ويقول بيل وايلي، وهو كندي يوثق جرائم الحرب منذ 25 عاماً، «فكرة المواطن المحقق أو انخراط المواطن في عملية التحقيق... ظهرت فعلياً في سوريا عام 2011».
واهتم وايلي مذاك بمتابعة حملة تنظيم «داعش» الوحشية في سوريا والعراق، عندما استخدم عناصره بشكل واسع وسائل التواصل الاجتماعي. وما زالت مؤسسته «لجنة العدالة والمساءلة الدولية» تبحث في آلاف الهواتف الذكية والأقراص الصلبة للحواسيب عن معلومات يمكن استخدامها من فترة سيطرة تنظيم «داعش». وقال إن «التكنولوجيا الحديثة واستخدامها الواسع في مناطق النزاع، يعدان من منظور ضيق للتحقيق الجنائي سيفاً ذا حدين». لكنه إلى جانب الخطيب يقارن بين حجم المواد وقدرة البرامج على توفير تحليل دقيق.
وأشار وايلي إلى أن على المحققين أن يكونوا انتقائيين للغاية في اختيار التسجيل الذي سيستخدمونه، لافتاً إلى مثال مسرح ماريوبول، حيث يعتقد أن قصفاً روسياً في 16 مارس (آذار) أسفر عن مقتل مئات المدنيين. وقال «لا تحتاج إلى صورة للطائرة تحلق فوق الهدف قبل إلقاء القنبلة». وأكد أنه بدلاً من ذلك، سيسعى لتأمين أي معلومات قد تربط هجمات مماثلة بأي شخص قد يكون أمر بها، سواء كانت اتصالات هاتفية تم اعتراضها، أو رسائل عبر البريد الإلكتروني أو وثائق.
ويؤكد جميع المحققين أنهم جزء من فريق أهدافه مشابهة. وقالت بيتس «ستكون هناك حاجة لكل هذه المعلومات المتفرقة لتجميع أجزاء أحجية الأدلة العملاقة هذه». كما أن جميعهم مؤمنون بأن المسؤولين سيحاسبون في نهاية المطاف. وقال وايلي، «قد يستغرق الأمر بعض الوقت، لكننا سنرى مذكرات توقيف صادرة ضد عدد من القادة الروس».


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا ترمب وزيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي: ترمب قادر على وقف بوتين

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الخميس إن بمقدور الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أن يحسم نتيجة الحرب المستعرة منذ 34 شهرا مع روسيا،

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناة تلغرام)

زيلينسكي: عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترمب قد يساعد في إنهاء حرب أوكرانيا

اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قد يساعد على إنهاء الحرب مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف )
أوروبا صورة من مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية 7 نوفمبر 2024 يُظهر جنوداً من الجيش الروسي خلال قتالهم في سودجانسكي بمنطقة كورسك (أ.ب)

روسيا: كبّدنا القوات الأوكرانية خسائر جسيمة على محور كورسك

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، اليوم الخميس، أن الجيش الروسي استهدف القوات المسلحة الأوكرانية بمقاطعة كورسك، وكبّدها خسائر فادحة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

بايدن: أميركا مستعدة لتقديم أي مساعدة لكوريا الجنوبية بعد تحطم طائرة

TT

بايدن: أميركا مستعدة لتقديم أي مساعدة لكوريا الجنوبية بعد تحطم طائرة

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الأحد، إن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم أي مساعدة ضرورية لكوريا الجنوبية بعد حادث سقوط طائرة حصد أرواح العشرات.

وأضاف بايدن، في بيان نقلته وكالة «رويترز» للأنباء، «لكوننا حليفين مقربين، فإن الشعب الأميركي لديه روابط صداقة عميقة مع الشعب الكوري الجنوبي، ونعبر عن تعازينا للمتضررين من هذه المأساة. الولايات المتحدة مستعدة لتقديم أي مساعدة ضرورية».

وتأكد مقتل 179 شخصاً، الأحد، في أسوأ كارثة طيران تشهدها كوريا الجنوبية على الإطلاق عندما تحطمت طائرة ركاب بعد هبوطها وانحرافها عن المدرج واصطدامها بجدار قبل أن تتحول إلى كرة من اللهب في مطار موان الدولي.

وقالت وزارة النقل في كوريا الجنوبية إن الحادث وقع لدى وصول الرحلة رقم «7 سي 2216» التابعة لشركة «جيجو إير» القادمة من بانكوك عاصمة تايلاند، وعلى متنها 175 راكباً وستة من أفراد الطاقم، ومحاولتها الهبوط بالمطار في جنوب البلاد بعد التاسعة صباحاً بالتوقيت المحلي بقليل (00:00 بتوقيت غرينتش).

ونجا فردان من الطاقم ويتلقيان حالياً العلاج من إصابتيهما.

وذكرت وزارة النقل أن الحادث خلف أكبر عدد من القتلى في تحطم طائرة داخل أراضي كوريا الجنوبية.

وأظهر مقطع مصور بثته وسائل إعلام محلية الطائرة «بوينغ 737-800» ذات المحركين وهي تنزلق على المدرج دون عجلات هبوط ثم تصطدم بمعدات ملاحة وبجدار لتتحول إلى كرة من لهب وحطام.

وبموجب قواعد الملاحة الجوية العالمية، ستقود كوريا الجنوبية تحقيقاً مدنياً في ملابسات التحطم سيشمل تلقائياً المجلس الوطني الأميركي لسلامة النقل، حيث جرى تصميم وصنع الطائرة.

وقال المجلس، الأحد، إنه يقود فريقاً من المحققين الأميركيين لمساعدة هيئة الطيران في كوريا الجنوبية في تحقيقاتها. وأضاف المجلس أن شركة «بوينغ» وإدارة الطيران الاتحادي تشاركان في هذا التحقيق.