روسيا تلجأ لهجمات بعيدة المدى على المدن الأوكرانية

صواريخ استهدفت كييف وخاركيف... وطائرات تقصف لفيف

جانب من آثار القصف الروسي أمس في مدينة خاركيف (رويترز)
جانب من آثار القصف الروسي أمس في مدينة خاركيف (رويترز)
TT

روسيا تلجأ لهجمات بعيدة المدى على المدن الأوكرانية

جانب من آثار القصف الروسي أمس في مدينة خاركيف (رويترز)
جانب من آثار القصف الروسي أمس في مدينة خاركيف (رويترز)

استهدفت صواريخ روسية طويلة المدى، أمس، مدينتي كييف وخاركيف، كما قصفت طائرات حربية روسية مدينة لفيف، لتنفذ موسكو تهديدها بشن مزيد من الهجمات بعيدة المدى على مدن أوكرانية بعد إغراق البارجة الروسية «موسكفا» التي كانت سفينة القيادة في الأسطول الروسي في البحر الأسود. وبعد شهر ونصف من غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا، تحاول روسيا الاستيلاء على الأراضي في الجنوب والشرق بعد الانسحاب من الشمال في أعقاب هجوم واسع على العاصمة كييف تم صده في ضواحي المدينة.
وفي ماريوبول المحاصرة، التي شهدت أعنف قتال في الحرب وأسوأ كارثة إنسانية، واصلت القوات الروسية التقدم الذي أحرزته في الآونة الأخيرة، على أمل تعويض فشلها في الاستيلاء على كييف من خلال الاستيلاء أخيراً على أول جائزة كبيرة لها في الحرب. وقالت موسكو إن طائراتها قصفت مصنعاً لإصلاح الدبابات في العاصمة، حيث سمع دوي انفجار وشوهد دخان في منطقة دارنيتسكي الجنوبية الشرقية. وقال رئيس بلدية المدينة إن‭‭ ‬‬شخصاً واحداً على الأقل لقي حتفه وإن المسعفين يكافحون لإنقاذ آخرين.
وقال الجيش الأوكراني إن طائرات حربية روسية أقلعت من روسيا البيضاء وأطلقت صواريخ أيضاً على منطقة لفيف بالقرب من الحدود البولندية، حيث أسقطت الدفاعات الجوية الأوكرانية أربعة صواريخ كروز.
وفي ماريوبول، وصل صحافيون من رويترز في المناطق التي تسيطر عليها روسيا من المدينة إلى مصنع «إيليتش» للصلب، الذي تقول موسكو إنها استولت عليه يوم الجمعة، وهو واحد من مصنعين عملاقين للمعادن تحصن فيهما المدافعون في أنفاق ومخابئ تحت الأرض. وتحول المصنع إلى خراب، مع عدم وجود أي علامة على وجود مدافعين هناك. وفي الخارج تناثرت ما لا يقل عن ست جثث لمدنيين في الشوارع القريبة، منها جثة امرأة.

القصف الروسي أصاب مباني سكنية في خاركيف (إ.ب.أ)

- قصف مصنع عسكري
وفي إشارة نادرة للحياة، سارت سيارة حمراء ببطء في شارع خالٍ، وكتبت كلمة «أطفال» على بطاقة مثبتة على الزجاج الأمامي. وقال حاكم إقليم خاركيف في الشرق إن شخصا واحداً على الأقل لقي حتفه وأصيب 18 في هجوم صاروخي. وفي ميكولايف، وهي مدينة قريبة من الجبهة الجنوبية، قالت روسيا إنها قصفت مصنعاً لتصليح المركبات العسكرية. وجاءت الهجمات في أعقاب إعلان روسيا أول من أمس الجمعة أنها ستكثف الضربات بعيدة المدى رداً على أعمال «تخريبية» و«إرهابية» لم تحددها، وذلك بعد ساعات من تأكيدها غرق سفينتها الرئيسية في البحر الأسود «موسكفا». وتقول واشنطن وكييف إن السفينة أصيبت بصواريخ أوكرانية، بينما تقول موسكو إنها غرقت بفعل حريق نشب داخل السفينة أدى إلى تفجير الذخائر التي كانت على متن السفينة.
وتركت القوات الروسية التي انسحبت من الشمال بلدات تناثرت فيها جثث المدنيين، وهو دليل على ما وصفه الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي بالإبادة الجماعية - في محاولة لمحو الهوية الوطنية الأوكرانية. وتنفي روسيا استهداف المدنيين وتقول إن الهدف من «عمليتها العسكرية الخاصة» هو نزع سلاح جارتها وهزيمة القوميين وحماية الانفصاليين في جنوب شرقي أوكرانيا.
- صمود في ماريوبول
من جانبها، قالت أوكرانيا إن قواتها ما زالت صامدة وسط أنقاض ماريوبول حيث يتركز الدفاع حول آزوفستال وهو مصنع ضخم آخر للصلب لم يدخل مرحلة الإنتاج بعد.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع أوليكسندر موتوزيانيك في إيجاز تلفزيوني إن «الوضع صعب في ماريوبول، والقتال دائر طوال الوقت بينما يواصل الجيش الروسي استدعاء وحدات إضافية لاقتحام المدينة». وتعهد رينات أخميتوف الذي يملك مصنعي الصلب، وهو أغنى رجل في أوكرانيا، بإعادة بناء المدينة. وقال لوكالة رويترز للأنباء إن «ماريوبول مأساة عالمية، ومثل عالمي للبطولة. بالنسبة لي كانت ماريوبول وستظل مدينة أوكرانية».
وإذا سقطت ماريوبول فستكون الجائزة الكبرى لروسيا في الحرب حتى الآن. فالمدينة هي الميناء الرئيسي لمنطقة دونباس التي تتكون من إقليمين في جنوب شرقي البلاد تطالب روسيا أوكرانيا بالتخلي عنهما بالكامل للانفصاليين الذين تدعمهم منذ عام 2014. وتقول أوكرانيا إنها حتى الآن أوقفت التقدم الروسي في أماكن أخرى في دونباس. وقال الحاكم سيرهي جايداي في منشور على الإنترنت إن شخصاً لقي حتفه وأصيب ثلاثة آخرون في قصف روسي في لوغانسك أحد إقليمي دونباس. وأضاف جايداي أن خط أنابيب غاز تضرر في بلدتي ليسيتشانسك وسيفرودونيتسك اللتين تقعان على الجبهة واللتين انقطعت عنهما إمدادات الغاز والماء. ومضى قائلاً إن الحافلات متاحة لمن يريدون أن يرحلوا. وقال: «ارحلوا بينما لا يزال الرحيل ممكناً».
- إصرار بوتين
وصارت لأوكرانيا اليد العليا في المرحلة المبكرة من حرب توقع كثير من الخبراء العسكريين في الغرب أن تخسرها بسرعة. فقد نشرت بنجاح وحدات متحركة مسلحة بصواريخ مضادة للدبابات قدمها الغرب ضد قوافل مدرعات روسية ضخمة اضطرت للسير فقط على الطرق لأن الأرض موحلة. لكن بوتين يبدو مصراً على كسب المزيد من أرض دونباس ليعلن النصر في الحرب التي تركت روسيا خاضعة لمزيد من العقوبات الغربية وبقليل من الحلفاء.
وقال الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي إن عدداً يتراوح بين 2500 و3000 جندي أوكراني قُتلوا حتى الآن مقابل ما يصل إلى 20 ألف جندي روسي. ولم تقدم موسكو أي بيانات جديدة عن ضحاياها منذ 25 مارس (آذار) عندما أعلنت أن 1351 من جنودها قُتلوا. وتشير التقديرات الغربية للخسائر الروسية إلى أنها أضعاف مضاعفة. وتقول أوكرانيا إن من المستحيل إحصاء القتلى المدنيين مضيفة أن القتلى المدنيين يُقدرون بعشرات الآلاف في ماريوبول وحدها.
وإجمالاً نزح نحو ربع السكان عن ديارهم وتُقدر نسبة من غادروا البلاد إلى الخارج بعشرة في المائة من السكان. وقال زيلينسكي في كلمة مصورة في وقت متأخر من ليل الجمعة إن «قصص النجاح لجيشنا في ميدان القتال مهمة حقاً، تاريخية حقاً. لكنها لا تزال غير كافية لتطهير بلادنا من المحتلين. سنلحق بهم المزيد من الهزائم».


مقالات ذات صلة

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.