ماكرون في مرسيليا يعِد بـ«التجديد الكامل»

كتّاب ومثقفون ومحتجون ضد مرشحة اليمين المتطرف

الرئيس المرشح إيمانويل ماكرون يلقي كلمة في تجمع انتخابي في مدينة مرسيليا أمس (أ.ف.ب)
الرئيس المرشح إيمانويل ماكرون يلقي كلمة في تجمع انتخابي في مدينة مرسيليا أمس (أ.ف.ب)
TT

ماكرون في مرسيليا يعِد بـ«التجديد الكامل»

الرئيس المرشح إيمانويل ماكرون يلقي كلمة في تجمع انتخابي في مدينة مرسيليا أمس (أ.ف.ب)
الرئيس المرشح إيمانويل ماكرون يلقي كلمة في تجمع انتخابي في مدينة مرسيليا أمس (أ.ف.ب)

حشد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنصاره في مرسيليا، أمس السبت، على أمل إقناع الناخبين الذين صوّتوا لصالح مرشح اليسار المتشدد جان لوك ميلونشون خلال الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية قبل أسبوع، للانضمام إليه، ضد منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان. بينما شارك آلاف المحتجين المناوئين لليمين المتطرف في مسيرات في أنحاء فرنسا، في وقت يسعى فيه معارضو لوبان إلى تشكيل جبهة موحدة لمنعها من الفوز.
وذكرت وكالة «الصحافة الفرنسية» أنه لم يتم اختيار مرسيليا عشوائياً. فقد صوتت المدينة المتوسطية الكبيرة بنسبة 31 في المائة لزعيم اليسار المتشدد جان لوك ميلونشون، خلال الدورة الأولى من الانتخابات. وانتزاع أصوات ناخبي ميلونشون الذي جاء في المركز الثالث بحصوله على نحو 22 في المائة من الأصوات، حاسم للمرشحَين للدورة الثانية للانتخابات التي ستجرى في 24 أبريل (نيسان)، واللذين يحاولان منذ أيام تقديم تعهدات لهؤلاء الناخبين.
في خطابه الذي ألقاه أمام عدة آلاف من المؤيدين له في مرسيليا، توجّه ماكرون إلى الناخب اليساري قائلاً: «مشروعي يستهدف المصالحة بدلاً من الانقسام»، واعداً بولاية مقبلة تحت شعار «التجديد الكامل». وقال: «أريد إجراء إصلاح شامل، أريد أن تكون 5 سنوات من التجديد الكامل. ما يتم تنفيذه في 24 أبريل لا ينبغي أن يكون استمراراً؛ بل تجديداً، وطموحاً جديداً».
واستنكر ماكرون «التقزم الكبير» لفرنسا، في إشارة إلى «الاستبدال الكبير»، وهي نظرية يتبناها اليمين المتطرف. وقال: «لقد بنينا حضارة وثقافة، وانفتاحاً على العالم، ومطلباً وإرادة لحمل هذا الصوت الفريد دائماً نحو بقية العالم. هذا ما يدور حوله الفخر الفرنسي. ليس التقزم العظيم، الانقسام الكبير، والانفصال العظيم هو الذي سيتمثل في إخبار الأطفال المولودين على أرضنا بأنهم لم يعودوا يتمتعون بحقوقهم هنا». وأضاف: «السياسة التي سأتبعها في السنوات الخمس المقبلة ستكون بيئية، أو لن تكون كذلك». ومنذ إعلان نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، ضاعف الرئيس المنتهية ولايته -الذي قدّم نفسه باستمرار على أنه «ليس من اليمين ولا من اليسار» ولكنه اتهم بأنه «رئيس للأغنياء»- مبادراته حيال اليسار والتيارات «الاجتماعية».
وقد أشار إلى احتمال تقديمه تنازلات بشأن مشروعه المثير للجدل لإصلاح المعاشات التقاعدية، وانتقد الرواتب «الفلكية» لكبار رجال الأعمال، وتحدث عن احتمال تخفيف معايير دفع مساعدات لذوي الاحتياجات الخاصة.
وتبقى معرفة ما إذا كانت هذه الإشارات ستقنع الناخبين الذين لا يمكن التنبؤ بنياتهم أو الذين يميلون إلى الامتناع عن إعادة إنتاج المنافسة بين ماكرون ولوبان التي حصلت في 2017 على 34 في المائة من الأصوات. وكان ماكرون الذي جذب الذين يريدون التجديد، استفاد قبل كل شيء من تصويت كثيف ضد اليمين المتطرف، وفاز في الانتخابات الماضية بـ66 في المائة من الأصوات. ولكن هذا العام تبدو المنافسة حادة جداً، وإن رجحت استطلاعات الرأي فوز الرئيس المنتهية ولايته بما بين 53 في المائة و56 في المائة من الأصوات. وأكد نحو 500 فنان وكاتب فرنسي أنهم سيصوتون «من دون أي تردد» لإيمانويل ماكرون في الجولة الثانية، حاملين على ما ينطوي عليه برنامج المرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبان من «كراهية للأجانب».
وذكّر «ممثلات وممثلون من عالم الثقافة والفنون الأدائية الحية»، في مقال أرسلوه إلى وسائل الإعلام، ومنها وكالة «الصحافة الفرنسية»، بأن «ثمة خلافات عميقة أحياناً» بينهم وبين «السلطة القائمة». وأضاف الموقّعون، ومن بينهم الممثل والمخرج غيّوم كانيه، والممثلة والمغنية شارلوت غينزبور، والروائي مارك ليفي: «مع أن نتيجة هذه الجولة الأولى من الانتخابات لم تحقق ما كان يأمل فيه البعض منا (...) فلا يوجد بالنسبة إلينا اليوم أي تردد (...) إذ نحن لا نضع الديمقراطية والشعبوية على المستوى نفسه».
وتابع البيان الذي حمل أيضاً توقيعات الممثلين: فابريس لوكيني، وبياتريس دال، والمغنين: إنريكو ماسياس، وتوما دوترون: «لا شيء في برنامج مارين لوبان يقربنا من تاريخ فرنسا المقاوم، والإنسانوي، والسخيّ، والمنفتح على العالم».
ورفض الفنانون والكتّاب أن تكون «على رأس فرنسا، مرشحة يمثّل برنامجها الانطواء وكراهية الأجانب، مرشحة تحالفت مع القوى الشمولية وتهوى الحرب». وأضافوا: «لا يمكننا أن نتخيل شعور الشعب الأوكراني الذي يتعرض للغزو والقصف والمذابح، عندما يكتشف أننا انتخبنا شريكاً متواطئاً مع رئيس الكرملين على رأس بلدنا».
في غضون ذلك، شارك آلاف المحتجين المناوئين لليمين المتطرف في مسيرات في أنحاء فرنسا. وحذرت الشرطة من احتمال وقوع حوادث مع تجمع المتظاهرين في نحو 30 مدينة.
وفي وسط باريس، تجمع الآلاف مرددين هتافات مناوئة لليمين المتطرف، وحذروا من اضطراب ديمقراطي إذا فازت لوبان. وكُتب على إحدى اللافتات: «ضد اليمين المتطرف. من أجل العدالة والمساواة. لا للوبان في (الإليزيه)».
وقال دومينيك سوبو رئيس المنظمة الحقوقية «إس أو إس ريسيزم» التي دعت مع عشرات المنظمات الحقوقية والاتحادات والروابط إلى الاحتجاجات، لوكالة «رويترز»: «إذا وصل اليمين المتطرف إلى الحكم فسنشهد انهياراً كبيراً للمعسكرات الديمقراطية والمناهضة للعنصرية والتقدمية».
وأضاف: «يحتاج الناس إلى إدراك أنهم رغم غضبهم من إيمانويل ماكرون وسياساته، فإنه لا وجه للمقارنة بين مرشح ليبرالي محافظ ومرشح يميني متطرف». وقال شاهد من «رويترز» إن قوات الأمن الفرنسية أطلقت لفترة وجيزة الغاز المسيل للدموع في باريس أثناء التظاهرة؛ لكن المتظاهرين استأنفوا احتجاجاتهم بعد دقائق.
ورفضت لوبان الاحتجاجات، ووصفتها في حديث للصحافيين أثناء أحد المؤتمرات الانتخابية في جنوب فرنسا، بأنها غير ديمقراطية. وقالت: «احتجاج الناس على نتائج الانتخابات أمر غير ديمقراطي على الإطلاق. أقول لكل هؤلاء: اذهبوا للتصويت فقط. الأمر بهذه البساطة». ويبدو أن الحملة للدورة الثانية ستكون أصعب على لوبان التي اضطرت إلى الخوض في تفاصيل مشروعها؛ خصوصاً فيما يتعلق بالقضايا السيادية.
وقبل الدورة الأولى، قامت لوبان بحملة هادئة ركزت خلالها على موضوع القوة الشرائية، الشغل الشاغل للفرنسيين. وأعادت تركيز صورتها أيضاً، مستفيدة من التجاوزات والخطاب المتطرف للمرشح اليميني المتطرف الآخر إريك زمور الذي حصل على 7 في المائة من الأصوات في الدورة الأولى، واستُبعد بذلك من الدورة الثانية.
وخلال زيارة مفاجئة لسوق في بيرتوي (جنوب) أول من أمس الجمعة، تعرضت مرشحة اليمين المتطرف لمضايقات من قبل خصومها الذين هتفوا: «مارين ارحلي!»، و«عنصرية!».
وعندما سألها السكان عن الهجرة، أو الحرب في أوكرانيا، أو حتى عن الحجاب الذي تنوي حظره في الأماكن العامة، دافعت لوبان عن مشروعها «الراديكالي»، معتبرة أنه «معقول جداً».
ولوبان التي تدعو الآن إلى «وضع عراقيل» أمام ولاية ثانية لماكرون مدتها 5 سنوات، تكرر تصريحاتها الشعبوية لانتقاد «النظام» و«الأثرياء» في السلطة؛ لكنها تحاول في الوقت نفسه طمأنة الناخبين بشأن برنامجها.
وأكدت لوبان التي تعرضت في بيرتوي لهجوم كلامي من قبل سيدة مسلمة محجبة تعترض على خطتها لحظر الحجاب في الأماكن العامة، إنها تكافح من أجل «كل الفرنسيين أياً تكن أصولهم».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.