تراجع معدلات النزوح في اليمن مع نهاية الأسبوع الثاني من الهدنة

TT

تراجع معدلات النزوح في اليمن مع نهاية الأسبوع الثاني من الهدنة

إلى جانب انتهاء أزمة الوقود وانتظار البدء بتسيير رحلات تجارية عبر مطار صنعاء، والتقدم الحاصل في ملف الأسرى والمعتقلين، أدت الهدنة التي أنهت أسبوعها الثاني إلى تراجع معدلات النزوح الداخلي في اليمن بشكل ملموس، رغم استمرار خروق الميليشيات في جنوب مأرب وجنوب محافظة الحديدة.
ففي حين سجلت المنظمات الإغاثية فرار نحو 30 ألف شخص خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، أكدت أن الهروب من القتال خلال العام الماضي كان سبباً في هروب 91‎ في المائة من النازحين داخلياً، في حين حلت الدوافع الاقتصادية في أدنى سلم دوافع النزوح.
واستناداً إلى بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، فإنه حتى ما قبل سريان الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة تم تسجيل نزوح نحو 30 ألف يمني خلال الربع الأول من العام الجاري، انتزعوا بعيداً عن منازلهم وأحبائهم، وأصبحوا نازحين حديثاً، مما عرضهم لمخاطر متزايدة، ليضاف هذا العدد إلى أكثر من 4.3 مليون يمني نازح مقيدين منذ بداية الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي. وأشارت البيانات إلى توقف القتال في جنوب مأرب وجنوب الحديدة وغرب تعز وشمال الضالع تنفيذاً للهدنة التي رعتها الأمم المتحدة وبدأت في الثاني من أبريل (نيسان) الجاري وتنتهي في نهاية مايو (أيار) المقبل، وانخفاض حركة النزوح بشكل ملحوظ خلال الأسبوع الأول من هذا الشهر حتى خلال الأيام التي سبقت سريان الهدنة. وتسجل مصفوفة تتبع حركة النزوح بين 27 مارس (آذار) و2 أبريل نزوح 780 فرداً، حيث نزح هؤلاء من محافظات مأرب والحديدة وتعز والضالع وإب لمرة واحدة على الأقل، أما خلال الفترة التي أعقبت دخول الهدنة حيز التنفيذ فإنه وخلال الفترة من 3 وحتى 9 أبريل الجاري، تتبعت مصفوفة النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة في اليمن نزوح 1074 فرداً.
مصفوفة تتبع النزوح سجلت، العام الماضي، نزوح أكثر من 157 ألف فرد في 13 محافظة و94 مديرية و948 موقعاً في اليمن، وقالت إن العدد الإجمالي لحالات النزوح هذه لا يمكن إضافته إلى إجمالي مخزون النازحين داخلياً للعام الذي سبقه، الذين بلغ عددهم 172 ألفاً، نظراً لأن العدد الجديد يحتوي على عدد غير معروف من التكرارات (حالات النزوح المتعددة لنفس الأسرة) والعائدين إلى مناطقهم، ورجحت أن يكون الانخفاض الطفيف في أعداد النازحين داخلياً في عام 2021 مقارنة بالعام الذي سبقه سببه «كثافة الحواجز أمام الحركة بعد تغير الخطوط الأمامية، وتفاقم الوضع الأمني وزيادة قيود الوصول».
المفوضية نبهت إلى أنه لا ينبغي تفسير الانخفاض بنسبة 9 في المائة في حالات النزوح الأسري المرصودة خلال العام المنصرم على أنه مؤشر على تحسن الوضع الأمني، بل على العكس من ذلك، إذ ذكر 91 في المائة من النازحين في تلك الفترة أن الصراع هو السبب الرئيسي للنزوح، مقارنة بـ83 في المائة في العام الذي سبقه، حيث فرّ فيه النازحون أيضاً بسبب الكوارث الطبيعية، بما في ذلك الأمطار الغزيرة والفيضانات التي تسببت في 12 في المائة من حالات النزوح. وقالت المفوضية الأممية: لا يزال من الواضح أن الأسباب التي لا علاقة لها بفيروس كورونا، بما في ذلك النزاعات والكوارث والوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المليء بالتحديات، استمرت في المساهمة في النزوح خلال عامي 2020 و2021.
وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن هانس غروندبرغ أكد أنه ومع أنَّ الهدنة صامدة بشكل عام، إلا أن التقارير المتواترة حول عمليات عسكرية، خصوصاً حول مأرب، مقلقة ويجب التعامل معها بشكل عاجل، وفق الآليات التي تم تأسيسها، ونقل مخاوف كثير من اليمنيين من استغلال الهدنة واستخدامها من أجل التحضير لتصعيد جديد.
وقال إن هذا الخوف مفهوم في ظل غياب الثقة والتجارب السابقة، وذكّر أطراف الصراع بأنَّ المبدأ الأساسي للهدنة هو ضرورة استخدام المهلة التي توفرها لإحراز التقدم نحو إنهاء الحرب، وليس لتصعيدها، وأوضح أن مكتبه قد أنشأ آليات تنسيق تغطي جميع نواحي الهدنة، وحث أطراف الصراع «على الانخراط بجدية وبشكل حقيقي في تلك الآليات».


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.