قبل البحث عن وظيفة... اسأل نفسك هذه الأسئلة!

الكثير من الناس يحاولون إيجاد توازن أفضل بين الوظائف والحياة وكسب رواتب أعلى (أرشيفية-رويترز)
الكثير من الناس يحاولون إيجاد توازن أفضل بين الوظائف والحياة وكسب رواتب أعلى (أرشيفية-رويترز)
TT

قبل البحث عن وظيفة... اسأل نفسك هذه الأسئلة!

الكثير من الناس يحاولون إيجاد توازن أفضل بين الوظائف والحياة وكسب رواتب أعلى (أرشيفية-رويترز)
الكثير من الناس يحاولون إيجاد توازن أفضل بين الوظائف والحياة وكسب رواتب أعلى (أرشيفية-رويترز)

يتنقل كثير من الناس من أجل إيجاد توازن أفضل بين الوظائف والحياة، وكسب رواتب أعلى ودخول صناعات جديدة. ولكن قبل أن تبدأ في البحث عن وظيفة، من المهم أن تعرف أكثر ما يهمك في عمل جديد، عن طريق طرح بعض الأسئلة الأساسية على نفسك.
البحث عن وظيفة يشبه الدخول في علاقة عاطفية، كما تقول جاكلين ميتشل، مدربة الحياة المهنية في شركتها الاستشارية الخاصة، لشبكة «سي إن بي سي».
وتابعت: «هذه علاقة أنت بصدد الدخول فيها. إذا كنت لا تعرف نوع العلاقة التي تريدها، وبدأت في البحث عن واحدة، فسوف تحصل على العديد من الأشياء المختلفة التي لا تتماشى مع قِيَمك».
يمكن أن تتضمن النصائح الشائعة المرتبطة بوظيفة جديدة البحث عن الشركة والتحضير لأسئلة المقابلات المعتادة، مثل: «لماذا تريد العمل هنا؟»، أو «هل يمكنك إخباري المزيد عن نفسك؟»، لكن بالنسبة لميتشل، هذه بعض من أهم الأسئلة لطرحها على نفسك قبل التقدم للوظائف:

* ما هي حدودي؟
أولاً، توصي ميتشل بأن تسأل نفسك بوضوح: «ما هي حدودي؟»، وتتابع: «أثناء المقابلة، لا يدرك كثير من الناس أن طريقة إجراء المقابلة، وكيف تُطرَح الأسئلة والطريقة التي تحدد بها من أنت وكيفية إنجازك للأمور، ترتبط بوضع حدودك هناك».
يمكن أن تتضمن حدود العمل، سواء كنت تعمل من المكتب أو عن بُعد، أي حدود جسدية أو عاطفية أو عقلية تمنعك من الإجهاد أو الإرهاق: هل تريد العمل فقط من الساعة 9 صباحاً حتى الساعة 5 مساءً؟ هل تحتاج إلى مرونة العمل من المنزل؟
وتابعت: «ما الذي لا يروق لك؟ ما الذي يجلب لك الانسجام؟ الحدود هي الحفاظ على الذات والرعاية الذاتية. تساعدك الحدود على التنقل في هذا العالم، سواء كان عالما احترافياً أو شخصياً».

* ما هي قِيَمي؟
تقول ميتشل إن إرساء القيم أمر مهم للعمل الذي ستقوم به. هل ستكون هناك مشاريع تعاونية للعمل مع الأقران؟ هل هناك فرص لتعلُّم مهارات جديدة وتحسين مواهبك؟ هل يسمح الدور بالتقدم المستقبلي في حياتك المهنية؟
وأضافت أنه عليك أن تسأل نفسك عن قِيَمك قبل التقدُّم للوظائف، أو مثل الحال مع المواعدة، سينتهي بك الأمر بتجربة غير سعيدة.
وأوضحت: «كثير من الناس لا يحبون فعل ذلك. سيتوقف الأشخاص الناجحون حرفياً ويسألون أنفسهم: ما الذي أبحث عنه؟ ثم بعد ذلك سيسعون للحصول على ما يريدون».

* ما هي الحياة التي أريد أن أعيشها؟
تؤكد ديبورا غرايسون ريغل، خبيرة الإدارة التي درست في كلية وارتون وكولومبيا للأعمال، أنها توصي الناس بالتفكير في كيفية ملاءمة تغيير الوظائف مع أهداف حياتهم.
هل تتخيل أنك تعيش في شقة في مدينة كبيرة أو منزل به حمام سباحة، ربما مع أطفال أو ثلاثة كلاب أو قطتين، أو حتى تقود سيارتك عبر البلاد في عربة سكن متنقلة؟ إذا كنت تريد أياً من هذه الأشياء أو جميعها، كيف يمكن أن تساعدك الخطوة التالية في حياتك المهنية على تحقيق هذه الأهداف؟
إذا كنت قد بدأت للتو في حياتك المهنية، فقد لا يكون من السهل تحقيق هذه الأهداف من خلال وظيفتك الأولى أو حتى خلال السنوات الخمس المقبلة. تقول غرايسون ريغل إن تحقيق هدف هو الخطوة الأولى - ثم يمكنك إعادة تكوين هدفك مع مرور الوقت.
وتابعت: «إذا كنت شاباً في العشرينات من العمر، فمن المحتمل جداً أن تتغير حياتك عدة مرات وبطرق مهمة في السنوات العشر المقبلة... لذا فكر بما ما تريد أن تبدو عليه حياتك خلال السنوات الثلاث المقبلة، ثم تفكر في ذلك مرة أخرى في غضون ثلاث سنوات».



«أنا لبناني»... نادر الأتات يغنّي فوق ركام بيته الذي هدمته الحرب

الفنان اللبناني نادر الأتات (صور الفنان)
الفنان اللبناني نادر الأتات (صور الفنان)
TT

«أنا لبناني»... نادر الأتات يغنّي فوق ركام بيته الذي هدمته الحرب

الفنان اللبناني نادر الأتات (صور الفنان)
الفنان اللبناني نادر الأتات (صور الفنان)

يدخل الفنان نادر الأتات إلى كادر المخرج سام كيّال، يتأمّل ركام مبنىً كان وما عاد، ثم يجلس على كنبة مزّقتها الشظايا ويغنّي... «هون كان بيتنا هون انهدّ حيطنا... هون كانت الدكانة اللي منها اشتري». ليس في المشهد تمثيل ولا في الكلامِ شِعر، بقَدر ما فيهما من واقع حال المغنّي اللبناني الشاب. فهو، كما عدد كبير من اللبنانيين، خسر منزل أهله الذي دُمّر جرّاء القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت، وخسر معه جزءاً من ذكريات الطفولة.

لم يتعمّد الأتات أن يروي قصة شخصية من خلال أغنية «أنا لبناني»، التي كتبها ولحّنها فارس إسكندر، وصدرت بالتزامن مع عيد استقلال لبنان في 22 نوفمبر (تشرين الثاني). يقول في حديث مع «الشرق الأوسط» إنه شعرَ بضرورة التعبير عمّا أصاب الوطن من خلال صوته، سلاحه الأقوى.

صحيحٌ أنّ المرحلة غير ملائمة للإصدارات الفنية، والفنانون اللبنانيون جميعُهم احتجبوا عن إصدار أي جديد خلال الحرب، إلا أنّ الأتات شكّل استثناءً بين زملائه. فمنذ مدّة قصيرة، وبالتزامن مع أكثر فصول الحرب احتداماً، أعاد تسجيل بيتَينِ معروفَين للإمام الشافعي:

«ولَرُبَّ نازلةٍ يضيق لها الفتى

ذرعاً وعند الله منها المَخرجُ

ضاقت فلمّا استحكمت حلقاتها

فُرجت وكنتُ أظنّها لا تفرج».

يقول إن تلك المقطوعة الصوتية القصيرة جاءت بمثابة «صلاة ورسالة أمل وسط كل ما يحصل».

قبل أيام، لم يتردّد لحظة في إطلاق جديده، فهو لا يعتبر «أنا لبناني» مشروعاً ترفيهياً بقدر ما يعتبرها مرآةً لمعاناة اللبنانيين، وبَوحاً بما يجول في خاطره.

بعد ضرباتٍ متتالية استهدفت الشارع الذي كان يقطن فيه والداه، تحوّل بيت العائلة إلى مجرّد ذكرى. يروي الأتات كذلك أن الخسارة لم تقتصر على المنزل، إذ إنّ الحرب سرقت شخصاً عزيزاً. «كان حسين سرحان بمثابة يدي اليمنى والمسؤول عن كل الأمور اللوجستية في مكتبي. قضى حسين بغارة إسرائيلية فيما كان نائماً في سريره. هو لا ينتمي إلى أي جهة حزبيّة، وكان مثالاً للطيبة والتفاني».

استمرّ البحث عن سرحان أياماً ليخرج بعدها جثةً من تحت الركام. حلّت الخسارة كصاعقة على الأتات: «لا شيء يعوّض عن شخص كنت أعتمد عليه كثيراً وأحبّه كأخ».

خسر الأتات في الحرب أحد عناصر فريقه الأساسيين حسين سرحان (صور الفنان)

الفنان مواطنٌ كذلك، والجميع سواسية أمام ظلم الحرب ودمارها. من منزله المتاخم لمناطق القصف في بيروت، انتقل الأتات وعائلته شمالاً، ليختبر هو كذلك تجربة النزوح. «فتح لنا أهل مدينة البترون أبوابهم وقلوبهم واستقبلونا بحبّ». لكنّ البالَ لم يهدأ، لا على البيت في العاصمة ولا على دار العائلة في طليا البقاعيّة، لا سيّما أن قسماً كبيراً من البقاع مسيّج بالنيران الإسرائيلية.

لكن الأتات، وعلى غرار الروح الإيجابية التي لطالما بثّها من خلال أغانيه، قرّر أن يتعامل مع الصدمات والخسائر الشخصية «بالتسليم لربّ العالمين، لأننا بالإيمان نستطيع تخطّي أي شيء»، وفق تعبيره. هو تسلّح كذلك بحبه للبنان، «بكل حبّة من ترابه وشبرٍ من أرضه».

الدمار الذي لحق بالمبنى حيث منزل والدَي الأتات في الضاحية الجنوبية لبيروت (صور الفنان)

هذه النقلة من الحزن إلى محاولة الفرح انعكست كذلك على أغنية «أنا لبناني» لحناً وكلاماً. فبعد المطلع المؤثّر بعباراته، ارتأى إسكندر والأتات البناء على لازمة أكثر إيجابيةً: «أنا لبناني وعينيّ شبعانة سلام وسحر وجمال وإبداع وأغاني». يردّ الأتات هذا المزيج من الأسى والتفاؤل إلى «صفة تميّز اللبنانيين وهي أنهم مهما زادت الصعوبات عليهم، يظلّون إيجابيين». يتلاقى وصفُه هذا مع الكلمات التي كتبها فارس إسكندر: «دخلك يا أرزة اضحكي ما بيلبق إلنا البكي... بإيدك بيروت أمسكي صوب شطوط الأمان». يختصر الأتات ما شعر به خلال تسجيل الأغنية بالقول إنه «رغم إيقاع الفرح، فإن الإحساس كان طالعاً من وجعٍ عميق».

منذ أشهر، توقّف الأتات وهو المعروف بأنه نجم الأفراح وحفلات الزفاف والسهرات الصيفيّة، عن المشاركة في أي حفل. أرخت الحرب بظلالها الثقيلة على النشاط الفني كما على المعنويّات، لكن ذلك لا يعني أنّ العمل سيبقى متوقفاً إلى ما لا نهاية. يقول إن «اللبناني أمثولة في الإيجابية والفرح وحُسن الذوق والثقافة، وما مرّ عليه من تدمير وأسى لا يعكس صورته الحقيقية». من هذا المنطلق، يتسلّح الأتات بالأمل ليعود إلى حراكه الإنتاجيّ مع دخول وقف إطلاق النار أيامه الأولى.

يتسلّح الأتات بالأمل ليعود قريباً إلى نشاطه الفني مع إعلان وقف إطلاق النار (صور الفنان)

قيد التحضير حالياً 4 أغنيات تتنوّع ما بين رومانسيّ كلاسيكي وإيقاعيّ راقص. يرجّح الأتات أن تكون في طليعة الإصدارات، تلك التي تحمل بهجةً للناس «لأنّ هذا ما يحتاجونه بعد الحرب».

يعلّق الفنان الشاب آماله على وقف إطلاق النار ليقول: «لا يمكن أن يظلّ العمل متوقفاً إلى الأبد. هذا مصدر رزقنا نحن الفنانين. مثلُنا مثل أصحاب المطاعم، والنجّارين، والأطبّاء، والمدرّسين، وسائر أصحاب المهن... كلّهم يعملون ومن حقنا أن نعمل أيضاً». ويضيف: «من الطبيعي أن نصبر ونتوارى قليلاً خلال فترة الأسى، لكن لا بدّ من عودة».

مستلهماً كلام أغنيته الجديدة «نقفّل عالحرب بـقفل شاب وختيارة وطفل نرجع نبني ونحتفل ونغنّي للبنان»، يصبّ الأتات آماله على أن «يظلّل الأمان والسلام فترة أعياد نهاية السنة»، مضيفاً أن الهدية بالنسبة إليه ستكون إحياء حفل ليلة رأس السنة في بيروت، ليزرع فيها الفرح بين ناسه وأهله كما جرت العادة.