أصدقاء {غوتنبرغ ـ المغرب} يناقشون أهمية دور الثقافة في التنمية الجهوية

تميز اللقاء بمشاركة عدد من الكتاب والفاعلين في المجال الفكري

صورة جماعية للمشاركين في الندوة والمثقفين والشخصيات الحاضرة لها (الشرق الأوسط)
صورة جماعية للمشاركين في الندوة والمثقفين والشخصيات الحاضرة لها (الشرق الأوسط)
TT

أصدقاء {غوتنبرغ ـ المغرب} يناقشون أهمية دور الثقافة في التنمية الجهوية

صورة جماعية للمشاركين في الندوة والمثقفين والشخصيات الحاضرة لها (الشرق الأوسط)
صورة جماعية للمشاركين في الندوة والمثقفين والشخصيات الحاضرة لها (الشرق الأوسط)

ناقش أصدقاء غوتنبرغ - المغرب، مساء أول من أمس بالرباط، أهمية الثقافة التي أضحت ضرورة ملحة لتنمية وتعزيز الدينامية الجهوية، ومن ثمة الوطنية.
وأبرزوا خلال ندوة حول موضوع «الثقافة رافعة حاسمة للتنمية الجهوية» نظمتها جمعية أصدقاء غوتنبرغ - المغرب، أهمية الثقافة في إشعاع الجهة وغنى التراث العريق للمملكة المغربية، والتحديات التي يتعين رفعها للنهوض بدينامية ثقافية وكذا قضية الدعم المخصص للشأن الثقافي.
وتميز هذا اللقاء بمشاركة عدد من الكتاب والفاعلين في المجال الثقافي الأعضاء بجمعية أصدقاء غوتنبرغ - المغرب، التي يترأسها المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء، خليل الهاشمي الإدريسي. ويتعلق الأمر أساساً بالرئيس الشرفي ومسير اللقاء، محمد برادة، والمحلل النفسي، جليل بناني، والمدير العام لوكالة تنمية الشرق، محمد مباركي، والكاتب الصحافي محمد الصديق معنينو، ورئيس تحرير صحيفة الاتحاد الاشتراكي، عبد الحميد الجماهري.
وشدد برادة على ضرورة إيلاء أهمية أكبر للثقافة بالنظر إلى دورها المهم في تنمية حس الإبداع لا سيما لدى الشباب.
ودعا برادة إلى تخصيص مكانة أهم لها في المخططات والبرامج التي يضعها المسؤولون الجهويون، وكذا إلى تعبئة مهمة عميقة للنهوض بثقافة إبداعية محدثة للثروة.
من جهته، دعا بناني إلى النهوض بالتعدد الثقافي واللغوي، مبرزاً أهمية الثقافة التي تشكل «وسيلة للتقاسم والعيش المشترك» بالنسبة للأفراد.
ولدى حديثه عن القارة الأفريقية، قال بناني إنه بفضل التظاهرات الثقافية المتعددة، تعيش أفريقيا على إيقاع دينامية غير مسبوقة، مساهمة بذلك في تثمين الثقافات المحلية.
من جانبه، نوه مباركي بأهمية موضوع الندوة. وأكد أن الثقافة جزء لا يتجزأ من التنمية الجهوية، مضيفاً أن الموارد الثقافية والتراثية للجهات تشكل محفزاً لإنتاج ثروة محلية وأنشطة ثقافية.
وتوقف عند النموذج الناجح للمعرض المغاربي للكتاب بوجدة، مستعرضاً مختلف التعبيرات المعاصرة للثقافة التي عززتها التكنولوجيات الحديثة، والتي تشكل قاعدة متينة لصناعة ثقافية غنية، لا سيما الغرافيتي والتوجهات الفنية الحديثة.
من جانبه، قال معنينو إن الثقافة ليست مسؤولية فرد وإنما هي مسؤولية جماعية، مضيفاً أن الفولكلور الثقافي لكل جهة يشكل غنى للمملكة المغربية يتعين تملكه من طرف الأفراد.
وأعرب عن الأسف لإهمال الثقافة في البرامج الانتخابية على المستوى الجهوي، معتبراً أنه يتعين سد هذه الثغرة بشكل عاجل.
من جهته، أكد جماهري أن الجهوية لا يمكن أن تحقق أهدافها المرجوة دون اعتماد استراتيجية ثقافية ملائمة لكل جهة.
وشدد على أهمية اللامركزية عوض ترك الهيئات المركزية تتخذ القرارات النهائية، لا سيما تلك المتصلة بالميزانية.
من جانبه، قال مدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، محمد الفران إن العمل الثقافي لا يحظى إلا باهتمام ضئيل على مستوى الاستراتيجيات المحلية، ويشكل بالتالي «الحلقة الأضعف التي لم تجد مكاناً لها».
وأشار إلى أن مختلف التقارير والمحاور الاستراتيجية المتصلة بها تغفل أن الثقافة والاقتصاد يسيران جنباً إلى جنب.
بدورها، قالت رئيسة فيدرالية الصناعات الثقافية والإبداعية التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب، نائلة التازي، إن الثقافة تشكل إحدى الرافعات الأساسية لتنمية الأقاليم والجهات.
وذكرت التازي أنه «على المستوى الثقافي، كل جهة تتوفر على مؤهلات استثنائية بثروات تراثية وإبداعية تشكل سنداً لبلورة صناعة ثقافية».
وأبرزت التازي، وهي أيضاً عضو بـ(جمعية أصدقاء غوتنبرغ - المغرب)، أن الصناعات الثقافية والإبداعية تشكل بالنسبة لـ50 في المائة من السياح عنصراً أساسياً في اختيار وجهة السفر عبر العالم قصد «عيش تجربة المكان»، موضحة أنه «حسب دراسات لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، فإن السائح الثقافي ينفق 30 في المائة أكثر مما ينفقه السائح العادي».
وبعدما نوهت بمبادرة (جمعية أصدقاء غوتنبرغ) إلى عقد هذه الندوة المهمة، أكدت منتجة مهرجان كناوة وموسيقى العالم للصويرة «ضرورة تعزيز الوعي بدور الثقافة لدى المسؤولين بالجهات سواء كانوا منتخبين محليين أو فاعلين اقتصاديين».
وقالت إن «عرضاً ثقافياً ذا جودة هو مرادف لإشعاع الجهة والبلد، علاوة على كونه يحفز إنعاش منظومة مهن برمتها»، مضيفة أنه «من خلال اعتماد «استراتيجية وطنية للصناعات الثقافية والإبداعية، سنكون على موعد مع نتائج ملموسة».
يذكر أن «جمعية أصدقاء غوتنبرغ – المغرب «هي جمعية مغربية تضم مهنيي الكتابة، وتهدف إلى نشر وتطوير القراءة والثقافة في المغرب، عبر المساهمة في بناء عالم يسوده العدل والإخاء واحترام جميع الثقافات.
ومنذ أن رأى النور في أبريل (نيسان) 2010 انكب الفرع المغربي لجمعية أصدقاء غوتنبرغ على إنجاز بعض التدابير التي تتماشى مع انشغالاته. ويظل الدفاع عن الكتابة والنهوض بالقراءة وتشجيع الكتابة والنشر أبرز الأهداف الرئيسية الطموحة والواقعية في آن لهذه الجمعية الفتية التي تضم مناضلين على قناعة راسخة بضرورة خدمة قضية الثقافة بجميع أشكالها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».