الحكومة تقرر هدم أهراءات القمح في مرفأ بيروت المتضررة من الانفجار

عون وميقاتي: الانتخابات في موعدها

صورة أخذت في الرابع من الشهر الحالي لأهراءات القمح التي تضررت بانفجار مرفأ بيروت (رويترز)
صورة أخذت في الرابع من الشهر الحالي لأهراءات القمح التي تضررت بانفجار مرفأ بيروت (رويترز)
TT

الحكومة تقرر هدم أهراءات القمح في مرفأ بيروت المتضررة من الانفجار

صورة أخذت في الرابع من الشهر الحالي لأهراءات القمح التي تضررت بانفجار مرفأ بيروت (رويترز)
صورة أخذت في الرابع من الشهر الحالي لأهراءات القمح التي تضررت بانفجار مرفأ بيروت (رويترز)

كلّفت الحكومة اللبنانية مجلس الإنماء والإعمار، الإشراف على عملية هدم أهراءات القمح التي تضررت جراء انفجار مرفأ بيروت، كما كلفت وزارتي الثقافة والداخلية بإقامة نصب تذكاري تخليداً لذكرى الضحايا.
وعقدت الحكومة اللبنانية اجتماعاً أمس برئاسة الرئيس اللبناني ميشال عون وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء. وجدد عون في مستهل الجلسة التأكيد على أن «الانتخابات قائمة في مواعيدها بعدما تم إقرار الاعتمادات الإضافية»، لافتاً إلى أن «على وزير المالية أن يسرع بالإجراءات الآيلة لتحويل الأموال إلى الوزارات المعنية». وتطرق إلى «أهمية زيارة البابا فرنسيس للبنان المقررة خلال شهر يونيو (حزيران) المقبل، وطنياً وروحياً وإنسانياً»، مشدداً في مجال آخر على أن «المطلوب اتخاذ إجراءات سريعة لإقرار مواضيع مهمة مصرفياً ومالياً قبل نهاية ولاية المجلس النيابي واستقالة الحكومة».
واعتبر رئيس الحكومة أنه «رغم كل الأجواء السلبية التي تتم إشاعتها، فنحن على قناعة بأننا نقوم بكل العمل المطلوب منا»، وأكد «الالتزام بحصول الانتخابات في موعدها»، معتبراً أن «الاتفاق بالأحرف الأولى مع صندوق النقد الدولي وضع القطار على سكة الحلّ». وقال: «هناك محطات كثيرة متوقعة ولكن بإصرارنا ومتابعتنا، يمكننا إخراج البلد من الأزمة الاقتصادية التي نمر بها». ولفت إلى أن «لبنان، إذا استعاد الثقة باقتصاده، يكون تعافيه أسرع بكثير». وأعرب عن قناعته بـ«إمكان استعادة الثقة، بتعاون الجميع، الحكومة ومجلس النواب وجميع القيادات والفاعليات للإنقاذ».
وشكّلت الحكومة لجنة وزارية برئاسة وزير السياحة وليد نصار للتحضير لزيارة البابا فرنسيس إلى لبنان خلال شهر يونيو المقبل.
وبعد الجلسة، تلا وزير الإعلام زياد مكاري مقررات الجلسة، مشيراً إلى أن نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي عرض للاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي، حيث طلب من الوزراء تقديم اقتراحاتهم في مدة أسبوع، ليعاد طرح الموضوع مجدداً على طاولة الحكومة، كذلك الأمر بالنسبة إلى البند المتعلق بموضوع السرية المصرفية. وأشار إلى موافقة مجلس الوزراء على إحالة مشروع قانون الاستقراض إلى مجلس النواب، وعلى استخدام 15 مليون دولار من السحوبات الخاصة للقمح، و13 مليوناً للدواء، و60 مليوناً للكهرباء.
وأعلن الموافقة «على توصيات لجنة برئاسة وزير العدل» لهدم أهراءات مرفأ بيروت المتضررة نتيجة الانفجار، وقال: «كلّفنا مجلس الإنماء والإعمار الإشراف على عملية هدم الأهراءات من دون تحديد موعدها».
واستند قرار الحكومة، الذي اتخذته منتصف الشهر الماضي، إلى تقرير فني وضعته شركة خطيب وعلمي للاستشارات الهندسية، جاء فيه، وفق مكاري، أنّ «الأهراءات يمكن أن تسقط بعد بضعة أشهر»، موضحاً أن الإبقاء عليها يرتّب مخاطر على السلامة العامة، بينما «ترميمها سيكلّف كثيراً». وقبل عام، قدّرت «أمان إنجنيرينغ»، وهي شركة سويسرية أجرت مسحاً للأهراءات، أنّ الصوامع «تميل بمعدل 2 مليمتر في اليوم، وهذا كثير من الناحية الهيكلية».
وبدأ لبنان بناء الأهراءات في نهاية الستينات بفضل قرض حصل عليه حينها من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية. ويبلغ ارتفاع الأهراءات 48 متراً، وقدرتها الاستيعابية ضخمة تزيد عن 100 ألف طن، وفق خبراء، ما مكنها من امتصاص الجزء الأكبر من الانفجار، وسمح بحماية الشطر الغربي من العاصمة من دمار أكبر.
وكلّفت الحكومة وزارتي الداخلية والثقافة «إقامة نصب تذكاري تخليداً لذكرى شهداء المرفأ»، وفق وزير الإعلام، في محاولة لامتصاص غضب عائلات ضحايا انفجار المرفأ، علماً بأن لجنة باسم أهالي الضحايا اعتبرت أي قرار كهذا هو قرار «جائر»، وقالت اللجنة في بيان الشهر الماضي إن «الأهراءات شاهد على مجزرتكم، ولن تُهدم مهما جربتم من أساليب».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.