السلطات التركية ترضخ لضغوط المعارضة حيال ملف السوريين

تصاعد المخاوف من الترحيل حتى لحاملي «الحماية المؤقتة»

السوريون الفارون من الحرب ينتظرون العبور إلى أورفة عند الحدود التركية السورية في محافظة الرقة (غيتي)
السوريون الفارون من الحرب ينتظرون العبور إلى أورفة عند الحدود التركية السورية في محافظة الرقة (غيتي)
TT

السلطات التركية ترضخ لضغوط المعارضة حيال ملف السوريين

السوريون الفارون من الحرب ينتظرون العبور إلى أورفة عند الحدود التركية السورية في محافظة الرقة (غيتي)
السوريون الفارون من الحرب ينتظرون العبور إلى أورفة عند الحدود التركية السورية في محافظة الرقة (غيتي)

يشهد ملف اللاجئين السوريين في تركيا موجة جديدة من الشد والجذب بين الحكومة والمعارضة، مع تصاعد الضغوط من أجل ترحيلهم، واستغلال بعض أحزاب المعارضة الملف للضغط على حزب «العدالة والتنمية» الحاكم والرئيس رجب طيب إردوغان، مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في يونيو (حزيران) العام المقبل.
وجدد رئيس حزب «النصر» التركي القومي، أوميت أوزداغ، الذي يواصل منذ العام الماضي حملة للضغط على الحكومة لترحيل السوريين، مطالبته بعدم التلكؤ في ترحيلهم. وذهب بعيداً هذه المرة، حيث اتهم كل تركي يريد أن يُبقي السوريين في البلاد بأنه «خائن»، قائلاً، في مقابلة تلفزيونية أمس: «إلى جهنم، إذا كنت تريد السوريين فاذهب معهم في الحال». وأضاف: «لستُ عنصرياً، لكن لا أريد مشاركة وطني (تركيا) مع أحد».
ويركز أوزداغ على اللاجئين السوريين وحدهم، البالغ عددهم نحو 3.7 مليون، بينما يتغاضى عن الجنسيات الأخرى، حيث تستضيف تركيا نحو 5 ملايين لاجئ من جنسيات مختلفة.
بدوره، كشف وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، عن ترحيل 20 ألفاً و636 سورياً منذ عام 2016 حتى الآن، بملفات أمنية، قائلاً إنه في حين بلغت نسبة الترحيل في أوروبا عام 2020 نحو 18 في المائة، نجحنا بترحيل 40 في المائة ممن ألقينا القبض عليهم. وأشار إلى أنه خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الحالي، بلغ معدل نجاح الترحيل 41.2 في المائة بزيادة 73 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأضاف أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا، ارتفع من 220 ألفاً إلى 3.5 مليون سوري.
ووصف صويلو، خلال الإفطار السنوي للمديرية العامة شؤون الهجرة في أنقرة، ليل الأربعاء - الخميس، مَن يعملون على جمع أصوات الناخبين مستغلين سياسة الهجرة والمهاجرين، بـ«الأشخاص البائسين». ولفت إلى أن الهجرة كانت موجودة دائماً عبر تاريخ البشرية، لكن «أصحاب القلب الحجري» لا يفهمون؛ فالهجرة مرارة، وحزينة على الدوام.
وغيرت السلطات التركية نهجها في التعامل مع الحوادث التي يتورَّط فيها السوريون، في الأشهر الأخيرة، بسبب تنامي تيار الغضب والعداء تجاه السوريين، وانتقاله من المعارضة إلى صفوف مؤيدي حزب «العدالة والتنمية» الحاكم نفسه، وتنفذ السلطات بين فترة وأخرى حملات اعتقال بحق سوريين بدعوى ارتكاب مخالفات. كما تزايدت عمليات الترحيل بسبب عدم امتلاك أوراق ثبوتية.
وأواخر الشهر الماضي، وجهت مديرية الهجرة رسائل إلى السوريين تحذرهم بإلغاء بطاقات الحماية المؤقتة (الكيملك)، في حالة عدم إثبات عناوين الإقامة الفعلية، الأمر الذي وضع عشرات الآلاف في حالة من القلق. وبات السوريون يعيشون في خوف على مصيرهم في تركيا، وسط تزايد حالات الترحيل للاجئين رغم حملهم «الكيملك». ويواجه قسم من اللاجئين السوريين مخاطر بسبب أوضاعهم القانونية، قد تصل إلى حد الترحيل، خصوصاً أولئك الذين لم يثبتوا عناوينهم، أو يقيمون في ولايات غير التي استخرجوا منها بطاقات «الكيملك» الخاصة بهم، أو لأسباب أخرى.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».