تسعى حكومة «الاستقرار» الليبية الجديدة، بقيادة فتحي باشاغا، إلى تجاوز عقبات دخول العاصمة لممارسة مهامها، من خلال التواصل مع جميع الأطراف الفاعلة على الأرض في طرابلس، بموازاة جهود مماثلة تبذلها حكومة خصمه عبد الحميد الدبيبة.
وتتركز جهود الطرفين على كيفية استمالة المجموعات المسلحة إليهما، في وقت يرى فيه متابعون أن باشاغا الذي حصلت حكومته على تكليف البرلمان قبل شهر ونصف شهر، يسابق الزمن لتجنبيها التجميد، ومن ثم تحويلها إلى جسم موازٍ لحكومة الدبيبة، ويلفتون إلى أنه «أمامه فرصة للاستفادة من التشكيلات المسلحة لتكون بوابة عبوره إلى العاصمة؛ لا سيما أنه على صلة وثيقة بغالبيتها؛ منذ توليه رئاسة وزارة الداخلية بحكومة (الوفاق الوطني) السابقة».
مقربون من باشاغا الذي تخرج من الكلية الجوية عام 1984 برتبة ملازم طيار، يقولون إنه «بدأ بالفعل منذ أسبوعين في التواصل مع بعض المجموعات المسلحة بالعاصمة، وخصوصاً من المحيطين بخصمه الدبيبة، وتحدث معهم عن الترتيبات المستقبلية للأوضاع بالعاصمة»؛ مشيرين إلى أنه «حصل من بعضهم على وعود بالاصطفاف إلى جانبه حال دخوله العاصمة؛ لكن هناك ميليشيات استبقت بوقوفها مع الدبيبة».
ويواجه الدبيبة اتهامات بأنه «يغدق على الميليشيات المسلحة بكثير من المال لاستمالتهم، وإبقائهم بجواره في مواجهة أي مواجهات مسلحة محتملة قد تقع في قادم الأيام، إذا ما فكر باشاغا في تكرار دخول طرابلس»؛ خصوصاً أن هذا الأخير يؤكد دائماً قدرته على دخول العاصمة طرابلس؛ لكنه يفضل الوصول إليها «بطريقة سلمية دون إراقة الدماء»؛ متهماً حكومة «الوحدة» بأنها «تحاول جره إلى صراع سيُسقط كثيراً من الضحايا».
وسبق أن أكد باشاغا أنه يتواصل مع الميليشيات، قائلاً: «نعمل الآن داخل ليبيا، وشكلنا مجموعات تقوم بالاتصال بالمجموعات المسلحة، وأخرى تتصل بالسياسيين»، وزاد موضحاً أن «هناك ميليشيات مسلحة كانت تقف بجانب الحكومة المنتهية ولايتها؛ لكنها اليوم تراجعت».
وخلال توليه وزارة الداخلية، قطع باشاغا شوطاً مهماً في تفكيك الميليشيات المسلحة بطرابلس، وزاد من ذلك عقب محاولة فاشلة لاغتياله على الطريق السريع قرب العاصمة، في فبراير (شباط) العام الماضي، على يد مجموعة مسلحة.
ويرى نائب رئيس المجلس الانتقالي الليبي السابق، عبد الحفيظ غوقة، أن باشاغا «لن يدخل طرابلس إلا عن طريق التفاوض مع المجموعات المسلحة؛ وهذا يجعل الحكومة رهينة كغيرها». وهي الرؤية التي تشغل بال قطاع واسع من الليبيين الذين يتساءلون عن مدى جدوى التخلص من حكومة تدعم الميليشيات، والاعتماد على أخرى ستفعل الشيء ذاته؟».
وتداولت وسائل إعلام محلية ومقربون من باشاغا معلومات عن عرض تقدم به آمر «فرقة الإسناد الأولى بالزاوية»، محمد بحرون، الملقب بالفار، لمساندة حكومة «الاستقرار»، مقابل ضمانات بعدم التفكيك أو التعقب؛ لكن الأخيرة لم تؤكد أو تنفي هذه المعلومات.
والفار الذي ينتمي لمدينة الزاوية، شارك في أحداث فبراير 2011؛ لكن بداية من عام 2012 تطورت نشاطاته، وهو يواجه حالياً اتهامات بـ«التهريب والاتجار بالبشر». وتولى منذ مطلع عام 2017 تأمين الطريق الساحلي بتكليف من فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي السابق، عقب الهجوم المسلح على تمركزات الحرس الرئاسي غربي الزاوية.
ومن شاهد الموكب المهيب لفتحي باشاغا، حينما كان وزيراً للداخلية، سيرى كيف كان يتنقل بين شوارع ومناطق العاصمة، وهو ما يجعل من الصعب معرفة حقيقة ما يُحيط بهذا الرجل ذي الهندام البسيط؛ إلا أن الاستماع إليه، ومتابعة أحاديثه المتلفزة، يرسخ اليقين بأنه شخص يعرف ما يريد، ويخطط إلى حيث يريد الوصول، وفق مراقبين للأوضاع في البلاد.
(تقرير اخباري) هل تصبح «الميليشيات» بوابة عبور باشاغا إلى العاصمة الليبية
وسط تخوفات من ارتهان حكومته للتشكيلات المسلحة
(تقرير اخباري) هل تصبح «الميليشيات» بوابة عبور باشاغا إلى العاصمة الليبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة