تونس تجني «نتائج إيجابية» من زيارة أعضاء البرلمان الأوروبي

مصادر توقعت أن تفتح أبواب التعاون الاقتصادي بين الجانبين

الرئيس التونسي أكد للوفد الأوروبي حرصه على إنهاء الفترة الاستثنائية (رويترز)
الرئيس التونسي أكد للوفد الأوروبي حرصه على إنهاء الفترة الاستثنائية (رويترز)
TT

تونس تجني «نتائج إيجابية» من زيارة أعضاء البرلمان الأوروبي

الرئيس التونسي أكد للوفد الأوروبي حرصه على إنهاء الفترة الاستثنائية (رويترز)
الرئيس التونسي أكد للوفد الأوروبي حرصه على إنهاء الفترة الاستثنائية (رويترز)

أنهى الوفد البرلماني الأوروبي، أمس، زيارته إلى تونس، التي استغرقت 3 أيام بالوقوف على حقيقة الوضع السياسي، والإصلاحات المزمع تنفيذها من قبل الرئيس قيس سعيد، وذلك بعد استماعه إلى وجهة نظر الرئاسة وموقف رئيسة الحكومة من الانتقادات الموجهة إلى «حالة الاستثناء» التي تمر بها البلاد، كما التقى الوفد الأوروبي راشد الغنوشي، رئيس البرلمان المنحل، ونائبيه الأول والثاني سميرة الشواشي وطارق الفتيتي، وجرت خلال اللقاء مناقشة الأوضاع السياسية وخريطة الطريق، وموعد الاستفتاء المقرر في 25 يوليو (تموز) والانتخابات البرلمانية المنتظرة في 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين.
ووفق ما تسرب من معطيات حول اللقاء الذي كان مغلقاً، فقد طلب الوفد البرلماني الأوروبي من رئيس البرلمان التونسي ونائبيه رأيهم في سير الشأن العام، خصوصاً الوضع السياسي بعد إعلان التدابير الاستثنائية منذ الصيف الماضي، وكل ما لديه علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالمواعيد الانتخابية.
وتحدث راشد الغنوشي وسميرة الشواشي وطارق الفتيتي عن وجود ما عدّوه «تجاوزاً للقانون والدستور»، وشددوا على خطورة محاكمة عدد من نواب البرلمان «في سياق تصفية الحسابات السياسية مع المنافسين»، إضافة إلى ما عدوه «تضييقاً على الحقوق والحريات».
وأشارت مصادر سياسية معارضة خيارات الرئيس سعيد إلى أن الغنوشي ونائبيه عدّوا أن حل البرلمان التونسي بمرسوم رئاسي في 30 مارس (آذار) الماضي «غير دستوري»، وذكروا أمام أعضاء الوفد البرلماني الأوروبي أن الرئيس نفسه قد صرح قبل يومين من اتخاذه قرار حل البرلمان، بأن الدستور التونسي «لا يخوله هذه الصلاحية».
وبخصوص النتائج المتوقعة لهذه الزيارة، قال فاضل الطياشي، المحلل السياسي التونسي، إن الزيارة التي قام بها الوفد الأوروبي «جاءت في إطار مختلف عما طرحه الجانب الأوروبي قبل أشهر، وستخلف انطباعاً مختلفاً كذلك»، مؤكداً أن «التقدم الحاصل على مستوى خريطة الطريق، التي أطلقها الرئيس سعيد، وتأكيده على العودة إلى مخرجات الاستشارة الإلكترونية لإجراء الحوار الوطني، وتحديد موعد للاستفتاء والانتخابات البرلمانية، تحت إشراف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، غيرت الكثير من الموقف الأوروبي»، الذي كان يتسم بكثير من المواقف السلبية حيال التغييرات التي شهدتها تونس خلال الشهور الأخيرة.
وأضاف الطياشي أن تأكيد الرئيس التونسي لأعضاء البرلمان الأوروبي حرصه التام على إنهاء الفترة الاستثنائية، عبر تنفيذ الخطوات التي جرى إعلانها، والتذكير بمحافظته على مبادئ الحرية والديمقراطية والحقوق، أوصلا «رسائل جد إيجابية إلى الطرف الأوروبي، الذي يبدو أنه سينتظر رؤية مدى التزام تونس بتلك المواعيد، وما ستفرزه من نتائج».
ومن المنتظر، وفق مصادر سياسية متعددة، أن تختفي حدة الانتقادات الأوروبية، في انتظار تنفيذ خريطة الطريق الرئاسية على أرض الواقع، وفتح أبواب المشاركة السياسية من خلال تعديل القانون الانتخابي، والاستفتاء على الدستور، والتوافق حول النظام السياسي.
وتوقعت المصادر ذاتها أن تفتح هذه الزيارة أبواب التعاون الاقتصادي والمالي بين الطرفين، خصوصاً بعد تقديم الطرف الأوروبي وعوداً عدة بدعم تونس ومساعدتها مالياً، غير أنه ربطها بمدى التقدم في تنفيذ الإصلاحات السياسية.
على صعيد آخر، طالبت عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر (معارض)»، الحكومة التي تقودها نجلاء بودن بالاطلاع على الوثيقة المهمة التي كانت محل تفاوض مع صندوق النقد الدولي، وقالت إن السلطات التونسية رفضت عرضها، ودعت إلى نشرها للمجتمع في وسائل الإعلام، عادّةً التعتيم عليها «سوء إدارة للدولة وغموضاً وعدم شفافية، وأمراً يستوجب المحاسبة»؛ على حد قولها.
وأشارت موسي في مؤتمر صحافي إلى أن الحكومة عدّت عدم نشر تلك الوثيقة الاقتصادية والاجتماعية، التي ستكون موضوع تفاوض مع صندوق النقد الدولي، يعود إلى أنها غير نهائية، وطالبت بمشاركة مكونات المجتمع المدني في مختلف قضايا البلاد، مؤكدة أن تلك الوثيقة «ستكون لها آثار سياسية مهمة»؛ على حد تعبيرها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».