بعد حديث بايدن... ما الفرق بين جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة؟

محققو الطب الشرعي الفرنسيون الذين وصلوا إلى أوكرانيا للتحقيق في جرائم الحرب وسط الغزو الروسي يقفون بجانب مقبرة جماعية في بلدة بوتشا في منطقة كييف (أ.ب)
محققو الطب الشرعي الفرنسيون الذين وصلوا إلى أوكرانيا للتحقيق في جرائم الحرب وسط الغزو الروسي يقفون بجانب مقبرة جماعية في بلدة بوتشا في منطقة كييف (أ.ب)
TT

بعد حديث بايدن... ما الفرق بين جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة؟

محققو الطب الشرعي الفرنسيون الذين وصلوا إلى أوكرانيا للتحقيق في جرائم الحرب وسط الغزو الروسي يقفون بجانب مقبرة جماعية في بلدة بوتشا في منطقة كييف (أ.ب)
محققو الطب الشرعي الفرنسيون الذين وصلوا إلى أوكرانيا للتحقيق في جرائم الحرب وسط الغزو الروسي يقفون بجانب مقبرة جماعية في بلدة بوتشا في منطقة كييف (أ.ب)

جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وحتى «الإبادة الجماعية» التي تحدث عنها الرئيس الأميركي جو بايدن أمس (الثلاثاء) للمرة الأولى، كل هذه الاتهامات التي تتضاعف ضد القوات الروسية هي مفاهيم دقيقة جداً في القانون الدولي.
وهذه المفاهيم التي وُلدت في أعقاب الحرب العالمية الثانية بالتزامن مع إنشاء محكمة نورمبرغ الدولية لمحاكمة الجرائم النازية في قلب اختصاص المحكمة الجنائية الدولية (ICC) التي فتحت في الثالث من مارس (آذار) تحقيقاً في الوضع في أوكرانيا.
ويمكن أن تخضع للولاية القضائية الوطنية عندما تكون مختصة في مسائل العدالة العالمية كما هو الحال في ألمانيا وبلجيكا وإسبانيا وفرنسا وسويسرا.
تُعرّف «جرائم الحرب» بأنها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي تُرتكب ضد مدنيين أو مقاتلين خلال نزاع مسلح وتؤدي إلى تحميل مرتكبيها مسؤولية جنائية فردية، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
وهذه الجرائم تنطبق على الانتهاكات التي تطال اتفاقيات جنيف التي أُقرت في 1949 في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
هذا التعريف أُدرج في المادة الثامنة من «نظام روما»، المعاهدة المؤسِّسة للمحكمة الجنائية الدولية التي تم اعتمادها في يونيو (حزيران) 1998.
وتحدد المادة الثامنة من الاتفاقية أكثر من خمسين نموذجاً لجرائم الحرب، من بينها القتل والتعذيب واحتجاز الرهائن وتجنيد الأطفال للقتال والتهجير غير القانوني والهجمات المتعمدة ضد المدنيين والنهب والهجمات المتعمدة ضد بعثات المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1513638020750082048
وتعد جرائم حرب أيضاً استخدام الغاز أو الأسلحة المحظورة بشكل عام التي يمكن أن تسبب «معاناة لا داعي لها» أو «القصف العشوائي»، مثل الأسلحة العنقودية.
وجرائم الحرب من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. وهذه الهيئة القضائية الدولية التي تتخذ في لاهاي بهولندا مقراً لها أنشئت في 2002 لتحاكم بالتحديد مرتكبي هذا النوع من الجرائم وكذلك الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، وفي وقت أقرب جرائم العدوان.
وأحدث حكم أصدرته في هذا الإطار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، السجن 30 عاماً على زعيم الحرب الكونغولي السابق بوسكو نتاغاندا.
وهو أقسى حكم صدر عن المحكمة الجنائية الدولية على الإطلاق بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وقعت في جمهورية الكونغو الديموقراطية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وُضع مفهوم الجريمة ضد الإنسانية وتعريفها في الثامن من أغسطس (آب) 1945 بموجب المادة السادسة من النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ الدولية.
وتُعرَف هذه الجريمة بأنها «القتل العمد والإبادة والاستعباد والتهجير وأي فعل غير إنساني آخر يُرتكب ضد سكان مدنيين قبل الحرب أو خلالها أو الاضطهاد على أسس عرقية أو دينية».
مبدئياً، اعتُمد هذا المفهوم لمحاكمة المجرمين النازيين الذين ارتكبوا جرائم لم يكن من الممكن تصورها من قبل.
بعد ذلك، أُدرج هذا المفهوم في المادة السابعة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تنص على أن الجرائم ضد الإنسانية هي أفعال مثل القتل والإبادة والاغتصاب والاضطهاد وكل الأعمال اللاإنسانية الأخرى التي تُرتكب «في إطار هجوم واسع أو منهجي موجه ضد أي سكان مدنيين مع العلم بهذا الهجوم».
استُخدمت عبارة «الإبادة الجماعية» من وجهة نظر قانونية للمرة الأولى في محاكمات نورمبرغ للإشارة إلى تصفية اليهود.
وقد أصبحت بعد ذلك جزءاً لا يتجزأ من القانون الدولي في 1948 بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها.
وتُعرف الإبادة على أنها «جريمة تُرتكب بقصد تدمير مجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بأكملها أو جزء منها».
وبين الأحكام التي صدرت بسبب حملات إبادة:
- في نوفمبر 1994 أنشأت الأمم المتحدة المحكمة الجنائية الدولية لرواندا ومقرها في أروشا (تنزانيا). بعد أربع سنوات أصدرت هذه الهيئة القضائية الدولية أول أحكامها بالسجن مدى الحياة فيما يشكّل أول اعتراف بحدث إبادة جماعية ضد أقلية التوتسي الروانديين.
- في 2007، اعترفت محكمة العدل الدولية بأن المجزرة التي شهدتها سريبرينيتسا في شرق البوسنة حيث قُتل نحو ثمانية آلاف فتى ورجل مسلم في 1995 بأيدي صرب البوسنة كانت «إبادة جماعية».
وحكمت على الزعيمين السابقين السياسي والعسكري لصرب البوسنة رادوفان كاراجيتش وراتكو ملاديتش، بالسجن مدى الحياة.
في ديسمبر (كانون الأول) 2017 أضافت الدول الـ123 الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية (أي تلك التي صادقت على نظام روما الأساسي وليس بينها الولايات المتحدة وروسيا) «جريمة العدوان» إلى اختصاص القضاء الدولي.
وتعني هذه التهمة الاعتراف بالاعتداء على سيادة دولة من دولة أخرى والسماح بمحاكمة قادتها.
و«جريمة العدوان» واردة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لكنها لم تدخل حيز التنفيذ بسبب طبيعتها السياسية.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.