خالد الكمار: التزمت الطابع الشرقي في موسيقى «الاختيار 3»

خالد الكمار (الشرق الأوسط)
خالد الكمار (الشرق الأوسط)
TT

خالد الكمار: التزمت الطابع الشرقي في موسيقى «الاختيار 3»

خالد الكمار (الشرق الأوسط)
خالد الكمار (الشرق الأوسط)

للعام الثاني على التوالي، يتم اختيار الموسيقار المصري الشاب خالد الكمار، لوضع الموسيقى التصويرية لجزء من مسلسل «الاختيار» الذي يحمل عنوان «القرار».
الكمار قال في حواره مع «الشرق الأوسط» إن «الجزء الثالث من المسلسل، استلزم الاعتماد بشكل كبير على الآلات والمقامات الشرقية مع إبراز بعض الجدية لمواكبة الأحداث المصيرية التي عاشتها مصر، ويتناولها المسلسل، كما تحدث عن كواليس إعداده الموسيقى التصويرية لمسلسل «فاتن أمل حربي» الذي قامت ببطولته الفنانة نيللي كريم.
في البداية، يتحدث خالد الكمار عن تفاصيل إعداده الموسيقى التصويرية الخاصة بالجزء الثالث من مسلسل «الاختيار» واختلافها عن الجزأين الماضيين، قائلاً: «الموسيقى التصويرية للجزء الأول، وضعها أستاذي تامر كروان، أما الموسيقى التصويرية للجزء الثاني كانت من تأليفي، واعتمدت فيها بشكل كبير على استخدام موسيقى درامية أكثر من كونها عسكرية، وفي الجزء الثالث، فضلت أن تكون الموسيقى أكثر جدية، بل تكون في بعض الأحيان حاسمة، بسبب بعض المواقف الحاسمة في تاريخ البلد»، لافتاً إلى أن «هذا الاختيار لم يقلل من وجود بعض المقطوعات والمعزوفات الموسيقية الإنسانية».
وعن طبيعة الاختلاف بين الآلات المستخدمة في إعداد موسيقى الجزء الثاني والثالث، يقول: «يوجد اختلاف كبير في موسيقى الجزأين، فقد أكثرنا من استخدام الآلات المصرية والشرقية مثل العود والقانون، والتزمنا بالطابع الشرقي وقللنا من استخدام الأوركسترا التي كانت طاغية على موسيقى الجزء الثاني».
وأشار الكمار إلى أن العمل مع المخرج المصري بيتر ميمي، يحتاج منه دقة متناهية، طوال الوقت: «بيتر ميمي من المخرجين الذين يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة، فهو يرسل لي قبل بدء تنفيذ الموسيقى التصويرية، عدداً من المقطوعات والمعزوفات التي يريدها بالتحديد، ويحدد لي مدتها الزمنية، ويظل يناقشني فيها وفي الآلات المستخدمة بها، وعن سبب استخدامها».


عبد العزيز مخيون في لقطة من {الاختيار 3}

وكشف الموسيقار المصري أنه كان في بعض الأوقات يخلد للنوم باكياً، أثناء العمل على مقطوعات مسلسل الاختيار: «أغلبية أعمالي الموسيقية السابقة، قبل (الاختيار2) أو 3، كانت أعمالاً اجتماعية خفيفة مثل (ليه لأ) و(البحث عن علا)، لكن عندما بدأت العمل العام الماضي على (الاختيار)، أُرهقت نفسياً بسبب كمية المشاهد والأحداث العصيبة التي كنت أشاهدها يومياً، فظللت لفترة أخلد للنوم باكياً، وأستيقظ والحزن يملأ جفوني، بسبب مشاهد القتل والتخريب».
واستعان الكمار في موسيقى مسلسل «الاختيار» بأوركسترا «موسكو السيمفونية متروبوليتان» التي قادها الموسيقار فلاديمير بودجوريتسكي، وبعدد من العازفين المصريين الكبار أمثال محمود عثمان.
وعن كواليس تأليف الموسيقى التصويرية لمسلسل «فاتن أمل حربي»، يقول: «الاتفاق على وضع الموسيقى التصويرية لمسلسل (فاتن أمل حربي)، جاء بناء على طلب المخرج ماندو العدل، الذي تحدث معي عقب نهاية شهر رمضان من العام الماضي، وطلب مني التحضير لمشاركته في عمل درامي جديد بعد تعاوننا في فيلم (صاحب المقام)».
وأكد أن «التوجه العام لموسيقى (فاتن أمل حربي) ركز على إعادة أجواء موسيقى الموسيقار المصري الكبير الراحل عمار الشريعي، لكونه الأستاذ والملهم للموسيقى المصرية الأصيلة، فقد تعمدنا استلهام موسيقى المسلسلات المصرية التراثية الشهيرة على غرار «أرابيسك» و«حديث الصباح والمساء»، لذلك ابتعدنا تماما عن استخدام الأوركسترا».
وأشار الكمار إلى أن «موسيقى (فاتن أمل حربي) لن تكون حزينة في جميع حلقات المسلسل، بسبب كثرة المشاهد الحزينة التي يحويها، ففي النهاية هناك رسائل إيجابية بالعمل، والموسيقى ستلعب دوراً مهماً في تحويل القهر إلى حق وأمل في النهاية»
وبشأن استعانته بصوت الفنانة ناي البرغوثي في أحداث مسلسل «فاتن أمل حربي» لكي تكون الصوت الداخلي لنيللي كريم، يقول: «بعد الانتهاء من وضع الموسيقى التصويرية للمسلسل، شعرت بوجود نقص ما، في إيصال رسالتي للجمهور، وشعرت بأنني في حاجة لعنصر نسائي لكي يساعد في إيصال رسائل أوتار العود والقانون، فأجريت اتصالاً بصديقتي الفنانة ناي البرغوثي، وطلبت منها أن تشارك بصوتها وتكون لسان حال نيللي كريم، و(ناي) في المسلسل لن تغني، بل سيكون صوتها عبارة عن همهمات لبطلة العمل».
وبعيداً عن أعمال شهر رمضان، أوضح خالد الكمار استعداده لبدء العمل على الجزء الثاني من مسلسل «البحث عن علا»، بطولة الفنانة هند صبري، ومسلسل «لام شمسية»، ويوضح: «أنا متحمس للعملين للغاية، فهذه هي التجربة الثالثة لي مع نتفليكس، ورغم المجهود الشاق الذي يبذل في الموسيقى الخاصة بأعمالهم، فإن النجاح دائماً ما يكون حليفنا، فقد ظللنا نعمل لمدة 5 أشهر على موسيقى (البحث عن علا) رغم حلقاته المحدودة.
كما استغرق مني إعداد موسيقى مسلسل (ما وراء الطبيعة)، 11 شهراً، لافتاً إلى استعداده كذلك للعمل على موسيقى مسلسل (لام شمسية)، الذي خرج من السباق الرمضاني لهذا العام».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».