«ليالي رمضان» يعيد الحارة المكية للواجهة

صناعة «السبحة» بالطرق التقليدية مع استخدام أنواع مختلفة من الأحجار والخيوط (الشرق الأوسط)
صناعة «السبحة» بالطرق التقليدية مع استخدام أنواع مختلفة من الأحجار والخيوط (الشرق الأوسط)
TT

«ليالي رمضان» يعيد الحارة المكية للواجهة

صناعة «السبحة» بالطرق التقليدية مع استخدام أنواع مختلفة من الأحجار والخيوط (الشرق الأوسط)
صناعة «السبحة» بالطرق التقليدية مع استخدام أنواع مختلفة من الأحجار والخيوط (الشرق الأوسط)

تعود مكة المكرمة، التي تعيش نقلة نوعية، بذاكرتها إلى أكثر من 150 عاماً وما قبلها لتروي لقاطنيها وزوارها كيف كانت المدينة على مدار العام، وكيف كانت تصدح في رمضان بحناجر أطفالها ابتهاجاً برمضان وهم يجوبون الأزقة بين الحرفيين.
هذه التفاصيل جمعتها الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، ممثلة في «شركة كدانة»، تحت سقف واحد في مشعر مزدلفة تحت مسمى «مهرجان وفعالية ليالي رمضان الترفيهية»، الذي يستمر على مدار 20 يوماً، تُحكى فيه أدق التفاصيل عن مكة وحواريها، وكيف كانت تعيش العام كله وهي تستقبل الحجاج والمعتمرين، وتقدم لهم العون، ويزداد هذا العمل توهجاً في رمضان المبارك.
وعند دخولك للمهرجان تستشعر على الفور أنك في حقبة زمنية كنت تسمع عنها، وأنت تشاهد كيفية التعليم من خلال «الكتاتيب» الذي يشرف عليها شخص ذو علم في محيطه، ويقوم بعملية التدريس لعدد من العلوم الشائعة في حينه، في مقدمتها القرآن الكريم، الكتابة، والخط، والحساب، وتكون هذه العملية التي تمتد لساعات إما في المسجد أو في إحدى الدور المخصصة لذلك، لتخرج من الكتاتيب على مشهد يحكي صعوبة الحياة قبل 200 عام وأنت ترى «السقا» وهو يحمل ما لا يقل عن 15 كيلوغراماً على أكتافه من خلال وضع عصا يعلق بجانبيها صفيحتين «تنك»، وتربط بطرف العصا ويسير بها في اتجاه المنزل لإفراغها في الزير والأواني المخصصة لذلك، أو يقوم بتوريد هذه الكميات من المياه للحرم المكي.

عملية التدريس لعدد من العلوم التي كانت الشائعة في ما مضى (الشرق الأوسط)
 

وفي جنبات المساحة المخصصة للمهرجان، يستوقفك الأطفال وهم يركضون في كل اتجاه مرتدين الأزياء التقليدية التي تحاكي الأحياء القديمة في مكة المكرمة في شكل قطار يسير بسرعة وهو ينشد فرحاً بقدوم رمضان، وأنت كذلك لا بد أن تسير على إحدى أهم الحرف في مكة المكرمة؛ صناعة «السبحة»، التي يقبل عليها الحجاج والمعتمرون منذ عشرات السنين، وكيف كانت تصنع بالطرق التقليدية مع استخدام أنواع مختلفة من الأحجار والخيوط في صناعتها، إلى أن تقف أمام صانع «الأحزمة»، ومخازن السلاح، التي كانت تستخدم في السابق، إضافة إلى أحزمة الإحرام، التي يرتديها الحاج أو المعتمر، مستخدماً في ذلك المقص والمطرقة وغيرها من الأدوات التقليدية.
وعندما تنتهي من رحلتك لزاماً عليك الوقوف أمام بائع «البليلة» لتتذوق إحدى الوجبات الخفيفة التي كان يقبل عليها أهل مكة بعد صلاة الترويح، وكانت تنتشر في العديد من الأحياء، أو الذهاب إلى بائع الفول، وإن كنت من محبي الوجبات السريعة لم تغفل الهيئة عن ذلك، فنشرت الأكشاك المخصصة لتلبية رغبة الزائرين.
ووزعت شركة «كدانة»، فعالية «ليالي رمضان»، على أربع مناطق شملت منطقة «المشي» المخصصة للرياضات وتأجير الدراجات الهوائية، ومنطقة البلازا، وتعد المركز الرئيسي للفعالية، وتشتمل على سوق محلية وسوق تعرض منتجات الجاليات في مكة المكرمة، لتبادل الثقافات والأعمال الفنية، كذلك الركن التاريخي الذي يضم مسرحاً ترفيهياً.
وأوجدت الشركة، موقعاً خاصاً عن الحارة المكية وتفاصيلها ممثلة في دكاكينها وأكلاتها الشعبية، وحرف سكانها وأشهر الألعاب الشعبية، إضافة إلى منطقة «البلازا» التي تضم ركناً للفنون ومعرضاً للصور خصصت للرسامين وفن الكاريكاتير، ومعرضاً للوحات الفنية للرسامين السعوديين.
وتُعد منطقة المستراح ثالث مناطق الفعالية، إذ جهزت بالكامل لاستقبال كبار الزوار، وتحتوي على جلسات ذات طابع تقليدي بأسلوب حديث وفاخر. والمنطقة الرابعة «الحماس»، التي خصصت للنشاطات المختلفة. ودمجت فعالية ليالي رمضان الحاضر بالماضي، بإبراز حارات مكة القديمة ودكاكينها وأزياء الباعة، وأعطت في الوقت ذاته مساحة للجانب التقني الحديث، بألعابه الجديدة وعروض الضوء، بهدف إضفاء طابع جديد وفريد.
يشار إلى أن شركة «كدانة» للتنمية والتطوير هي الشركة المسؤولة عن تنمية وتطوير منطقة المشاعر المقدسة وحماها، وهي الذراع التنفيذية للهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة في نطاقها الجغرافي. قد مكنت الزوار من الحجز عبر الإنترنت وفي موقع الفعالية، كما جهزت الجهة المنظمة منطقة لحضانة الأطفال، لمنح العائلات تجربة مريحة ومميزة.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.