شهباز شريف: نريد السلام مع الهند

شهباز شريف: نريد السلام مع الهند
TT

شهباز شريف: نريد السلام مع الهند

شهباز شريف: نريد السلام مع الهند

أعلن رئيس وزراء باكستان الجديد شهباز شريف أن بلاده «ترغب في علاقات سلمية وتعاونية» مع الهند، مما يثير الأمل بأن انتخابه يمكن أن يوفر فرصة جديدة لتوافق دبلوماسي بين الجارتين النوويتين. فيما أكدت واشنطن تمسكها بالشراكة طويلة الأمد مع إسلام آباد التي «تمثل أهمية حيوية بالنسبة لها». كما أكدت بكين أنها ستحافظ على سياسة العلاقات الودية معها.
شهباز شريف قال، في رسالة شكر عقب تلقيه رسالة تهنئة من نظيره الهندي على انتخابه رئيساً للوزراء: «باكستان ترغب في علاقات سلمية وتعاونية مع الهند. التسوية السلمية للخلافات العالقة، وتشمل جامو وكشمير، لا غنى عنها. تضحيات باكستان في مكافحة الإرهاب معروفة». أضاف شريف «لنقم بتأمين السلام والتركيز على التنمية الاجتماعية - الاقتصادية لشعبنا»، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية.
يواجه شريف، المعروف بأنه براغماتي ومؤيد للتعاون التجاري، العديد من التحديات الكبرى، بينها العلاقات الشائكة مع الهند المجاورة التي قامت مثل بلده نتيجة تقسيم الإمبراطورية البريطانية في الهند عام 1947 والتي خاضت مع باكستان ثلاث حروب مذاك.
ويتحدر الرجل القوي الجديد في إسلام آباد من عائلة سياسية نخبوية، يُنظر إليها في الهند على أنها تصالحية ومستعدة لتسوية الخلافات من خلال الحوار بدلاً من المواجهة - على عكس سلفه عمران خان. وبحسب محللين، فإن الهند تأمل في أن يتخذ شريف خطوات لتحسين العلاقات بين الخصمين النوويين بعد سنوات من التوتر.
وقال أستاذ الدراسات الدولية في الجامعة الملية الإسلامية في دلهي، أجاي دارشان بيهيرا، لوكالة الصحافة الفرنسية إن شريف «ليس شخصاً سيذهب إلى حد معاداة الهند».
وفي بادرة غير معتادة لسياسي باكستاني رفيع المستوى، زار شريف الهند عام 2003 عندما كان رئيساً لوزراء ولاية البنجاب التي انقسمت بين البلدين عام 1947. وزار قرية أسلافه على الجانب الهندي من الحدود، كما التقى رئيس الوزراء آنذاك مانموهان سينغ ومسؤولين آخرين في نيودلهي.
في المقابل حضر نظيره الهندي ناريندرا مودي حفل زفاف أحد أعضاء عائلة شريف. وأجرى الزعيم القومي الهندوسي رحلة مفاجئة إلى باكستان عام 2015 بعد عام من توليه منصبه، حيث استقبله شقيق شريف الأكبر نواز الذي كان رئيساً للوزراء حينها.
ويشير الباحث في مركز إسلام آباد للدراسات والبحوث الأمنية امتياز غول، إلى أن الشقيقين شريف أقاما بشكل عام «علاقات ودية» مع قادة الهند. وأضاف «هذه نقطة انطلاق جيدة للهند لاستئناف الحوار».
وأعقبت زيارة مودي عدة جولات من المحادثات التي تهدف إلى استعادة الثقة التي وصلت إلى أدنى مستوياتها بعد هجمات بومباي الإرهابية عام 2008 والتي اتهمت الهند باكستان برعايتها.
لكن انفتاح العلاقات توقف فجأة في العام التالي مع استئناف الصراع في منطقة كشمير المتنازع عليها بين البلدين والتي كانت سبب اثنين من حروبهما الثلاثة.
وأثارت سلسلة غارات جوية في المنطقة الحدودية عام 2019 والتوتر الشديد والصمت بين الحكومتين مخاوف من نزاع مفتوح جديد.
وتدهورت العلاقات الدبلوماسية بشكل أكبر في ظل حكومة رئيس الوزراء عمران خان التي عُرفت بقربها من الجيش الباكستاني، حيث لا يزال العداء للهند حاضراً بقوة. وتم تعليق التجارة الثنائية بعد محاولة من جانب الهند لتعزيز سلطتها في الجزء الذي تسيطر عليه من كشمير. وانتقد خان بشدة نظيره الهندي ناريندرا مودي، ودعا إلى تحرك دولي لإنهاء ما سماها بـ«إبادة جماعية» في المنطقة المتنازع عليها.
بعد رحيل خان، يعتقد المحلل السياسي سوجيت دوتا أن شريف لديه فرصة لتجاوز الضغائن التي تراكمت في السنوات الأخيرة، مضيفاً أن أي انفتاح سوف «ينظر إليه بشكل إيجابي للغاية» في الهند. وقال دوتا في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحتاج إلى علاقة جديدة مع باكستان تقوم على التعايش السلمي وحل الخلافات بالحوار». ولفت إلى أن ذلك «سيساعد بالتأكيد باكستان، والهند أيضا بلا شك».
وكان شهباز شريف أظهر في خطابه الأول بعد انتخابه انفتاحاً في هذا الاتجاه، معلناً أن بلاده تريد «علاقة أفضل مع الهند». لكنه حذر أيضا من أنه لن يكون هناك سلام دائم من دون تسوية وضع كشمير. واقترح شريف «على رئيس الوزراء مودي السماح لنا بحل قضية كشمير وتكريس كل طاقاتنا لازدهار بلدينا». لكن الحكومة الهندية لا تزال حذرة بعد عقود من عدم الثقة والعداء الراسخين.وأشارت صحيفة «إنديان إكسبرس» نقلاً عن مسؤول كبير لم تكشف اسمه إلى أنه «رغم أن الإشارات إيجابية بشكل عام، فإن العلاقات مع باكستان متقلبة إلى حد كبير، ولا يتطلب الأمر سوى هجوم إرهابي واحد... ليتغير الخطاب... سننتظر ونراقب كل خطوة عن كثب».
في واشنطن، أكدت الناطقة باسم البيت الأبيض، جين بساكي، أن الولايات المتحدة متمسكة بالشراكة طويلة الأمد مع باكستان التي تمثل أهمية حيوية بالنسبة لواشنطن.
وقالت: «إننا نقدر شراكتنا طويلة الأمد مع باكستان، ونعتبر دائماً إسلام آباد المزدهرة والديمقراطية أمراً بالغ الأهمية لمصالح الولايات المتحدة». وأشارت إلى أن «واشنطن وإسلام آباد لديهما علاقة طويلة الأمد ودائمة وستستمر في ظل قادة جدد». وحضت جميع الأحزاب السياسية في باكستان على متابعة الدستور، قائلة: «إننا ندعو جميع الأطراف إلى الالتزام بسيادة القانون والحكم الرشيد والمبادئ الديمقراطية».
وفي بكين، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الصيني تشاو لي جيان، في مؤتمر صحافي تعليقاً على انتخاب شريف: «بصفتنا جيرانا وأصدقاء وثيقين بالنسبة لباكستان، فإننا نتمنى بإخلاص أن تبقى جميع الفصائل في باكستان متحدة، وتتشارك في حماية الاستقرار والتنمية بشكل عام على المستوى الوطني... نعتقد أن التغيرات التي يشهدها الوضع السياسي في باكستان لن تؤثر على الوضع الشامل للعلاقات الصينية - الباكستانية».
وكان شريف أعلن عقب انتخابه أن حكومته ستسرع مشاريع للبنية التحتية تدعمها بكين في بلاده.
ويجري تنفيذ هذه المشاريع في ظل خطة الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان البالغ قيمتها 60 مليار دولار، وهي جزء من مبادرة الحزام والطريق الصينية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».