باشاغا يجري اتصالات سرية لاستمالة الميليشيات الموالية لـ«الوحدة»

المستشار عقيلة صالح (المكتب الإعلامي لرئيس المجلس)
المستشار عقيلة صالح (المكتب الإعلامي لرئيس المجلس)
TT

باشاغا يجري اتصالات سرية لاستمالة الميليشيات الموالية لـ«الوحدة»

المستشار عقيلة صالح (المكتب الإعلامي لرئيس المجلس)
المستشار عقيلة صالح (المكتب الإعلامي لرئيس المجلس)

قالت وسائل إعلام ليبية إن فتحي باشاغا، رئيس الحكومة الجديدة المكلف من مجلس النواب، بدأ في إجراء اتصالات سرية مع بعض قادة الميليشيات الموالية لحكومة «الوحدة» قصد استمالتها إلى جانبه، في ظل احتدام الصراع مع غريمه عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية.
وأوضحت وسائل الإعلام ذاتها أن آمر «قوة الإسناد الأولى بالزاوية»، محمد بحرون الملقب بالفار، عرض على باشاغا خلال الأسبوع الماضي عدة شروط، مقابل دعمه والتخلي عن الدبيبة.
في المقابل، وفي تطور أمني لافت للانتباه، أعلنت «قوة إنفاذ القانون»، التابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، انتشار دورياتها الأمنية، اعتباراً من مساء أول من أمس، داخل مناطق العاصمة طرابلس. وأكد بيان القوة أن إنشاء التمركزات الأمنية في مناطق وادي الربيع، وصولاً لمنطقة السراج «يأتي في إطار المجاهرة بالأمن وضبط الشارع العام، وتنفيذاً للخطة الأمنية المنبثقة عن مديرية أمن طرابلس».
في غضون ذلك، استبق عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، اجتماعاً مرتقباً بين ممثلين عن البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، بإبلاغ السفير الأميركي ريتشارد نورلاند، رفضه أي إملاءات خارجية «تستهدف التدخل في قرارات مجلس النواب».
وشدد صالح خلال اتصال هاتفي مع نورلاند، مساء أول من أمس، على عدم قبوله التدخل في قرارات المجلس، الذي تعهد في المقابل بأنه سيكون داعماً للمسار الدستوري، وفقاً للتعديل الدستوري الثاني عشر، كما شدد صالح، وفقاً لبيان وزعه مكتبه، على أن القرار «سيكون ليبيا - ليبيا دون إملاءات خارجية». ونقل عن السفير الأميركي تأكيده على احترام بلاده إرادة الليبيين، مثمناً جهود صالح الساعية لاستقرار البلاد.
ومن المرتقب أن تعقد لجنة مشتركة من مجلسي النواب و«الدولة» اجتماعها الأول في مصر خلال أيام، بهدف حسم الخلافات، التي تعوق اتفاق الطرفين على طريقة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة. وبينما لم يعلن مجلس النواب رسمياً عن موعد ومكان عقد هذا الاجتماع، إلا أن مصادر برلمانية قالت إنه سيعقد في مصر، التي سبق أن استضافت سلسلة اجتماعات للطرفين، كما نقلت وكالة «نوفا» الإيطالية للأنباء عن مصادر أن الاجتماع سيعقد في مصر بحضور المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز.
واستباقاً لهذا الاجتماع، أعلن مجلس النواب عن تشكيل لجنة من 12 عضواً، تتولى مراجعة المواد والنقاط محل الخلاف في مشروع الدستور، بهدف إجراء التعديلات اللازمة على مشروع الدستور، المنجز من الهيئة التأسيسية لصياغته.
وفي هذا السياق، اشترط قرار وزعه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم المجلس، على اللجنة الالتزام بما ورد في التعديل الدستوري الثاني عشر، ومراعاة بنوده حسب ورودها، والمواعيد المحددة لإنجاز مهامها، مشيراً إلى أنه «يتعين عليها عند الاختلاف من حيث الشكل، أو الهدف الوارد في التعديل الدستوري الثاني عشر، عرض نتائج أعمالها على المجلس، وهي غير مخولة بترتيب أي التزام خارج مهمتها المحددة في المادة الثانية من هذا القرار».
من جانبها، قالت ويليامز إنها استعرضت خلال حوار موسع بالفيديو مع قرابة 40 شاباً من مختلف مناطق ليبيا، جهود الأمم المتحدة وأولوياتها الحالية، المتمثلة في مساعدة الليبيين على إجراء انتخابات وطنية ذات مصداقية، في أقرب فرصة ممكنة، بناءً على قاعدة دستورية وإطار انتخابي متينين، مشيرة إلى أن ممثلي الشباب أكدوا على أهمية إيجاد مخرج من الانسداد، الذي وصل إليه المساران التشريعي والتنفيذي لأجل تنفيذ الانتخابات.
من جهة أخرى، أعلنت الهيئة الحكومية للبحث والتعرف على المفقودين انتشال 11 جثة، مجهولة الهوية في مدينة سرت، وأوضحت في بيان أن الفرق المختصة باشرت بأخذ عينات من العظام، التي تم نقلها إلى مستشفى بالمدينة، بالتنسيق مع الطب الشرعي. وخضعت سرت الواقعة على بعد 450 كيلومتراً شرق العاصمة طرابلس، منذ سبع سنوات لسيطرة تنظيم «داعش» لأكثر من عام، شهدت خلالها عمليات إعدام، واعتقالات كبرى طالت المدنيين والعسكريين من أبناء المدينة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.