تغير المناخ يربك إيقاع الطبيعة ويهدد النظم البيئية

تغير المناخ يربك إيقاع الطبيعة ويهدد النظم البيئية
TT

تغير المناخ يربك إيقاع الطبيعة ويهدد النظم البيئية

تغير المناخ يربك إيقاع الطبيعة ويهدد النظم البيئية

تتعرض بلاد الشام، منذ منتصف مارس (آذار) الماضي، إلى منخفضات قطبية متتالية غير معتادة في مثل هذا الوقت من السنة. وتقترن هذه الفترة في الموروث الشعبي للمنطقة بانتهاء فصل الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وإزهار النباتات وانتهاء السُبات الشتوي، حيث يُقال: «إذا طلع سعد السعود، ذاب كل جمود، واخضرّ كل عود، وانتشر كل مبرود»، كما يُقال أيضاً: «بسعد الخبايا، بتطلع الحيايا، وبتتفتَّل الصبايا».
وبحسب الموروث الشعبي، يمتد فصل الشتاء في بلاد الشام إلى خمسين يوماً، تتوزع على أربع فترات زمنية متساوية (سعد الذابح، سعد بلع، سعد السعود، سعد الخبايا)، تصف المشاهدات المعتادة لأحوال الجو ودورة الطبيعة والكائنات الحية. ولجميع الشعوب خبراتها وتجاربها الخاصة التي تصف مظاهر الحياة المقترنة بالمناخ؛ ففي الولايات المتحدة يُقال مثلاً: «عندما ترى الحور يُزهر في جبال روكي، احذر الدببة الرمادية التي تنهض من سباتها».
المناخ ودورة حياة الكائناتيدرس الفينولوجيا، أو علم الظواهر الطبيعية (Phenology) العلاقة بين المناخ والظواهر الأحيائية الدورية، كتاريخ ظهور الأوراق والزهور، وبدء الطيور هجرتها، وتوقيت تغيُّر ألوان أوراق الأشجار وتساقطها، وفترة وضع الطيور والبرمائيات لبيضها، وموعد تكاثر الحيوانات.
ونظراً لأن العديد من هذه الظواهر حساسة جداً للتغيُّرات الصغيرة في المناخ، خاصة درجات الحرارة، يمكن للسجلات الفينولوجية أن تكون بديلاً مفيداً لبيانات درجة الحرارة في علم المناخ التاريخي، لا سيما في دراسة تغيُّر المناخ والاحترار العالمي. فمنذ سنوات، جرى استخدام سجلات زراعة الكروم في أوروبا، التي تعود إلى أكثر من 500 سنة، لإعادة تكوين سجل لدرجات حرارة موسم النمو الصيفي.
وفي اليابان، يعلن إزهار الكرز البري (ساكورا) عن بدء فصل الربيع، وهو حدث رئيسي في الثقافة اليابانية. ويعود تاريخ الاحتفال بإزهار الكرز إلى نحو عام 712 الميلادي، حيث تحتفظ اليوميات والسجلات القديمة في مدينة كيوتو بمواعيد ومشاهدات الإزهار منذ عام 812. وعلى مدى 1200 سنة، كان الإزهار يبدأ من أواخر مارس (آذار) ويمتد حتى أوائل مايو (أيار). ولكن منذ ثلاثينات القرن التاسع عشر، أصبح الإزهار يحصل في مواعيد أبكر بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
ويتسبب تغيُّر المناخ في إبطاء أو تسريع إيقاع الطبيعة على نحو قد يهدد التنوُّع البيولوجي. ففي تقريره عن القضايا الناشئة ذات الاهتمام البيئي الذي صدر قبل أسابيع، يلفت برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) النظر إلى دور تغيُّر المناخ في إرباك أنماط دورة حياة الأنواع النباتية والحيوانية، ويدعو إلى معالجة هذه المشكلة من خلال استعادة التواصل البيئي والتنوُّع البيولوجي وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ويشير التقرير إلى أهمية التوقيت في الطبيعة، إذ يُفترض بصغار الطيور أن تفقس عندما يكون هناك طعام متاح لتغذيتها، وتصبح الحشرات نشطة عندما تزهر النباتات المضيفة، وتغيّر الأرانب الثلجية لونها من الأبيض إلى البني مع ذوبان الثلوج. ونظراً لأن درجات الحرارة لها تأثير واضح على هذه الإشارات، فإن التحولات الفينولوجية طيلة العقود الماضية هي من بين أكثر نتائج تغيُّر المناخ العالمي وضوحاً، خاصة في المناطق المعتدلة والقطبية.
ولا تعدّ درجات الحرارة المتغيّر البيئي الوحيد الذي يؤثر على الفينولوجيا، فعند خطوط العرض العليا هناك متغيّر حرج آخر هو الفترة الضوئية أو طول النهار، الذي يتباين كثيراً بتغيُّر المواسم. ففي المناطق الواقعة عند هذه الخطوط تحتاج بعض النباتات والحشرات إلى موجة من درجات الحرارة المنخفضة (تبريد شتوي) للاستجابة جيداً لدرجات الحرارة الأكثر دفئاً. كما ترتبط هجرة الأسماك بدرجة حرارة الماء وفترة الضوء. وتُبدي الأنواع الحية في المناطق الاستوائية استراتيجيات فينولوجية متنوعة، حيث يمكن أن تؤدي العوامل المختلفة، بما في ذلك المطر والجفاف وتوافر الرطوبة والتعرض الغزير لأشعة الشمس، إلى بدء دورة حياة جديدة تقل عن 12 شهراً. استجابات متباينةمما يثير القلق حول التغيُّرات الفينولوجية والاستجابة لتغيُّر المناخ أن الأنواع المترابطة في نظام بيئي معيّن قد لا تتحول في الاتجاه ذاته أو المعدل نفسه. وكانت دراسات تفصيلية حول مراحل دورة الحياة المختلفة عبر مجموعة واسعة من الأنواع النباتية والحيوانية كشفت عن وجود تفاوتات فينولوجية كبيرة. وعلى سبيل المثال، يؤثر عدم التطابق بين المفترس والفريسة داخل شبكة الغذاء على نمو الأفراد وتكاثرهم ومعدلات بقائهم، وينعكس ذلك على تعداد الأنواع الحية وسلامة النظم البيئية ككل.
تم الكشف عن التحولات الفينولوجية بسبب تغيُّر المناخ في مجموعة متنوعة من دورة حياة الكائنات، بما فيها التكاثر والإزهار والبرعمة والإيراق والانسلاخ والسبات والهجرة وغيرها. وتأتي البيانات الداعمة من الدراسات التي تقارن التحولات الفينولوجية بين مجموعات كبيرة من الأنواع الحية التي تم تسجيل الأحداث الفينولوجية الخاصة بها على فترة زمنية طويلة في نصفي الكرة الأرضية.
وتقدم الدراسات التي أجريت على الطيور دليلاً وافياً على عدم التطابق الذي يؤثر على التكاثر الناجح. فعلى سبيل المثال، تحتاج أنواع من الطيور، مثل خطّاف الذباب الأبقع والقرقف الكبير، إلى أن تفقس فراخها عندما تكون إمداداتها الغذائية من اليرقات أكثر وفرة. وعندما تكون فترة ذروة الإمداد الغذائي قصيرة تمتد لبضعة أسابيع، يصبح التوقيت الصحيح بالغ الأهمية. وتحتاج طيور أخرى إلى تحديد توقيت تكاثرها بدقة مع الهجرة الشاطئية لفرائسها الرئيسية، مثل أسماك الطُعم الصغيرة.
وتُظهر الأبحاث أن الاستجابات الفينولوجية لتغيُّر المناخ تحدث بشكل أسرع في البيئات البحرية منها على اليابسة. وتستجيب المجموعات البحرية المختلفة، من العوالق إلى المفترسات الأعلى، للتغيُّرات الفينولوجية بمعدلات مختلفة، مما يشير إلى أن تغيُّر المناخ قد يسبب عدم تطابق في مجتمعات المحيط الحية بأكملها.
ويؤثر الاحترار عبر النظم البيئية الأرضية ونظم المياه العذبة والبحرية، مما ينعكس في نهاية المطاف على الأنواع الحية التي تعتمد على النظم البيئية المختلفة، مثل الأسماك المهاجرة بين الأنهار والبحار والعديد من الحشرات والبرمائيات والطيور، التي تعتمد مراحل دورة حياتها على كل من النظم الأرضية والمائية.
وفي حين أن الاستجابات لتغيُّر إيقاع الطبيعة بفعل تغيُّر المناخ موثقة إلى حدٍ بعيد، فإن آثارها على تعداد المجموعات الحية وعواقبها على النظم البيئية تتطلب اهتماماً أكبر. ففي القطب الشمالي، مثلاً، تسبب الاحترار في تسريع ذوبان الجليد وتبكير ظهور الغطاء النباتي الذي تتغذى عليه إناث وصغار الوعول، ومع ولادة الإناث في موسمها الاعتيادي تراجعت أعداد الوعول بنسبة 75 في المائة لقلّة الغذاء.
وتشكّل الاستجابات الفينولوجية في المحاصيل للتغيُّرات الموسمية تحدياً لإنتاج الغذاء في مواجهة تغيُّر المناخ. وعلى سبيل المثال، يؤدي إزهار أشجار الفاكهة في موعد مبكر ثم تعرضها للصقيع في آخر الموسم إلى خسائر اقتصادية كبيرة لأصحاب البساتين. كما تؤدي التحولات الفينولوجية إلى تعقيد التكيُّف الزراعي الذكي مناخياً للمحاصيل الرئيسية في جميع أنحاء العالم.
لا يمكن تحديد التحولات الفينولوجية إلا من السجلات طويلة الأجل. وتعمل مؤسسات علمية وجامعات وحكومات ومنظمات غير حكومية على جمع البيانات الفينولوجية، التي تسمح بتحديد الأنواع الحية والمواقع الأكثر عرضة للخطر. كما توفر البيانات نظرة استشرافية حول معدلات الاحترار المسموح بها للنظم الإيكولوجية من أجل دعم الأهداف المعلنة في اتفاقية باريس لمواجهة تغيُّر المناخ.
إن الحفاظ على سلامة التنوُّع الحيوي وإيقاف تدمير الموائل ومتابعة استعادة النُظم البيئية، كلها عوامل تساعد في دعم الموارد الطبيعية التي نعتمد عليها. ولن تؤتي تدابير الحفظ هذه ثمارها ما لم يكن هناك عمل مؤثر في الحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة، وإعطاء الطبيعة وقتاً كي تسترجع إيقاعها وتحقق تناغمات جديدة.



ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
TT

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024، حيث ارتفعت درجات الحرارة بوتيرة تزيد بمقدار المثلين عن المتوسط العالمي في العقود الأخيرة.

وأصبحت الموجات الحارة في المنطقة أطول وأكثر حدة، وفقاً لأول تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يركز على المنطقة.

وقالت سيليست ساولو الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «ترتفع درجات الحرارة بمعدل مثلي المتوسط العالمي، مع موجات حرّ شديدة ومرهقة للمجتمع إلى أقصى الحدود».

وخلص التقرير إلى أن متوسط درجات الحرارة في عام 2024 تجاوز متوسط الفترة من 1991 إلى 2020، بمقدار 1.08 درجة مئوية، فيما سجّلت الجزائر أعلى زيادة بلغت 1.64 درجة مئوية فوق متوسط الثلاثين عاماً الماضية.

وحذّرت ساولو من أن الفترات الطويلة التي زادت فيها الحرارة عن 50 درجة مئوية في عدد من الدول العربية كانت «حارة للغاية» بالنسبة لصحة الإنسان والنظم البيئية والاقتصاد.

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

وأشار التقرير إلى أن موجات الجفاف في المنطقة، التي تضم 15 بلداً من أكثر بلدان العالم ندرة في المياه، أصبحت أكثر تواتراً وشدة، مع اتجاه نحو تسجيل موجات حرّ أكثر وأطول في شمال أفريقيا منذ عام 1981.

وخلص التقرير إلى أن مواسم الأمطار المتتالية، التي لم يسقط فيها المطر، تسببت في جفاف في المغرب والجزائر وتونس.

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن أكثر من 300 شخص في المنطقة لقوا حتفهم العام الماضي بسبب الظواهر الجوية القاسية، ولا سيما موجات الحر والفيضانات، في حين تضرر ما يقرب من 3.8 مليون شخص.

وأكّد التقرير الحاجة الماسة للاستثمار في الأمن المائي، عبر مشروعات مثل تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إلى جانب تطوير أنظمة الإنذار المبكر للحدّ من مخاطر الظواهر الجوية. ويمتلك نحو 60 في المائة من دول المنطقة هذه الأنظمة حالياً.

ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في المنطقة بمقدار 5 درجات مئوية، بحلول نهاية القرن الحالي، في ظل مستويات الانبعاثات الحالية، استناداً إلى التوقعات الإقليمية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.


دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
TT

دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

تعيش مع البشر مئات الملايين من القطط في جميع أنحاء العالم، سواء أكانت سيامية أو فارسية أو من سلالة ماين كون أو غيرها. لكن على الرغم من شعبيتها كحيوانات أليفة، ظلّ تاريخ استئناسها وتربيتها بالمنازل سرّاً صعباً يستعصي على العلماء.

وتقدم دراسة جينية جديدة نظرة في هذه المسألة، من خلال تحديد التوقيت الزمني لمرحلة رئيسية في تدجين القطط، عندما استُقدمت القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا.

ووجد الباحثون أن القطط الأليفة وصلت إلى أوروبا منذ ما يقرب من ألفي عام، في أوائل عصر الإمبراطورية الرومانية، ربما من خلال التجارة البحرية.

ويحتمل أن يكون البحارة قد جلبوا بعض هذه القطط لاصطياد الفئران على متن السفن التي كانت تجوب البحر المتوسط حاملة الحبوب من حقول مصر الخصبة إلى الموانئ التي تخدم روما والمدن الأخرى في الإمبراطورية الرومانية مترامية الأطراف.

تتناقض هذه النتائج مع الفكرة السائدة منذ فترة طويلة بأن الاستئناس حدث في عصور ما قبل التاريخ، ربما قبل 6 إلى 7 آلاف سنة، حينما انتقل المزارعون من الشرق الأدنى والشرق الأوسط القديم إلى أوروبا لأول مرة، حاملين القطط معهم.

قطة (أ.ف.ب)

وقال عالم الجينات كلاوديو أوتوني، من جامعة روما تور فيرجاتا، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نُشرت اليوم (الخميس)، في مجلة «ساينس»: «أظهرنا أن أقدم جينومات للقطط المنزلية في أوروبا تعود إلى فترة الإمبراطورية الرومانية وما بعدها»، بداية من القرن الأول الميلادي.

استخدمت الدراسة بيانات جينية من بقايا القطط من 97 موقعاً أثرياً في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأدنى، وكذلك من قطط تعيش في الوقت الحاضر. قام الباحثون بتحليل 225 عظمة من عظام القطط، الأليفة والبرية، التي ترجع إلى نحو 10 آلاف سنة مضت إلى القرن التاسع عشر الميلادي، وأنتجوا 70 جينوماً قديماً للقطط.

ووجد الباحثون أن بقايا القطط من مواقع ما قبل التاريخ في أوروبا تنتمي إلى القطط البرية، وليس القطط الأليفة القديمة.

كانت الكلاب هي أول حيوان مستأنس من قبل البشر، إذ انحدرت من فصيلة ذئاب قديمة مختلفة عن الذئاب الحديثة. وجاءت القطط الأليفة في وقت لاحق، منحدرة من القط البري الأفريقي.

قال ماركو دي مارتينو، عالم الحفريات بجامعة روما تور فيرجاتا، والمؤلف المشارك في الدراسة: «دخول القطط الأليفة إلى أوروبا مهم لأنه يمثل لحظة مهمة في علاقتها طويلة الأمد مع البشر. فالقطط ليست مجرد نوع آخر وصل إلى قارة جديدة. إنها حيوان أصبح مندمجاً بعمق في المجتمعات البشرية والاقتصادات حتى المعتقدات».

وحدّدت البيانات الجينية مرحلتين لدخول القطط إلى أوروبا من شمال أفريقيا. فمنذ ما يقرب من 2200 سنة، جلب البشر القطط البرية من شمال غربي أفريقيا إلى جزيرة سردينيا، التي تنحدر قططها البرية الحالية من تلك القطط المهاجرة.

لكن هذه القطط لم تكن أليفة. فهناك هجرة منفصلة من شمال أفريقيا بعد نحو قرنين من الزمان، شكّلت الأساس الجيني للقطط المنزلية الحديثة في أوروبا.

تشير نتائج الدراسة إلى أنه لم تكن هناك منطقة أساسية واحدة لترويض القطط، بل لعبت عدة مناطق وثقافات في شمال أفريقيا دوراً في ذلك، وفقاً لعالمة الآثار الحيوانية والمؤلفة المشاركة في الدراسة، بيا دي كوبير، من المعهد الملكي البلجيكي للعلوم الطبيعية.

وقالت دي كوبير: «يتزامن توقيت الموجات الوراثية لإدخال القطط من شمال أفريقيا مع الفترات التي تكثفت فيها التجارة حول البحر المتوسط بقوة. ومن المرجح أن القطط كانت تسافر لصيد فئران على متن سفن الحبوب، لكن ربما أيضاً كحيوانات ذات قيمة دينية ورمزية».

كانت القطط مهمة في مصر القديمة، وكان ملوك مصر يحتفظون بقطط أليفة، وأحياناً يحنطونها لدفنها في توابيت أنيقة.

ولعب الجيش الروماني القديم، الذي انتشرت مواقعه العسكرية في جميع أنحاء أوروبا، وحاشيته، دوراً أساسياً في انتشار القطط الأليفة في جميع أنحاء القارة، وتشهد على ذلك بقايا القطط التي اكتشفت في مواقع المعسكرات الرومانية.

ويرجع تاريخ أقدم قط مستأنس في أوروبا تم تحديده في الدراسة، وهو قط مشابه وراثياً للقطط المنزلية الحالية، إلى ما بين 50 قبل الميلاد و80 ميلادية من بلدة ماوترن النمساوية، وهي موقع حصن روماني على طول نهر الدانوب.

ومع ذلك، لم تكشف الدراسة عن توقيت ومكان التدجين الأولي للقطط.

قال أوتوني: «تدجين القطط أمر معقد، وما يمكننا قوله حالياً هو توقيت دخول القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا. لا يمكننا أن نقول الكثير عما حدث قبل ذلك، وأين حدث».


إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
TT

إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)

أصدرت السلطات المحلية في إسطنبول، اليوم (الاثنين)، مرسوماً يقضي بحظر إطعام الكلاب الضالة داخل المدينة في المستقبل، وكذلك منع وجودها في الأماكن العامة بالمدينة.

وقالت السلطات إنه سيتم منع الكلاب الضالة من الوجود على الأرصفة، والمرافق الصحية والتعليمية، والمطارات، ودور العبادة، والمتنزهات، وذلك بهدف منع انتشار الآفات والتلوث البيئي.

ولم يتم تقديم أي تفاصيل حول العقوبات المحتملة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وتهدف الإجراءات الجديدة أيضاً إلى تسريع عملية الإمساك بالكلاب التي لا مالك لها وتعقيمها، وإيوائها في ملاجئ الحيوانات. وستكون البلديات مسؤولة عن تنفيذ القواعد الجديدة.

وأصبحت هذه القضية محل جدل كبيراً منذ صدور قانون العام الماضي، يسمح في حالات معينة بإعدام الكلاب الضالة. ويمكن الآن إلزام البلديات بإمساك الحيوانات الضالة وإيوائها في ملاجئ خاصة.

وتقوم هذه الملاجئ بالبحث عن مالكين جدد للاعتناء بهذه الحيوانات.