مصادر كردية: أوباما طلب من بارزاني إعطاء العبادي فرصة قبل إعلان الاستقلال

المستشار الإعلامي في مكتب رئيس الإقليم يرى أن العراق «مقسم فعلاً»

رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان لدى استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في بودابست أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان لدى استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في بودابست أمس (أ.ف.ب)
TT

مصادر كردية: أوباما طلب من بارزاني إعطاء العبادي فرصة قبل إعلان الاستقلال

رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان لدى استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في بودابست أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان لدى استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في بودابست أمس (أ.ف.ب)

احتل موضوع مستقبل الأكراد في مرحلة ما بعد تنظيم داعش في العراق، جانبا من لقاءات رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني مع الإدارة الأميركية، وعلى رأسها الرئيس باراك أوباما، الأسبوع الماضي، لكن رئيس الإقليم لم يتحدث عن تفاصيل مباحثاته في هذا الإطار واكتفى بالقول إن اللقاء كان ناجحا جدا، وإن الإدارة الأميركية تؤيد طموحات الشعب الكردي.
غير أن شبكة «روداو» الإعلامية الكردية القريبة من مركز القرار في إقليم كردستان، نقلت عن أحد الحاضرين في الاجتماع بين بارزاني وأوباما تفاصيل مهمة عما جرى بحثه. وحسب المصدر، الذي لم تسمه الشبكة، فإن بارزاني قال للرئيس الأميركي: «سنعلن الدولة المستقلة»، فرد أوباما قائلا: «أنا أتفهم طموحات الشعب الكردي جيدا، لكن امنحوا فرصة لرئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي». وحسب المصدر، كان جواب بارزاني: «ستكون هذه الفرصة الأخيرة التي نمنحها للعراق».
وكشف مسؤول أميركي للشبكة عن المزيد من تفاصيل الاجتماع، قائلا إن «البيت الأبيض أبلغ بارزاني عدم ممانعتهم لإعلان الكرد دولتهم»، كما أن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، زار أربيل وقال لبارزاني: «الولايات المتحدة ليس لديها أي مشكلة مع استقلال كردستان. لكن هل الوقت مناسب لذلك؟». وأوضح المسؤول الدبلوماسي الأميركي أنها «المرة الأولى التي تتحدث فيها الولايات المتحدة مع الكرد حول الدولة الكردية بصراحة».
في غضون ذلك، قال بارزاني، أمس، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الهنغاري، فيكتور أوربان، في بودابست التي يزورها خلال جولته الأوروبية، إن «إقليم كردستان يحترم الاتفاق الموقع مع بغداد، ونحن ملتزمون ببنود الاتفاق بشكل كامل، لكن في المقابل على الحكومة الاتحادية الالتزام بالاتفاق، وفي حال عدم التزام الآخر وإرسال حصة الإقليم من الموازنة، سيضطر الإقليم إلى بيع النفط بشكل مستقل، لتسديد ديونه المتراكمة».
من جانبه، قال رئيس الوزراء الهنغاري، إن بلاده قدمت المساعدات العسكرية لإقليم كردستان في الحرب ضد «داعش»، مبينا أن بودابست أرسلت أكثر من مائة مدرب عسكري إلى إقليم كردستان لتدريب قوات البيشمركة، مؤكدا على إن الإقليم يمثل أمن المنطقة، وجدد دعم بلاده لكردستان.
في السياق ذاته، قال كفاح محمود، المستشار الإعلامي في مكتب رئيس الإقليم، لـ«الشرق الأوسط»، إن «رئيس الإقليم قال بصراحة من واشنطن إن الإدارة الأميركية تتفهم بشكل جيد طموح شعب كردستان، بل تتضامن معها. في المقابل أكدت الولايات المتحدة حرصها على وحدة العراق، لكن للأسف الشديد واقع الحال في العراق يقول شيئا آخر، فالعراق الآن مقسم فعلا إلى ثلاثة أقسام، فغرب البلاد خاضع لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي، أما الوسط والجنوب فهما خاضعان للأحزاب السياسية الشيعية، وإقليم كردستان في شماله، لذلك هناك تركيز من قبل واشنطن على التعاون مع رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، لإنجاز مهمته في إشراك المكونات إشراكا حقيقيا وفعليا لكي يتم الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية».
بدوره، قال النائب الكردي السابق في مجلس النواب العراقي، شوان محمد طه، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مجموعة من الأسباب تؤدي إلى عدم بقاء العراق موحدا، منها تهميش السنة واستهداف إقليم كردستان، وكذلك سوء الإدارة إلى جانب تسييس الجيش الذي أدى إلى مشكلات سياسية مستعصية»، مضيفا أن «الفكر السياسي الطائفي العقائدي هو الذي يقسم العراق». وأكد أن «هناك ضغطا من قبل الإرادة الجماهيرية لشعب كردستان على القيادة الكردية من أجل إيجاد حل للعلاقات مع بغداد، فالشعب الكردي غير مستعد للتراجع عن الديمقراطية والتراجع عن الإنجازات التي حققها خلال السنوات الماضية، لكن الحكومة العراقية في تراجع مستمر، وهذا التراجع يدفع بالقيادة السياسية الكردية إلى التفكير في خيارات أخرى»، مشيرا إلى أن حكومة العبادي تواجه ضغوطات من الأطراف الشيعية تثنية عن الالتزام بالمبادئ والاتفاقيات التي تأسست عليها، وفي هذا المجال تمثل قوات الحشد الشعبي سيفا على رقبة حكومة العبادي وهي تشكل تهديدا لحكومته».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.