واشنطن تعاقب كبرى شركات تعدين الألماس في روسيا وأوروبا تتبنى عقوبات جديدة عليها

استهدفت المملكة المتحدة بعقوباتها أمس ابنة وزير الخارجية سيرغي لافروف مؤكدة أنها تريد الاقتصاص « من نمط الحياة الباذخ للأوساط المقربة من الكرملين » ( رويترز)
استهدفت المملكة المتحدة بعقوباتها أمس ابنة وزير الخارجية سيرغي لافروف مؤكدة أنها تريد الاقتصاص « من نمط الحياة الباذخ للأوساط المقربة من الكرملين » ( رويترز)
TT

واشنطن تعاقب كبرى شركات تعدين الألماس في روسيا وأوروبا تتبنى عقوبات جديدة عليها

استهدفت المملكة المتحدة بعقوباتها أمس ابنة وزير الخارجية سيرغي لافروف مؤكدة أنها تريد الاقتصاص « من نمط الحياة الباذخ للأوساط المقربة من الكرملين » ( رويترز)
استهدفت المملكة المتحدة بعقوباتها أمس ابنة وزير الخارجية سيرغي لافروف مؤكدة أنها تريد الاقتصاص « من نمط الحياة الباذخ للأوساط المقربة من الكرملين » ( رويترز)

وسعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن نطاق عقوباتها على موسكو لتطال شركة «الروسا» لمناجم الألماس التي تملكها الدولة الروسية، ما سيؤدي إلى قطع نحو 30 في المائة من إمدادات العالم من هذه الأحجار الكريمة، بالإضافة إلى إعادة فرض العقوبات على الشركة المعنية ببناء السفن الحربية الروسية، فيما تبنى الاتحاد الأوروبي أمس (الجمعة)، رسمياً خامس حزمة من العقوبات على روسيا منذ بداية الحرب يوم 24 فبراير (شباط)، شملت حظر واردات الفحم والخشب والكيماويات ومنتجات أخرى. وبموجب القرار الذي اتخذه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية «أوفاك»، يتعين وقف كل التعاملات مع كبرى شركات التعدين في العالم بحلول 7 مايو (أيار) المقبل. والشركة مسؤولة عن 90 في المائة من قدرة تعدين الألماس في روسيا. وكذلك أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها أعادت العقوبات على شركة المساهمة المتحدة لبناء السفن والشركات التابعة لها وأعضاء مجلس إدارتها، علماً بأنها مملوكة للدولة الروسية أيضاً. وربطت إدارة بايدن هذه الإجراءات «بقطع مصادر إضافية للدعم والإيرادات عن الحكومة الروسية لشن حربها غير المبررة ضد أوكرانيا». وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية براين نيلسون: «ستستمر هذه العقوبات في ممارسة الضغط على الكيانات الرئيسية التي تمكن وتمول حرب روسيا غير المبررة ضد أوكرانيا». وأضاف: «تعكس هذه الإجراءات، التي اتخذت مع وزارة الخارجية وبالتنسيق مع حلفائنا وشركائنا، جهودنا المستمرة لتقييد وصول الكرملين إلى الأصول والموارد وقطاعات الاقتصاد الضرورية لتزويد وتمويل وحشية (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين». وتمثل «الروسا» 28 في المائة من تعدين الماس العالمي. وعام 2021، حققت إيرادات تزيد على 4.2 مليار دولار. والألماس أحد أكبر 10 صادرات لروسيا من غير الطاقة من حيث القيمة، إذ بلغ إجمالي الصادرات لعام 2021 أكثر من 4.5 مليار دولار. وفرضت عقوبات على «الروسا» أيضاً من قبل كندا والمملكة المتحدة ونيوزيلندا وجزر الباهاما. وفي موازاة ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها أعادت فرض عقوبات على شركة بناء السفن المتحدة المسؤولة عن تطوير وبناء السفن الحربية التابعة للبحرية الروسية. وحددت 28 شركة فرعية تابعة و8 أعضاء في مجلس الإدارة وضعوا على لوائح العقوبات. وأكدت وزارة الخارجية الأميركية أن «أفعالنا، جنباً إلى جنب مع الإجراءات التي اتخذناها منذ بداية حرب الرئيس بوتين الوحشية وغير المبررة في أوكرانيا، مصممة لتعزيز بعضها وتكثيفها بمرور الوقت». وقالت: «إننا نظل ملتزمين سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها»، مع التنديد بـ«الفظائع التي ترتكبها روسيا واستخفافها بالحياة». وأضافت: «نؤيد المساءلة عن أخطاء الكرملين في هذه الحرب التي اختارها. طالما يواصل الكرملين هجومه الوحشي على أوكرانيا وشعبها، فإننا نقف متحدين مع حلفائنا وشركائنا في فرض تكاليف إضافية على روسيا».
كما تبنى الاتحاد الأوروبي أمس (الجمعة) رسمياً خامس حزمة من العقوبات على روسيا منذ غزو أوكرانيا يوم 24 فبراير، شملت حظر واردات الفحم والخشب والكيماويات ومنتجات أخرى. وتمنع الإجراءات أيضاً كثيراً من السفن والشاحنات الروسية من دخول الاتحاد الأوروبي، ما يزيد من تقويض التجارة، كما ستحظر جميع المعاملات مع أربعة بنوك روسية من بينها «في تي بي»، وسيسري الحظر على واردات الفحم كاملاً ابتداء من الأسبوع الثاني من أغسطس (آب). ولن يتم توقيع عقود جديدة ابتداء من أمس (الجمعة) عندما تُنشر العقوبات في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي. ويجب إنهاء العقود القائمة بحلول الأسبوع الثاني من أغسطس، الأمر الذي يعني أن روسيا ستظل تحصل على مدفوعات عن صادراتها من الفحم إلى الاتحاد الأوروبي حتى ذلك الوقت.
كما جمّد الاتحاد الأوروبي أصول أفراد وشركات روسية وبيلاروسية بقيمة تقرب من 30 مليار يورو في إطار العقوبات المفروضة، حسبما أكد التكتل الجمعة. وقالت المفوضية الأوروبية في بيان، إن ما مجموعه 29.5 مليار يورو (32 مليار دولار) «تشمل أصولاً مثل سفن ومروحيات وعقارات وقطع فنية» صودرت، فيما تم حظر 196 مليار يورو من التعاملات.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان: «تم إقرار هذه العقوبات الأحدث عقب الأعمال الوحشية التي ارتكبتها القوات المسلحة الروسية في بوتشا وأماكن أخرى تحت الاحتلال الروسي» بأوكرانيا. وقال الكرملين إن المزاعم الغربية عن ارتكاب القوات الروسية جرائم حرب بإعدام مدنيين في بلدة بوتشا «تزوير شنيع» الهدف منه تشويه سمعة الجيش الروسي. وتقدر المفوضية الأوروبية المبالغ التي ستخسرها روسيا نتيجة حظر واردات الفحم وحدها بثمانية مليارات يورو في السنة، وهي ضعف ما صرحت به رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين يوم الثلاثاء. وبالإضافة إلى الفحم، تحظر العقوبات الجديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي واردات كثير من السلع الروسية الأخرى من بينها الأخشاب والمطاط والإسمنت والأسمدة والمأكولات البحرية غالية الثمن مثل الكافيار، والمشروبات الروحية مثل الفودكا، وتقدر قيمتها الإجمالية بخمسة مليارات ونصف المليار يورو (5.9 مليار دولار) في السنة. كما فرض التكتل حظراً على تصدير عدد من المنتجات إلى روسيا من بينها وقود الطائرات وأجهزة الكومبيوتر الكمية وأشباه الموصلات المتقدمة والإلكترونيات المتطورة والبرمجيات والآلات الدقيقة ومعدات النقل، وتبلغ قيمتها الإجمالية عشرة مليارات يورو في السنة. وتحظر العقوبات أيضاً على الشركات الروسية المشاركة في المشتريات العامة في الاتحاد الأوروبي، كما توسع الحظر على استخدام العملات المشفرة التي تعد وسائل محتملة للتحايل على العقوبات. وقالت المفوضية الأوروبية إن 217 شخصاً آخرين أضيفوا إلى القائمة السوداء للاتحاد الأوروبي في إطار حزمة العقوبات الجديدة، وهو ما يعني تجميد أرصدتهم في الاتحاد الأوروبي، كما سيحظر عليهم السفر في التكتل. ومعظم هؤلاء الأشخاص قيادات سياسية في منطقتي لوغانسك ودونيتسك اللتين يسيطر عليهما المتمردون في أوكرانيا، لكن العقوبات استهدفت أيضاً رجال أعمال وسياسيين وقادة عسكريين بارزين مقربين من الكرملين. وبذلك يقترب عدد الأشخاص الذين فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليهم إلى 900 منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا الذي تصفه موسكو بأنه «عملية خاصة» لنزع سلاح جارتها واستئصال النازية فيها.
من جانبها، فرضت المملكة المتحدة هي الأخرى أمس (الجمعة)، عقوبات على ابنتي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وابنة وزير الخارجية سيرغي لافروف على خلفية غزو أوكرانيا، مؤكدة أنها تريد الاقتصاص «من نمط الحياة الباذخ للأوساط المقربة من الكرملين». وجاء في بيان للخارجية البريطانية أنه بموجب القرار، تمنع كاتيرينا تيخونوفا وماريا فورونتسوفا ابنتا بوتين من زوجته السابقة لودميلا، فضلاً عن إيكاتيرينا فينوكوروفا ابنة لافروف، من دخول الأراضي البريطانية مع تجميد أصولهن المحتملة فيها. وأتت العقوبات الجديدة إثر خطوات مماثلة للولايات المتحدة استهدفت النساء الثلاث. وقالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس إنه «في إطار مجموعة السبع، نعمل مع الشركاء لوقف استخدام الطاقة الروسية ولتسديد ضربة إضافية لقدرة بوتين على تمويل غزوه غير القانوني وغير المبرر لأوكرانيا».
وأضافت: «معاً، نشدد الخناق على آلة الحرب الروسية ونقطع مصادر أموال بوتين». فرضت المملكة المتحدة عقوبات على أكثر من 1200 من الأفراد والشركات، بينهم 76 أوليغارشياً، منذ بدء الهجوم الروسي في فبراير.
وقررت اليابان طرد ثمانية من الدبلوماسيين الروس أمس (الجمعة)، قائلة إن ذلك جاء رداً على تصرفات روسيا في أوكرانيا التي شملت قتل مدنيين. وقال مسؤولون بوزارة الخارجية اليابانية إن الدبلوماسيين الثمانية بينهم عدة مسؤولين تجاريين، لكن السفير ميخائيل جالوزين ليس منهم. كما أمرت مونتينيغرو بطرد أربعة دبلوماسيين روس، حسبما أعلنت وزارة الخارجية الخميس، مشيرة إلى «انتهاك أعراف دبلوماسية». وقالت الوزارة في بيان، إنه يتعين على الدبلوماسيين مغادرة الدولة الصغيرة الواقعة بمنطقة البلقان، في غضون أسبوع. وذكرت صحيفة «بوبييدا» أن قرار طردهم جاء بسبب «أنشطتهم التخريبية»، ونقلت عن مصدر حكومي قوله إن «خطاً أحمر تم تجاوزه».



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟