حزمة عقوبات غربية تفاقم «عزلة» روسيا

طالت ابنتي بوتين وكبرى المؤسسات المالية... و «الناتو » يرجّح استمرار الحرب «أشهراً حتى سنوات »

ينس ستولتنبرغ يخاطب الصحافيين قبل عقد اجتماع الناتو في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
ينس ستولتنبرغ يخاطب الصحافيين قبل عقد اجتماع الناتو في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
TT

حزمة عقوبات غربية تفاقم «عزلة» روسيا

ينس ستولتنبرغ يخاطب الصحافيين قبل عقد اجتماع الناتو في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
ينس ستولتنبرغ يخاطب الصحافيين قبل عقد اجتماع الناتو في بروكسل أمس (إ.ب.أ)

فرضت واشنطن ولندن، أمس (الأربعاء)، حزمة عقوبات جديدة على روسيا، رداً على الحرب المستمرة في أوكرانيا.
وأعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن جولة جديدة من العقوبات استهدفت للمرة الأولى ابنتي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (ماريا 36 عاماً، وكاترينا 35 عاماً)، وعدداً من المسؤولين الروس وعائلاتهم، شملت زوجة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وابنته، والرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيدف، ورئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين، وعدداً من المؤسسات المالية والشركات المملوكة للدولة.
وشملت العقوبات مصرف «سبيربنك» أحد أكبر مصارف روسيا، وبنك «ألفا» أحد أكبر مصارف الإقراض الخاص في روسيا ورابع أكبر مؤسسة مالية روسية، كما فرضت حظراً على الاستثمارات الجديدة في روسيا بموجب أمر تنفيذي وقّعه الرئيس جو بايدن، يتضمن حظراً على الاستثمارات الجديدة في روسيا من قبل الأميركيين، بما يهدد بمفاقمة عزلة روسيا عن الاقتصاد العالمي.
وعقب الإعلان عن العقوبات، نشر بايدن تغريدة عبر حسابه على «تويتر»، يقول: «لقد أوضحت أن روسيا ستدفع ثمناً فادحاً وفورياً للفظائع في بوتشا عبر حزمة من العقوبات الجديدة المدمرة والمنسقة مع الحلفاء والشركاء». وقال البيت الأبيض، في بيان، إن «الولايات المتحدة بالتنسيق مع مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبية مستمرة في فرض تكلفة اقتصادية فادحة على نظام بوتين لفظائعه في أوكرانيا، بما في ذلك بوتشا». وأشار البيان إلى توقعات بانكماش الناتج المحلي الإجمالي لروسيا، بما يصل إلى 15 في المائة هذا العام، إضافة إلى مغادرة أكثر من 600 شركة من القطاع الخاص السوق الروسية، وتعطل سلاسل التوريد بشدة. وأوضح بيان البيت الأبيض أن القيود الاقتصادية والعقوبات الواسعة ترجّح فقدان روسيا مكانتها كاقتصاد رئيسي. وقال البيان إن هذه القيود ستقلص «الموارد اللازمة لتمويل آلة بوتين الحربية».«سبيربنك» في مرمى العقوباتبدورها، شددت بريطانيا أمس عقوباتها على موسكو بسبب غزوها أوكرانيا، وحظرت أي استثمار بريطاني في روسيا، مستهدفة قطاعي المصارف والطاقة، إضافة إلى المتمولين. ونصّت الإجراءات الجديدة التي أعلنت في بيان لوزارة الخارجية على «تجميد تام للأصول» العائدة إلى المصرف الروسي الأكبر «سبيربنك»، ووقف واردات الفحم الروسي حتى نهاية العام، فضلاً عن تدابير بحق 8 رجال أعمال، بينهم الملياردير ليونيد ميخلسون الذي يدير مجموعة نوفاتيك للغاز.
وتأتي العقوبات على «سبيربنك» في أعقاب قرار اتخذته الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بمنع البنوك الأميركية من العمل كبنوك مراسلة لها، ومنعها من الوصول إلى الدولار الأميركي. وقال مسؤولون أميركيون إن العقوبات الجديدة ستمنع أي مواطن أو كيان أميركي من الدخول في أي معاملات مع البنك الروسي. وقال مسؤول كبير للصحافيين، أمس، إن «الوحشية المثيرة للاشمئزاز في بوتشا أوضحت بشكل مأساوي الطبيعة الدنيئة لنظام بوتين. واليوم، بالتوافق مع حلفاء وشركاء مجموعة الدول السبع الكبرى، نقوم بتكثيف أشد العقوبات التي فُرضت على اقتصاد كبير، مثل الاقتصاد الروسي». وأضاف: «فرضنا عقوبات على ابنتي بوتين البالغتين، وزوجة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وابنته وأعضاء مجلس الأمن الروسي». ولفت المسؤول إلى أن الولايات المتحدة أوقفت بالكامل أكثر من ثلثي القطاع المصرفي الروسي، الذي كان يمتلك أصولاً بنحو 1.4 تريليون دولار قبل اندلاع الحرب في 24 فبراير (شباط).
وأقرّ المسؤول الكبير بالبيت الأبيض بأن مزيداً من العقوبات ضد روسيا لن تغير سلوك بوتين «بين عشية وضحاها»، وقال: «لا نتوقع أن يحدث تحول في السلوك ناجماً عن العقوبات بين عشية وضحاها أو خلال أسبوع. سيستغرق الأمر وقتاً لاستهداف عناصر القوة داخل الاقتصاد الروسي، وضرب قاعدتهم الصناعية بشدة، وضرب مصادر العائدات التي دعمت هذه الحرب، ودعمت نظام الكليبتوقراطية في روسيا».
من جهتها، أعلنت وزارة العدل الأميركية أمس عن إجراءات جديدة لتعطيل وملاحقة النشاط الإجرامي الروسي. ووجّهت اتهامات إلى الأوليغارشية الروسية بانتهاك العقوبات وارتكاب جرائم إلكترونية. واتهم ميريك غارلاند وزير العدل الأميركي جهات روسية تعمل لصالح وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية بمحاولة تعطيل شبكات كومبيوتر عالمية. كما اتهم مسؤولو وزارة العدل الملياردير الروسي كونستانتين مالوفييف بمحاولة التهرب من عقوبات سابقة من خلال السعي للاستحواذ سراً على مؤسسات إعلامية في جميع أنحاء أوروبا. وقال غارلاند للصحافيين: «ستواصل وزارة العدل استخدام جميع سلطاتها لمحاسبة الأوليغارشيين الروس وغيرهم ممن يسعون للتهرب من العقوبات الأميركية».
حرب طويلةفي سياق متصل، حذّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، أمس، من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يتخلَ عن رغبته في السيطرة على كامل أوكرانيا، مرجّحاً أن تستمر الحرب «لأشهر حتى سنوات».
وقال ستولتنبرغ، قبل اجتماع وزراء خارجية الحلف: «علينا أن نكون واقعيين. قد تستمر الحرب لفترة طويلة، لأشهر حتى لسنوات. لذلك علينا أن نكون مستعدين لمسار طويل، من حيث تقديم الدعم لأوكرانيا والاستمرار في العقوبات وتعزيز دفاعاتنا». وأضاف: «لم نرَ أي مؤشر يدلّ على أن بوتين غيّر هدفه بالسيطرة على كل أوكرانيا»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.
إلى ذلك، أوضح ستولتنبرغ أن «أوكرانيا بحاجة ماسّة إلى دعم عسكري. ولهذا من المهم جداً أن يوافق الحلفاء في الناتو على مواصلة دعم أوكرانيا بأنواع كثيرة من التجهيزات العسكرية، سواء أكانت معدات ثقيلة أو أنظمة أسلحة خفيفة»، معتبراً أن المساعدة المقدمة كان لها «تأثير حقيقي». وأضاف: «مهما كان موعد انتهاء الحرب، ستكون لها تداعيات بعيدة المدى على أمننا. لأننا شاهدنا الهمجية. لقد رأينا استعداد الرئيس بوتين لاستخدام القوة العسكرية لتحقيق أهدافه. وهذا ما يغير واقع الأمن في أوروبا لسنوات كثيرة». وقال: «لقد طلبنا من القادة العسكريين تقديم خيارات للقادة السياسيين حتى يتمكنوا من اتخاذ قرارات لإعادة ضبط قدرة الدفاع والردع للتحالف».
وستتم مناقشة هذه الخيارات في قمة الحلف المقررة يومي 29 و30 يونيو (حزيران) بمدريد.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».