إيران توسع انتشار ميليشياتها وسلاحها في سوريا

حاجر عسكري لـ«الفرقة الرابعة» في قوات النظام السوري غرب دير الزور شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
حاجر عسكري لـ«الفرقة الرابعة» في قوات النظام السوري غرب دير الزور شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT
20

إيران توسع انتشار ميليشياتها وسلاحها في سوريا

حاجر عسكري لـ«الفرقة الرابعة» في قوات النظام السوري غرب دير الزور شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
حاجر عسكري لـ«الفرقة الرابعة» في قوات النظام السوري غرب دير الزور شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

تسارع إيران إلى تعزيز دورها في سوريا، والتوسع في بسط نفوذها على أكبر مساحة من الجغرافيا السورية في وسط وشرق وشمال البلاد، عبر نشر أعداد كبيرة من عناصر الميليشيات المحلية والأجنبية الموالية لها، وآليات عسكرية بينها منصات صواريخ وطائرات مسيرة ومقرات قيادية يديرها ضباط من «الحرس» الإيراني، في ظل انشغال روسيا في حربها ضد أوكرانيا، والتي حددت على مدار السنوات الأخيرة الماضية دور إيران ونفوذها في سوريا بعد تزايد الغارات الجوية الإسرائيلية واستهدافها مواقع عسكرية إيرانية.
وفي تكتيك عسكري إيراني جديد، يهدف إلى بسط نفوذ إيران على أكبر مساحة من الأراضي السورية، عزز «الحرس الثوري» مؤخراً، وميليشيات موالية لإيران، بينها «حزب الله» اللبناني، وميليشيات «لواء فاطميون» الأفغاني، إضافة إلى «حركة النجباء» وميليشيات «عصائب أهل الحق» العراقيتين، و«لواء الباقر» السوري، تواجدهم في نحو 120 موقعاً ومقراً عسكرياً في مناطق ريف حمص الشرقي وبادية حماة وبادية الرقة ودير الزور ومحافظة حلب، وعززت هذه المواقع بنحو 4500 عنصر من الميليشيات الموالية لها، وبأعداد من منصات الصواريخ والأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة وأجهزة اتصالات، واستولت مؤخراً على مستودعات «مهين» الاستراتيجية شرقي حمص عقب توسع نفوذها في مطار النيرب العسكري في محافظة حلب على حساب القوات الروسية وقوات النظام، وأنشأت معسكرات لتدريب المتطوعين في صفوف الميليشيات الموالية لها من السوريين.
البداية
في بادية حمص وشرقي حماة، قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إنه «جرى اتفاق مطلع العام الحالي 2022. بين قادة عسكريين في الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، وقياديين من الحرس الثوري الإيراني، على إنشاء نحو 11 مقراً قيادياً، يترأسها ضباط وخبراء عسكريون من الطرفين، في مناطق حسياء وتدمر ومهين والقريتين والسخنة والكم والطيبة، شرقي حمص، ومناطق سلمية والسعن وأثريا والشيخ هلال، شرقي حماة».
وأضافت المصادر أنه «عقب الاتفاق وإنشاء المقرات القيادية في شرقي حمص وحماة، بدأت الميليشيات الموالية لإيران، ومنها (لواء فاطميون) الأفغاني، و(حركة النجباء) و(عصائب أهل الحق) العراقيتين، و(حزب الله) اللبناني، وقوات تابعة للفرقة الرابعة في قوات النظام السوري، بالانتشار في المناطق الممتدة من منطقة حسياء جنوب شرقي حمص، مروراً بمناطق مهين والقريتين وتدمر والسخنة، وصولاً إلى مناطق جب الجراح في ريف حمص ومناطق السلمية وأثريا والشيخ هلال شرقي حماة». ولفتت إلى «تزامن انتشار الميليشيات الموالية لإيران والفرقة الرابعة مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية، وبدء انسحاب القوات الروسية من بعض المواقع العسكرية في شرقي حمص، وانسحابها مؤخراً من مستودعات مهين وتسليمها للحرس الثوري الإيراني، و(حزب الله) اللبناني، اللذان قاما بتعزيزها بأعداد كبيرة من عناصرهما وبآليات متوسطة وثقيلة وأجهزة اتصالات ومنظومات استطلاع إيرانية الصنع، كما جرى تعزيز مواقع عسكرية دفاعية تابعة للفرقة الرابعة بصواريخ (كورنيت) مضادة للآليات في محيط منطقة السخنة شرقي تدمر، ومناطق الكوم والطيبة».
وفي محافظة حلب، قال نشطاء إن «الميليشيات الإيرانية تسلمت خلال الأيام الأخيرة الماضية أجزاء جديدة داخل مطار النيرب العسكري في محيط مدينة حلب من الجهة الشرقية، وأجبرت أصحاب نحو 32 منزلاً محاذياً للمطار على إخلاء منازلهم لأسباب أمنية، عقب جولة قام بها ضباط إيرانيون وآخرون من قوات النظام، وذلك بعد إخضاع نحو 38 موقعاً ومنطقة في محافظة حلب خاضعة بشكل كامل للنفوذ الإيراني، وبينها مخيم النيرب وكرم الطراب، واستحداث مقرات عسكرية إيرانية على طريق حلب - دير حافر، ومناطق الكابلات ومعمل الجرارات (فرات)، ورحبة صيانة الدبابات ومعمل السيراميك من الجهة الجنوبية الشرقية لحلب، ومقرات في كرم الوقاف والعزيزية، ومنطقة الراموسة ومعمل الإسمنت وعين العصافير وكلية المدفعية في منطقة الراموسة، ومناطق الأنصاري وخان طومان والسفيرة وطريق خناصر ومناطق الوضيحي، ومستودعات الذهيبية جنوب شرقي حلب. هذا بالإضافة إلى قواعد الوضيحي وجبل عزان، ومناطق الحاضر ومسكنة وطريق خناصر - أثريا، وتلة الشيخ يوسف والشيخ نجار، ومخيم حندرات شمال شرقي حلب، ومقرات عسكرية في مناطق نبل والزهراء ومعارة الأرتيق والليرمون شمال غربي حلب. وينتشر في تلك المناطق أعداد كبيرة من ميليشيات (لواء القدس) الفلسطيني، و(لواء فاطميون) الأفغاني، و(لواء الباقر) و(حزب الله السوري)، ومجموعات من (الحرس الثوري) الإيراني».
وسحبت إيران في 27 مارس (آذار) 10 طائرات إيرانية مسيرة من نوع «مهاجر» من مستودعاتها في مدينة تدمر شرقي حمص، إلى معسكر خاص بالطائرات المسيرة تم إنشاؤه مؤخراً في منطقة التبني جنوب غربي دير الزور، وأنشأت عقب ذلك مشروعاً تدريبياً على تلك الطائرات، ترافق مع فرض طوق أمني حول المنطقة.
وقال مصدر في محافظة حمص إن إيران و«حزب الله» اللبناني باتا يسيطران على كامل المساحة الممتدة من مناطق في جبال القلمون وعرسال السورية المحاذية للحدود اللبنانية لجهة مناطق بعلبك وعرسال اللبنانية، مروراً بمناطق دير عطية والنبك في ريف دمشق، ومناطق حسياء والقريتين ومهين وتدمر والسخنة شرقي حمص، وصولاً إلى مناطق حماة وخناصر ومطار النيرب شرقي حلب، أي بمسافة تتجاوز 300 كيلومتر وبعرض بنحو 120 كلم في عمق البادية السورية التي تصل محافظات حماة وحمص ودير الزور والرقة ومناطق شرقي حلب، وصولاً إلى الحدود اللبنانية».
ميليشيات جديدة
وقال نشطاء سوريون إن «الحرس الثوري الإيراني شكل مؤخراً ميليشيا جديدة باسم (فجر الإسلام) بقيادة ضباط إيرانيين، واعتمد في تشكيلها على عناصر النخبة من (لواء فاطميون) الأفغاني و(حركة النجباء) العراقية و(حزب الله) اللبناني، بالإضافة إلى مجموعات من العلويين الموالين لإيران وشبان شيعة سوريين»، مهمتها حراسة المستودعات العسكرية الإيرانية في كل من حماة وحمص وحلب ودير الزور وتدمر والسخنة شرقي حمص.
وقالت مصادر في منطقة اللاذقية في الساحل السوري غربي البلاد، إن «وفداً إيرانياً ضم خبراء عسكريين وخبراء في الاقتصاد زار منتصف شهر مارس (آذار) الماضي مدن اللاذقية وطرطوس الواقعتين على البحر المتوسط غربي سوريا، والتقى ضباطاً في قوات النظام ومسؤولين حكوميين، وزار ميناء اللاذقية ومناطق أخرى في مدينتي اللاذقية وطرطوس». وأشارت المصادر إلى أن «زيارة الوفد العسكري والاقتصادي الإيراني إلى مدن اللاذقية وطرطوس تهدف إلى إنشاء مشاريع اقتصادية واستثمارية إيرانية، بينها معامل للأخشاب والعصائر الطبيعية، وتأمين مستودعات داخل ميناء اللاذقية لتبرير عودة إيران إلى الميناء وإيجاد موطئ قدم لها مجدداً، واستخدامه لنقل المعدات العسكرية واللوجيستية من إيران إلى سوريا ولبنان بحراً، بعد أن فرضت روسيا سيطرتها على الميناء في منتصف شهر يناير (كانون الثاني) الماضي وأخرجت القوات الإيرانية منه، وسيرت دوريات للشرطة العسكرية الروسية في داخل الميناء بشكل دوري، وذلك إثر غارات جوية إسرائيلية وقعت في7 و28 من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، استهدفت حينها شحنات أسلحة إيرانية مخزّنة في ساحة الحاويات داخل الميناء».



تحذير دولي من خطر تدنّي تمويل الاستجابة الإنسانية في اليمن

المنظمات الإغاثية تواجه طلبات زائدة للمساعدات في مواقع النزوح (الأمم المتحدة)
المنظمات الإغاثية تواجه طلبات زائدة للمساعدات في مواقع النزوح (الأمم المتحدة)
TT
20

تحذير دولي من خطر تدنّي تمويل الاستجابة الإنسانية في اليمن

المنظمات الإغاثية تواجه طلبات زائدة للمساعدات في مواقع النزوح (الأمم المتحدة)
المنظمات الإغاثية تواجه طلبات زائدة للمساعدات في مواقع النزوح (الأمم المتحدة)

كشفت بيانات قطاع الإغاثة في اليمن عن أن هذا البلد الذي أنهى عشر سنوات من الحرب الأهلية التي أشعلها الحوثيون سيواجه تحديات غير مسبوقة خلال هذا العام مع إيقاف الولايات المتحدة مساعداتها التي كانت تشكل نصف التمويل للمساعدات الإنسانية.

وبحسب تقرير حديث للجنة الإنقاذ الدولية، لم يزد إجمالي تمويلات هذا العام حتى الشهر الماضي عن 5 في المائة من إجمالي 2.47 مليار دولار مطلوبة لتغطية خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن.

وحذرت اللجنة الدولية من أن الفجوة الزائدة بين الاحتياجات الإنسانية الزائدة والتمويل اللازم لتخفيفها قد تُعرّض ملايين اليمنيين للخطر، مما يؤدي إلى حرمانهم من الغذاء والرعاية الصحية وخدمات الحماية، وأكدت أن الاحتياجات الإنسانية مستمرة في الارتفاع.

وفي حين يُقدّر أن 19.5 مليون شخص سيحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية خلال هذا العام - بزيادة قدرها 7 في المائة تقريباً مقارنة بعام 2024 - تؤكد اللجنة، وهي من كبرى المنظمات الإغاثية العاملة، أن أكثر من 83 في المائة من السكان في جميع أنحاء البلاد يعيشون الآن في فقر.

رغم الأوضاع الإنسانية السيئة يصل آلاف المهاجرين شهرياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)
رغم الأوضاع الإنسانية السيئة يصل آلاف المهاجرين شهرياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

ومع وجود أكثر من 4.5 مليون شخص نازح داخلياً، معظمهم قد نزح عدة مرات خلال العقد الماضي، تشهد فرق لجنة الإنقاذ الدولية طلباً زائداً على المساعدات في مواقع النزوح، حيث تواجه الأسر صعوبة في الحصول على الغذاء والرعاية الصحية والمياه النظيفة، في وقت لا تزال فيه معدلات سوء التغذية من بين أعلى المعدلات في العالم.

ونبهت المنظمة إلى أن هذه الأرقام تعكس الخسائر المتراكمة لأزمة تفاقمت عاماً بعد عام، تاركة الأسر بموارد وخدمات أقل، ودون بدائل آمنة.

نقص حاد

جزمت لجنة الإنقاذ الدولية أنه على الرغم من هذه الاحتياجات الزائدة، لا تزال الاستجابة الإنسانية في اليمن تعاني من نقص حاد في التمويل، حيث تسعى خطة الاحتياجات والاستجابة الإنسانية للعام الحالي إلى جمع 2.47 مليار دولار للوصول إلى 10.5 مليون شخص، ولكن حتى شهر مارس (آذار) الماضي، لم يتم تمويلها سوى بنسبة 5 في المائة.

وبالمقارنة مع عام 2024، فقد تلقت خطة الاستجابة الإنسانية ما يزيد قليلاً على نصف المبلغ المطلوب، مما أجبر وكالات الإغاثة على تقليص الدعم الأساسي، مثل توزيع الأغذية، والحد من الوصول إلى المياه النظيفة وغيرها من الخدمات.

ملايين اليمنيين سيحرمون من الغذاء والرعاية الصحية (الأمم المتحدة)
ملايين اليمنيين سيحرمون من الغذاء والرعاية الصحية (الأمم المتحدة)

لكن التخفيضات المتوقعة في مساهمات الولايات المتحدة، التي شكلت أكثر من نصف إجمالي التمويل الإنساني لليمن خلال العام الماضي، تهدد بتوسيع هذه الفجوة بشكل أكبر، مما يعرض الملايين لخطر الجوع والمرض ومزيد من النزوح، وفق ما ذكره التقرير الدولي.

وبالنسبة للعائلات التي عانت سنوات من النزوح وانعدام الأمن، كانت المساعدات الإنسانية حاسمة للبقاء على قيد الحياة، وفق ما يقوله عبد الناصر، وهو أب نازح يعيش في أحد المخيمات في محافظة مأرب. ويُذكر أن أول مرة سمع فيها دوي الحرب شعر بخوف لم يعرفه من قبل، إذ فقد منزله، وسبل العيش، والأهم من ذلك، الشعور بالأمن.

وفي حين يؤكد الرجل أن العيش في المخيم معاناة يومية من دون خصوصية أو أمان، فإن المساعدة الصحية التي تلقاها السكان أحدثت فرقاً حقيقياً، لا سيما أنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف الأدوية الأساسية أو حتى وجبة بسيطة.

خطر محدق

تقول كارولين سيكيوا، المديرة القُطرية للجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إنه على مدى عشر سنوات، عانى اليمنيون من صراع لا هوادة فيه، وانهيار اقتصادي، ومحدودية الوصول إلى خدمات الصحة والتغذية المنقذة للحياة. ولهذا، كانت المساعدات الإنسانية شريان حياتهم، حيث منعت تفشي الأمراض، وقدمت الرعاية الصحية، وتمت مواجهة الكوارث الطبيعية، وساعدت الأسر على البقاء.

وكالات أممية لا تزال تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين في اليمن (الأمم المتحدة)
وكالات أممية لا تزال تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين في اليمن (الأمم المتحدة)

ورأت المسؤولة الإغاثية البارزة أن تفكير الحكومات المانحة في تقليص هذا الدعم أو إلغائه ليس مجرد قصر نظر، بل إنه يعرض ملايين الأرواح للخطر، مؤكدة أن اليمن الآن يقف على شفا الهاوية، ومن دون دعم عاجل، ستتم المخاطرة بضياع سنوات من المكاسب التي تحققت بشق الأنفس.

وذكرت سيكيوا أن المساعدات الإنسانية وحدها لا تكفي لإنهاء معاناة ملايين اليمنيين، لأن الحلول السياسية والتعافي الاقتصادي أصبحا اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى لضمان استقرار طويل الأمد.

وأوضحت أنه خلال العام الماضي، ورغم النقص الكبير في التمويل، تمكنت المنظمات الإنسانية من الوصول إلى أكثر من 8 ملايين شخص محتاج في جميع أنحاء اليمن.

وقالت المسؤولة الإغاثية إنه من الواجب أن يكون العام 2025 نقطة تحول في هذه الأزمة. ومع ازدياد الاحتياجات بشكل مطرد، دعت جميع المانحين إلى تكثيف جهودهم، وضمان تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام بالكامل.