«على جثتي لن أحصل على اللقاح»... هذه العبارة التي ترددت على لسان الكثيرين ممن ينتمون لفئة تعرف باسم «مناهضو اللقاحات»، دفعت تيري موفيت، أستاذة علم النفس وعلم الأعصاب في جامعة ديوك الأميركية، إلى محاولة معرفة السبب الكامن خلف هذا الرأي الذي بدا وكأنه يغرد خارج السرب.
ففي الوقت الذي كان العالم ينتظر على أحر من الجمر لقاحات «كوفيد-19»، استبقت هذه الفئة ظهور اللقاحات بإعلان التحدي، والتأكيد أنه لن يجبرهم أحد على الاستسلام لقرارات حكومية بأخذ اللقاح.
وقالت موفيت في تقرير نشره أول من أمس موقع جامعة ديوك: «بدافع الفضول من جهة، والغضب الشديد من جهة أخرى، أردت مع فريقي البحثي معرفة الأسباب التي تقف خلف هذا الرفض المسبق، وأعتقد أننا وصلنا إلى رؤى نادرة عن قوى الطفولة التي تشكل الحياة في الكبر، والتي كانت المحرك الرئيسي لهذه الآراء».
ولجأت موفيت ورفاقها في دراستها المنشورة بدورية «PNAS Nexus»، إلى قاعدة بيانات خاصة بدراسة مفصلة لصحة الإنسان ونموه وسلوكه، كانت أجريت بمدينة دنيدن بنيوزيلندا، وتتبعت ما يقرب من ألف شخص ولدوا في عامي 1972 و1973 في بلدة واحدة في نيوزيلندا.
ومنذ الطفولة، قام الباحثون بقياس عوامل اجتماعية ونفسية وصحية متعددة في حياة كل من المشاركين، ما أدى إلى تدفق مستمر من المنشورات البحثية التي تقدم رؤى عميقة حول كيفية تكوين الطفولة وبيئتها للبالغين.
وأجرى الباحثون في منتصف عام 2021، مسحا خاصا للمشاركين بالدراسة القديمة بمدينة «دنيدن»، لقياس نواياهم للتطعيم قبل وقت قصير من توفر اللقاحات في نيوزيلندا، ثم قاموا بمطابقة استجابات كل فرد مع ما يعرفونه عن أسلوب تربيتهم وشخصيتهم.
أظهرت بيانات مدينة «دنيدن» أنه قبل 40 عاماً في مرحلة الطفولة، كان العديد من المشاركين الذين قالوا إنهم الآن مقاومون للقاح أو مترددون يعانون من تجارب الطفولة السلبية، بما في ذلك الإساءة والإهمال والتهديدات والحرمان.
وتقول موفيت: «هذا يوحي لنا بأنهم تعلموا منذ صغرهم أنهم لا يثقون في الكبار، وإذا جاء إليهم أي شخص صاحب سلطة فهم لا يهتمون بما يقول، وهذا ما تعلموه في الطفولة من تجاربهم التي نشأوا عليها في المنزل، وهذا النوع من التعلم في الصغر يترك نوعا من إرث عدم الثقة عميق الجذور، لدرجة أنه يثير تلقائيا المشاعر المتطرفة».
وفصلت الدراسة بعض تفاصيل المشاعر المتطرفة للفئة المناهضة للقاح، ففي سن 13 و15 كانوا يميلون إلى الاعتقاد بأن صحتهم مسألة عوامل خارجية خارجة عن إرادتهم.
وفي سن 18 كان المراهقون الذين أصبحوا مجموعات مترددة ومقاومة للقاح أكثر نفوراً، وأكثر عدوانية، وكانوا يميلون أيضا إلى تقدير الحرية الشخصية على الأعراف الاجتماعية.
وسجلت المجموعات المقاومة والمترددة درجات أقل في سرعة المعالجة العقلية، ومستوى القراءة، والقدرة اللفظية كأطفال، وفي سن 45، قبل الوباء، وجد أن هؤلاء الأشخاص لديهم معرفة صحية يومية أقل عملية، ما يشير إلى أنهم ربما كانوا أقل استعداد لاتخاذ قرارات صحية في ظل ضغوط الوباء.
مناهضو لقاحات «كوفيد ـ 19» ورثوا «عدم الثقة» منذ الطفولة
دراسة قالت إن معتقداتهم عاطفية وليست علمية
مناهضو لقاحات «كوفيد ـ 19» ورثوا «عدم الثقة» منذ الطفولة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة