اتساع حملات مقاطعة إسرائيل يحدث انقسامات بين طلبة الجامعات الأميركية

حظيت باهتمام كبير منذ الحرب الأخيرة على قطاع غزة

تجمع طلابي في جامعة ميتشيغان الأميركية حول مقاطعة إسرائيل (أ.ب)
تجمع طلابي في جامعة ميتشيغان الأميركية حول مقاطعة إسرائيل (أ.ب)
TT

اتساع حملات مقاطعة إسرائيل يحدث انقسامات بين طلبة الجامعات الأميركية

تجمع طلابي في جامعة ميتشيغان الأميركية حول مقاطعة إسرائيل (أ.ب)
تجمع طلابي في جامعة ميتشيغان الأميركية حول مقاطعة إسرائيل (أ.ب)

تتبنى اتحادات الطلبة في الحرم الجامعي لعدد كبير من الكليات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة قرارات تطالب إداراتها بقطع العلاقة مع الشركات التي تسمح بما يعدونه إساءة معاملة للفلسطينيين من جانب إسرائيل. وفي الوقت الذي لا تبالي فيه مجالس إدارة الجامعات، أو الإداريون، بمناشدات الطلبة، يبدو أن محاولة الضغط على إسرائيل تلقى قبولا داخل الحرم الجامعي للكليات في مختلف أنحاء أميركا، وتثير شقاقا بين الكثير من الطلبة اليهود الذين ينتمون إلى الأقليات.
وتعد الحركة جزءا من حملة مقاطعة وعقوبات أكبر انتشرت خلال السنوات القليلة الماضية في أوروبا والولايات المتحدة. وحظي الأمر باهتمام كبير في الجامعات خاصة منذ الحرب على غزة خلال الصيف الماضي، التي أسفرت عن مقتل المئات من الفلسطينيين. وتهدف الحركة إلى عزل إسرائيل ومعاقبتها على سياساتها تجاه الفلسطينيين واحتلالها للضفة الغربية.
وتنتشر مجموعات المقاطعة في مئات الكليات الكبرى، من بينها جامعات ميشيغان وبرنستون وكورنيل، وأكثر كليات جامعة كاليفورنيا. وتتفاوت درجة نجاح الحملة بين طلبة هذه الكليات.
ويعتبر داعمو حملة المقاطعة ما تقوم به إسرائيل ظلما تمارسه قوة على مجموعة لاجئين. وشكل هؤلاء تحالفات مع السود، وذوي الأصول اللاتينية والآسيوية، والسكان الأميركيين الأصليين، ونشطاء الحركة النسوية، ومنظمات حقوقية داخل الحرم الجامعي للكليات.
وتدور في كل مكان مناقشات طويلة يسودها التوتر. ففي جامعة ميشيغان، التي تصدى فيها اتحاد الطلبة للمرة الثانية لقرار مقاطعة خلال العام الحالي، أبدى أعضاء هيئة التدريس استعدادهم للتحدث مع الطلبة وتقديم المساعدة في حال أمكن توفير استراحة من الجدل. إذ تضيع الأهداف المحددة لحملات المقاطعة، أحيانا، في النقاشات الجدلية الموسعة بشأن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. أما في كلية برنارد، التي يمثل اليهود فيها ثلث عدد الطلبة، فقد علقت مجموعة تسمى «طلبة من أجل العدالة في فلسطين»، لافتة العام الماضي كُتب عليها «دافعوا عن العدالة.. دافعوا عن فلسطين»، وحملت أيضا خريطة للمنطقة من دون الحدود الداخلية لإسرائيل. وتم إنزال اللافتة في صباح اليوم التالي، بعد تقديم الطلبة اليهود شكوى بأنها تجعلهم يشعرون بالخطر والتهديد.
وقالت جنين سلمان، وهي عضو في «طلبة من أجل العدالة في فلسطين»، التي وضعت اللافتة، إن دافعها هو معاداة الصهيونية لا معاداة السامية، وإن تشكيل جماعة «الصوت اليهودي من أجل السلام»، أخيرا داخل الحرم الجامعي، والتي تؤيد المقاطعة، كفيل بتوضيح القضية والمقصد. وأوضحت قائلة: «هناك فرق بين الصهيونية كهوية سياسية، واليهودية كهوية دينية. والخلط بينهما ضار بكلتيهما». وتساءلت: «هل كانت مقاطعة سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا معاداة للبيض؟ بالطبع لا. وينطبق هذا على قضيتنا». بينما يقول مؤيدو إسرائيل إن أخطر احتمال هو أن يؤدي المناخ الحالي في الحرم الجامعي إلى خلع الشرعية عن الدولة.
وبالمقابل، تجمع في الحرم الجامعي في جامعة كاليفورنيا، خلال الشهر الماضي، مئات الطلبة اليهود، وراحوا يلوحون بالأعلام الإسرائيلية وقد ارتدوا قمصانا مكتوبا عليها «نحن الصهاينة»، للاحتفال بـ«استقلال إسرائيل». وقال البعض إنه في الوقت الذي لا يخفون فيه أنهم يهود، يشعرون بعدم الارتياح في التعبير عن دعمهم لإسرائيل، وكثيرا ما يختارون العزوف عن المشاركة في النقاشات الجدلية بشأن قضايا سياسية جارية أخرى. وعندما فكر اتحاد الطلبة في قرار المقاطعة، شجع قادة الطلبة اليهود أقرانهم على الابتعاد عن الاجتماع، وقالوا إن وجودهم سوف يضفي الشرعية على عملية يرون أنها خاطئة.
وفي جامعة «ليولا» في شيكاغو، اصطف العديد من الطلبة المحتجين أمام طاولة تستخدمها مؤسسة «الحياة الجامعية لليهود» لجذب الطلبة إلى ما يصفونه بـ«حق ميلاد إسرائيل»، وهي رحلة مجانية مدتها عشرة أيام إلى البلاد، مقدمة إلى الشباب المنحدرين من أبوين أحدهما على الأقل يهودي. وكان المحتجون يضعون علامات تشير إلى طرد إسرائيل للسكان العرب خلال حرب 1948، التي أسفرت عن قيام دولة إسرائيل. وقال هؤلاء، إن أفراد أسرهم كانوا من «قرية تم تطهيرها عرقيا ولا يحق لهم العودة إليها».
وتتمتع حركة المقاطعة بمكانة بارزة في جامعة كاليفورنيا، حيث وافقت جميع مجالس اتحاد الطلبة تقريبا، على المقترحات الخاصة بالمقاطعة. وقال مارك يودوف، وهو رئيس سابق للنظام في جامعة كاليفورنيا: «يشعر الطلبة اليهود وآباؤهم بالخوف الكبير وعدم الأمان بسبب هذه الحركة. أسمع طوال الوقت تساؤلا عن المكان الآمن لليهود الذي يمكن أن يرسلوا إليه أبناءهم».
مع ذلك قال أبراهام فوكسمان، مدير اتحاد مناهضة التشويه، الذي يتابع حركة المقاطعة عن كثب، إن الأغلبية الساحقة من طلبة الكلية اليهود يشعرون بالأمان في الحرم الجامعي. وأضاف فوكسمان: «أعتقد أن المجتمع اليهودي رد على ما رآه أزمة»، مشيرا إلى أنه يرى أن الجدل بشأن المقاطعة «مثير للقلق لا مهدد للوجود». وكثيرا ما تمتد النقاشات الجدلية إلى الدوائر الأكاديمية. وتحث جماعات يهودية جامعة «كاليفورنيا» بريفير سايد على إلغاء منتدى طلبة يطلق عليه «أصوات فلسطين»، حيث يرون أن المنهج الذي يرعاه عضو في هيئة التدريس يؤيد علنا حملة المقاطعة يتضمن نقاشات ومحاضرات خاصة بـ«الاستعمار الاستيطاني وسياسة الفصل العنصري».

* شاركت جنيفر ميدينا في إعداد التقرير من لوس أنجليس.. وتامار ليوين من نيويورك.. وروني كوهين من منطقة خليج سان فرانسيسكو
* خدمة «نيويورك تايمز»



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.