بحث يكشف سبب الإصابة بضباب الدماغ المستمر بعد «كورونا»

مريض مصاب بفيروس كورونا يتلقى العلاج داخل مستشفى في الهند (رويترز)
مريض مصاب بفيروس كورونا يتلقى العلاج داخل مستشفى في الهند (رويترز)
TT

بحث يكشف سبب الإصابة بضباب الدماغ المستمر بعد «كورونا»

مريض مصاب بفيروس كورونا يتلقى العلاج داخل مستشفى في الهند (رويترز)
مريض مصاب بفيروس كورونا يتلقى العلاج داخل مستشفى في الهند (رويترز)

كشف بحث جديد نُشر يوم الجمعة، أن الجهاز المناعي مفرط التحفيز - الذي ربما يكون ناتجاً عن إصابة الأوعية الدموية المستمرة وإصلاحها - قد يكون وراء التغيرات المعرفية المستمرة بعد الإصابة بفيروس «كورونا»، وفقاً لشبكة «إيه بي سي نيوز».
في العمل التمهيدي الذي سيتم تقديمه في الاجتماع السنوي للأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب، وجد الباحثون بقيادة الدكتورة جوانا هيلموث، من جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، «توقيعاً التهابياً» في السائل الدماغي الشوكي لـ13 شخصاً يعانون من ضعف الإدراك، وذلك بعد 10 أشهر من ظهور أعراضهم الأولى لـ«كورونا».
الأشخاص الذين يعانون من مشاكل معرفية مستمرة بعد الإصابة بـ«كوفيد - 19» لديهم مستويات أعلى من اثنين من علامات الالتهاب في السائل الشوكي - بروتين «سي» التفاعلي و«أميلويد إيه» - مقارنة مع أولئك الذين أصيبوا بـ«كورونا» وليست لديهم أعراض معرفية، وفقاً للمؤلفين.
كانت علامات عامل نمو بطانة الأوعية الدموية أعلى أيضاً لدى هؤلاء الأشخاص، مع بعض التدابير الخاصة بأولئك الذين عانوا من تغيرات معرفية بعد فترة وجيزة من الإصابة.
وقال الدكتور أفيندرا ناث، المدير السريري للمعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية في المعاهد الوطنية للصحة، والذي لم يشارك في الدراسة: «هذه ملاحظة مهمة تشير إلى أن إصابة الأوعية الدموية وإصلاح الدماغ قد يؤديان إلى حدوث الالتهاب».

وأشارت هيلموث إلى أن «الملايين من الناس يعانون من مشاكل معرفية مستمرة بعد الإصابة بفيروس (كورونا)، والتي يمكن أن تؤثر حتى على الشباب والبالغين الأصحاء الذين يصابون بأعراض خفيفة من الفيروس».
وتابعت: «ومع ذلك، لا توجد حتى الآن اختبارات معملية أو علاجات فعالة للتغيرات المعرفية المرتبطة بـ(كوفيد)، ويرجع ذلك جزئياً إلى أننا لا نفهم البيولوجيا الأساسية».
وأقرت هيلموث بأن هذه كانت دراسة صغيرة جداً، لكن النتائج تشير إلى أن الالتهاب داخل الدماغ قد يسهم في التغيرات المعرفية بعد «كوفيد - 19»، وأن العدوى يمكن أن تؤدي إلى خلل في الأوعية الدموية المناعية من خلال التنشيط البطاني والخلل الوظيفي.

* التغييرات في الدماغ
وجدت الأبحاث السابقة الضرر الناجم عن ترقق الأوعية الدموية وتسربها في عينات أنسجة المخ للأشخاص الذين ماتوا بسبب الإصابة بـ«كورونا»، لكن لم تربط هذه التغييرات والالتهابات بمشاكل الإدراك بعد الإصابة.
وأثبتت دراسات أخرى أن التغييرات المعرفية بعد «كورونا» كانت مشابهة للأعراض التي تظهر بعد عدوى فيروسية أخرى مثل فيروس نقص المناعة البشرية أو الإيبولا، أو بعد العلاج الكيماوي.
وأظهرت الأبحاث الحديثة أن الأشخاص المصابين بـ«كورونا» الخفيف لديهم انخفاض أكبر في الوظيفة التنفيذية - لا سيما في قدرتهم على أداء المهام المعقدة - التي تتوافق مع تغيرات الدماغ التي شوهدت قبل وبعد «كوفيد - 19» في التصوير بالرنين المغناطيسي. وفي دراسة أجريت في المملكة المتحدة، أظهر 401 مريض تراجعاً أكبر في حجم المادة الرمادية وتلفاً أكبر لأنسجة المخ بمعدل 4.5 شهر بعد الإصابة مقارنة بالأشخاص الذين لم يصابوا أبداً.

* ما الذي يدفع الأعراض المعرفية؟
لا يزال العامل الذي يدفع التغييرات المعرفية بعد «كورونا» لغزاً.
قال ناث: «لم تتم دراسة الآليات بشكل جيد... تشير الدلائل إلى أن هناك على الأقل مجموعة فرعية من التنشيط المناعي المستمر. والسؤال الآن هو: ما نوع التنشيط المناعي الذي نراه؟».
وأضاف: «أعتقد أننا نشهد إلى حد كبير تنشيط البلاعم، أو ما أسميه: علامات الاستجابة المناعية الفطرية... ما نراه في الدماغ عند تشريح الجثة هو تنشيط الخلايا الدبقية الصغيرة. بمجرد تشغيل هذه الخلايا، من الصعب جداً إيقاف تشغيلها. من المحتمل أن تأتي الأعراض المستمرة من هذا النوع من التنشيط المناعي».


مقالات ذات صلة

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)
رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)
TT

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)
رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة بحفل مميَّز في قلب جدة التاريخية، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر»، وأُقيمت فعاليات ثقافية وفنّية بارزة.

وشهد الحفل تكريم نجمتين عالميتين تقديراً لمسيرتيهما الاستثنائية، هما الأميركية فيولا ديفيس والهندية بريانكا شوبرا؛ فقدّمت الكاتبة والمخرجة السعودية هناء العمير الجائزة لديفيس، وتولّت الأميركية سارة جيسيكا باركر تقديم الجائزة لتشوبرا. كما انضمَّت أسماء لامعة مثل البريطانية إيميلي بلنت، والمصرية منى زكي، والأميركية فان ديزل، إلى قائمة المُكرَّمين، احتفاءً بمكانتهم الرائدة في صناعة السينما.

وعرض المهرجان «مودي: ثلاثة أيام على حافة الجنون» للمخرج جوني ديب، فيلماً ختامياً للدورة، وهو يروي حكاية الرسام والنحات الإيطالي أميديو موديلياني خلال خوضه 72 ساعة من الصراع في الحرب العالمية الأولى.

«مودي: ثلاثة أيام على حافة الجنون» لجوني ديب يختم المهرجان (تصوير: بشير صالح)

ترأس لجنة تحكيم الأفلام الروائية المخرج الأميركي الشهير سبايك لي، إلى جانب أعضاء مثل البريطانية - الأميركية ميني درايفر، والأميركي دانيال داي كيم. واختير فيلم «الذراري الحمر» للمخرج التونسي لطفي عاشور لجائزة «اليُسر الذهبية» بكونه أفضل فيلم روائي، أما «اليُسر الفضية» لأفضل فيلم طويل، فنالها فيلم «إلى عالم مجهول» للفلسطيني مهدي فليفل، بالإضافة إلى جائزة خاصة من لجنة التحكيم نالها فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» لخالد منصور.

أسماء لامعة حضرت المهرجان في دورته الرابعة (تصوير: بشير صالح)

من جهته، قال مخرج «الذراري الحمر» لطفي عاشور لـ«الشرق الأوسط»، إنّ الفيلم ليس مجرّد عمل سينمائي، بل رسالة إنسانية إلى العالم والأسر مفادها ضرورة احتضان الأطفال والاهتمام بهم. وتابع: «الأطفال نعمة من الله، علينا الحفاظ عليها. المطلوب وقف تعنيفهم أو إهمالهم أو تحميلهم أعباء لا طاقة لهم بها. الفيلم لا يروي قصة مستوحاة من واقع تونس فحسب، وإنما يقدّم تجربة عالمية تمسُّ جميع المجتمعات التي تعاني الإهمال والعنف ضدّ الطفولة».

المخرج التونسي لطفي عاشور يتسلَّم جائزة «اليسر الذهبية» عن فيلمه «الذراري الحمر» (غيتي)

شكَّلت سوق «البحر الأحمر السينمائي» منصّةً محوريةً لدعم الإنتاجات الإقليمية والدولية، فاستضافت 24 مشروعاً في مراحل التطوير و8 مشروعات في مرحلة ما بعد الإنتاج. وشهدت السوق فعاليات عدّة مثل «حديث السوق»، وجلسات التواصل المهني، بحضور ممثلين عن صناعة السينما من السعودية وفرنسا ودول أخرى.

في هذا السياق، قالت رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي»، جمانا الراشد: «تشرّفنا هذا العام باستقبال العالم في البيت الجديد للسينما، من موقع مهرجاننا الجديد في البلد، بجدة التاريخية. على مدار الأيام الماضية، رحّبنا بضيوفنا من جميع أنحاء العالم، واحتفينا معاً بقوة السينما، مقدّمين منصّة تزخر بالروايات العالمية المتنوّعة».

وأضافت: «نجحنا في هذه الدورة بعرض 122 فيلماً من 85 دولة، كما استضفنا مجموعة واسعة من اللقاءات المثمرة، والاتفاقات الاستراتيجية، والشراكات الواعدة، والابتكارات المُلهمة ضمن الفعاليات؛ ونلتزم بتعزيز مستقبل مُشرق لصناعة السينما في المنطقة، وفَتْح آفاق جديدة للإبداع والتميُّز السينمائي».

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي المُكلَّف لـ«مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي»، محمد بن عايض عسيري: «عقدنا خلال الدورة الرابعة من المهرجان شراكات ومبادرات تهدف إلى الارتقاء بالأصوات السينمائية على الصعيدَيْن المحلّي والإقليمي؛ وكلنا ثقة بأنّ هذه الجهود ستُثمر في دوراته المقبلة».

وأبرزت القنصلية الفرنسية في جدة التعاون السعودي - الفرنسي بإحياء حفل ختامي في مقرّها، إذ اجتمع صنّاع السينما من البلدين، إلى جانب شخصيات بارزة من المؤسّسات الثقافية والتعليمية، لتعزيز الشراكات في مجال التدريب والإنتاج. وأكد قنصل فرنسا بجدة، محمد نهاض، أهمية هذه الجهود التي تشمل مبادرات مثل مسابقة «تحدّي الفيلم 48 ساعة» لتحفيز الشباب.

القنصل الفرنسي محمد نهاض يتسلّم درعاً لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا (غيتي)

شكَّل الحفل منصّةً للتواصل بين الخبراء والمبدعين لتعزيز التبادل الثقافي بين البلدين، مع تأكيد التعاون في مجال السينما.

ومن أبرز أنشطة القنصلية ضمن المهرجان، الجناح الفرنسي في «السوق» الذي عرض مشروعات سينمائية فرنسية وسعودية مشتركة، ووفَّر فرصاً للتواصل مع منتجين ومخرجين سعوديين، وورشات عمل مشتركة تدريبية لصنّاع الأفلام الشباب بالتعاون مع محترفين فرنسيين، إلى جانب مبادرات تعليمية، مثل عقد شراكات مع المؤسّسات التعليمية في فرنسا لتقديم برامج تدريبية للسعوديين في مجالَي السينما والإخراج.

وفي كلمته خلال الحفل الختامي، أكد قنصل عام فرنسا بجدة، محمد نهاض، التزام فرنسا بدعم السينما السعودية، مشيراً إلى أنّ التعاون بين البلدين يمتدّ إلى مجالات عدّة، منها التعليم السينمائي، والإنتاج المشترك، وتطوير الكفاءات المحلّية. كما توقّف عند أهمية مبادرة «تحدي الفيلم 48 ساعة» المعنيّة بتحفيز المواهب السعودية الشابة لإنتاج أفلام قصيرة ضمن مدّة محدودة.

«البحر الأحمر» يؤكد التزامه المستمر إثراء المشهد السينمائي العالمي (أ.ف.ب)

وأيضاً، أكد الحضور أنّ «مهرجان البحر الأحمر» أصبح منصّة محورية للقاء الثقافات وتعزيز الشراكات بين فرنسا والسعودية. ويأتي هذا التوجُّه ضمن استراتيجيات أوسع لتعزيز التعاون الثقافي بين البلدين، مدعوماً بزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المملكة، وتوقيع اتفاقات في مجالَي الفنون والإبداع.

بفضل الدعم الواسع من الجهات الراعية والشركاء المحلّيين والدوليين، يتطلّع «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائية عالمية.

بهذا الإصرار، ختم فعالياته، مؤكداً على التزامه المستمر إثراء المشهد السينمائي العالمي، وترسيخ مكانة السعودية، خصوصاً مدينة جدة، مركزاً للإبداع الثقافي والفنّي.