ترجيح نجاح فرص الهدنة بعد رضوخ ميليشيات الحوثي وصالح

وقف العمليات العسكرية في اليمن تبدأ غدًا لمدة 5 أيام شرط التزام المسلحين بالشروط

مسلح  من القوات  الموالية للرئيس اليمني هادي يقف وراء مدفع رشاش  خلال اشتباكات مع مقاتلي الحوثي في محافظة مأرب أمس (أ.ب)
مسلح من القوات الموالية للرئيس اليمني هادي يقف وراء مدفع رشاش خلال اشتباكات مع مقاتلي الحوثي في محافظة مأرب أمس (أ.ب)
TT

ترجيح نجاح فرص الهدنة بعد رضوخ ميليشيات الحوثي وصالح

مسلح  من القوات  الموالية للرئيس اليمني هادي يقف وراء مدفع رشاش  خلال اشتباكات مع مقاتلي الحوثي في محافظة مأرب أمس (أ.ب)
مسلح من القوات الموالية للرئيس اليمني هادي يقف وراء مدفع رشاش خلال اشتباكات مع مقاتلي الحوثي في محافظة مأرب أمس (أ.ب)

تعززت فرص الهدنة الإنسانية في اليمن بعد ستة أسابيع من الغارات الجوية للتحالف العسكري بقيادة السعودية، إذ أعلنت جماعة الحوثي أمس الأحد قبولها هدنة إنسانية مدتها 5 أيام اقترحتها الرياض عقب المباحثات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، قبل أيام في العاصمة السعودية الرياض مع نظيره السعودي خالد الجبير. والهدنه تخضع لشروط محددة، أبرزها عدم استغلال المتمردين للهدنة لأغراض عسكرية.
وقال العميد شرف لقمان، الناطق باسم القوات العسكرية المتمردة والمتحالفة مع الحوثيين، في بيان أمس، إنهم موافقون على الهدنة التي جاءت في ضوء جهود «بعض الدول الشقيقة والصديقة»، وأضاف أنه من الضروري «العمل على فك الحصار عن الشعب اليمني والسماح للسفن التجارية والمواد الغذائية والدوائية والمشتقات النفطية العالقة في البحر بالوصول إلى اليمن والسماح للمنظمات الإنسانية وكل من يريد مساعدة اليمن في توفير كل ما يحتاج إليه الشعب سواء في إطار هدنة إنسانية أو في فتح ممرات دائمة للأمم المتحدة والمنظمات العاملة في هذا الجانب».
وأبدى الحوثيون خضوعهم وتعاطيهم مع جهود «رفع المعاناة» عن الشعب اليمني بعد استهداف معسكراتهم ومقراتهم، وفق ما نقلته فضائية «المسيرة» التابعة لهم، فيما وافق حلفاؤهم والقوات الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح على الهدنة التي ستؤدي إلى تعليق الضربات الجوية المستمرة منذ 26 مارس (آذار) الماضي بهدف إعادة الشرعية للشعب اليمني وحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وستسمح الهدنة بوصول الإمدادات الغذائية والطبية التي يحتاج إليها اليمن بشكل كبير. ويأتي ذلك بعد ساعات على قصف طائرات التحالف منزل الرئيس السابق في صنعاء بعد ليلة ثانية من الضربات المكثفة على مواقع الحوثيين في معقلهم الرئيسي في صعدة في شمال البلاد.
ومن جهته وجه صالح أمس الأحد دعوة إلى كل القوى السياسية للعودة إلى طاولة الحوار عقب استهداف منزله الكائن في شارع صخر. وطالب علي صالح، في منشور عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بالبحث عن حل للأزمة، داعيا إلى «حل الخلافات بالحوار». وعلى الرغم من تخليه عن السلطة في فبراير (شباط) 2012 إثر سنة من المظاهرات الدامية ضد حكمه، يتمتع صالح بتأثير على القوات المسلحة، وهو متهم بتسهيل سيطرة الحوثيين على صنعاء وأنحاء أخرى من اليمن خلال 2014 و2015. وكان مجلس الأمن الدولي فرض عقوبات على صالح وابنه بسبب دعمهما للمتمردين وتقويض المرحلة الانتقالية منذ تخليه عن السلطة.
وقبول الحوثيين للهدنة يأتي في وقت نفذت فيه قوات سعودية ضربات جوية وأطلقت نيران مدفعية وعشرين صاروخا على الأقل على محافظة صعدة معقل الحوثيين على حدود السعودية الجنوبية.
وأعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن الهدنة الإنسانية الجمعة الماضي.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأميركي جون كيري في باريس الجمعة، أكد الجبير أن «الهدنة ستنتهي في حال لم يلتزم الحوثيون وحلفاؤهم بالاتفاق».
أما كيري فشدد على أن الهدنة ستبدأ الثلاثاء «شرط أن يوافق الحوثيون على عدم حصول أي قصف أو إطلاق نار أو تحرك للقوات أو مناورات لإعادة التمركز، أو أي نقل للأسلحة الثقيلة». وأكد أنه «التزام قابل للتجديد»، وفي حال صموده فإنه «يفتح الباب أمام احتمال تمديده».وكانت اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يترأسه الرئيس المخلوع صالح، أصدرت بيانا السبت رحبت فيه بالهدنة على اعتبار أن «من شانها التخفيف من أعباء الشعب اليمني».
ومن جانبه حذر المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العميد الركن أحمد عسيري ميليشيا الحوثي إن لم يتجاوبوا مع الهدنة التي من المقرر أن تبدأ غدا الثلاثاء فإنها ستعتبر لاغية. وقال عسيري في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية إن ميليشيات جماعة الحوثي تمنع المدنيين في محافظة صعدة من الخروج من منازلهم وإخلاء المناطق السكنية حول مخازن الأسلحة ومقرات القيادة. وجدد عسيري دعوته لليمنيين بمغادرة صعدة بشكل عام ومنطقة «مران» بشكل خاص «كونهما أصبحتا هدفا عسكريا للقصف من قبل طيران التحالف». إلا أن العسيري قال إن «ميليشيات الحوثي تسعى لاستخدام المدنيين دروعا بشرية».
وفي سياق متصل، قال المجلس السياسي للحوثيين إنهم سيتعاطون إيجابيا مع «أي جهود أو دعوات أو خطوات إيجابية وجادة من شأنها رفع تلك المعاناة والسماح للمساعدات والإمدادات والسفن بالتحرك بسلاسة من وإلى اليمن وبما يمكن من توفير متطلبات الشعب اليمني من غذاء ودواء ومشتقات نفطية ومستلزمات إصلاح خطوط الطاقة وشبكات الاتصالات وغيرها».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.