الاستحقاق النيابي اللبناني يطغى على شبكة رمضان التلفزيونية

البرنامج الحواري السياسي «وهلق شو»  يكمل مشواره مع الإعلامي جورج صليبي
البرنامج الحواري السياسي «وهلق شو» يكمل مشواره مع الإعلامي جورج صليبي
TT

الاستحقاق النيابي اللبناني يطغى على شبكة رمضان التلفزيونية

البرنامج الحواري السياسي «وهلق شو»  يكمل مشواره مع الإعلامي جورج صليبي
البرنامج الحواري السياسي «وهلق شو» يكمل مشواره مع الإعلامي جورج صليبي

نوع من الضياع تشهده شبكات موسم رمضان التلفزيوني لعام 2022، فأصحاب المحطات أنفسهم أفرجوا عن طبيعة برامجهم في هذه المناسبة عشية الشهر الكريم. فاستحقاق الانتخابات النيابية التي هي على الأبواب، تقدمت بأهميتها على باقي برامجها الرمضانية. فهذه السنة لن تشهد المحطات المحلية تنافساً فيما بينها على نوعية وكمية برامجها بالمناسبة. ولن يحتار المشاهد بالتالي أي شاشة سيتابع، في ظل طغيان البرامج الخاصة بالانتخابات النيابية على غيرها.

«أبو شفيق» الترفيهي يطل في موسم رمضان على شاشة «إل بي سي آي»

«إل بي سي آي»: لا تغييرات مهمة
المؤسسة اللبنانية للإرسال (إل بي سي آي) أعلنت عن شبكة برامجها تحت عنوان «بين برمجة رمضان والانتخابات النيابية اللبنانية». وتضمنت عروضاً درامية، واحد منها سوري «كسر عضم» وآخر تركي «علي رضا». وسيبقى هذا الأخير يعرض في توقيته السابق، أي في السابعة من مساء كل يوم. بينما تم تحديد عرض الأول بعد نشرة الأخبار المسائية، بدلاً من الدراما التركية «زهرة الثالوث».

«للموت» في جزئه الثاني سيتابعه مشاهدو قناة «إم تي في» في موسم رمضان

ويفتح «كسر عضم» ملفات الفساد من ابتزاز ورشى واختلاس واستغلال لآمال الشباب، وغيرها من أشكال فساد بعض رجال السلطة والأعمال والأفراد. وتشارك في بطولته مجموعة من الممثلين السوريين، وبينهم فايز قزق، وكاريس بشار، ونادين خوري، وخالد القيش، وغيرهم.
وأبقت «إل بي سي آي» على باقي برامجها الأسبوعية من ترفيهية وفنية بحيث تتلون فقراتها بأجواء رمضان. فيطل رودولف هلال في برنامج «بلا ولا شي» بدل «المواجهة» الذي تابعناه في موسم الشتاء. ومعه ضيوف من مجالات التمثيل والفن والإعلام وغيرها. كما تطغى الأجواء الرمضانيّة على برنامج «في مايل» مع الإعلامية كارلا حداد، وكذلك الأمر بالنسبة لبرنامج «لهون وبس» مع الإعلامي هشام حداد.


«الزمن الضائع» تعرضه شاشة  «نيو تي في» خلال رمضان

كما استعانت من ناحية ثانية ببرامج تُعرض على «صوت بيروت الدولية» (SBI)، حيث يقدم الممثّل وسام صبّاغ في سياق برامج المسابقات والجوائز والهدايا «أبو شفيق معك». ويستضيف النجمان أيمن قيسوني ونسرين زريق ضمن برنامج «البيت بيتك» ضيوفهما في المنزل، في جلسات حواريّة عفويّة ومرحة، والبرنامجان يعرضان على شاشتي الـ«LBCI» و«SBI».
وللأكلات الرمضانيّة حصّتها من شبكة برامج «إل بي سي آي» ضمن «المطبخ العربي» مع الشيف سليمان الخوند.
وبذلك تنتهي لائحة برامج رمضان المختصرة على الـ«إل بي سي آي» فاسحة المجال أمام البرامج السياسيّة لاستكمالها كالتالي: «عشرين30» مع ألبير كوستانيان، و«سؤال انتخابي» مع طوني خليفة، و«حوار المرحلة» مع رولا حداد، و«50/50» مع سامي كليب. إضافة إلى أخرى يتابعها المشاهد منذ فترة كـ«صوت الناس» مع ماريو عبود، و«نُص المزح جدّ» مع إيلي متري. ومن البرامج الثابتة في هذه الشبكة أيضاً «أحمر بالخط العريض» مع مالك مكتبي و«The Researcher» مع الدكتور عماد بو حمد.
«إم تي في» تدخل السباق الدرامي
ترفع قناة «إم تي في» المحلية شعار «القمر عنا» كعادتها كل سنة في موسم رمضان. وتحت هذا العنوان تفنّد برامجها لتدخل معها السباق الرمضاني مع مسلسلين. أحدهما محلي «والتقينا» والآخر دراما عربية مختلطة سبق وتابع المشاهد الجزء الأول منها العام الماضي وعنوانها «للموت».
يؤدي دور البطولة في «والتقينا» ميشال حوراني، ونوال بري، وجهاد الأطرش، ووفاء طربيه، وعصام الأشقر، ورولا شامية ووجيه صقر، مع نخبة من نجوم الشاشة اللبنانية. ويحكي العمل قصة رومانسية تتخللها مواقف شيقة مستوحاة من يوميات اللبناني منذ اندلاع ثورة 17 تشرين حتى اليوم. وهو من كتابة غادة كلاس مهنا وإخراج مكرم الريس وإنتاج «إم تي في».
أما مسلسل «للموت» في جزئه الثاني فهو من كتابة نادين جابر وإخراج فيليب أسمر وبطولة ماغي بو غصن، ودانييلا رحمة، وباسم مغنية ومحمد الأحمد. وتطل فيه هذه السنة عناصر تمثيلية جديدة كليليان نمري وبديع أبو شقرا. ويكمل خلاله المشاهد أحداثاً جديدة إثر انكشاف لعبة ريم وسحر (ماغي ودانييلا) في اصطياد الرجال الأغنياء والاستيلاء على ثرواتهم. فتجري عملية انتقام بينهما سرعان ما تقلب صداقتهما إلى معركة بقاء شرسة تفضح خفايا ماضي كل منهما.
ومن برامج «إم تي في» الخاصة بالموسم الرمضاني «بصفتك مين؟» الذي سيحول مراسلة الأخبار جويس عقيقي إلى محاورة برنامج، فتستضيف فيه إعلاميين وممثلين وسياسيين. وسيتسم بالجرأة والمواقف الطريفة بحيث يبدل الضيوف شخصيتهم أكثر من مرة في كل حلقة.
«نيو تي في» آخر من أعلن عن شبكة رمضانولادة عسيرة شهدتها شبكة برامج رمضان على شاشة «نيو تي في»، بحيث كانت آخر من أعلن عنها بين محطات التلفزة المحلية. وكغيرها من زملائها أبقت على برامج الحوارات السياسية الخاصة بالاستحقاق النيابي كـ«بتفرق ع وطن» لمقدمته سمر أبو خليل، و«عالبرنامج» مع نانسي السبع و«هلق شو» مع الإعلامي جورج صليبي.
وتبقي كذلك على عرض مسلسل «الزمن الضائع»، وهو من بطولة جو صادر، وفادي إبراهيم، وأسعد رشدان وهيام أبو شديد، وغيرهم. ويحكي العمل الذي هو من إنتاج ايلي معلوف (شركة فينيكس بيكتشر)، عن الطبيب رأفت نعوم الذي يعمل المستحيل لتأمين قلب بديل لابنته. وتتسارع أحداث المسلسل لنشهد تطورات ومفاجآت فيكتشف مشاهده حقائق غير منتظرة.



«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.