«وسط البلد»... أول مسلسل مصري طويل ينافس في ماراثون رمضان

«وسط البلد»... أول مسلسل مصري طويل ينافس في ماراثون رمضان
TT

«وسط البلد»... أول مسلسل مصري طويل ينافس في ماراثون رمضان

«وسط البلد»... أول مسلسل مصري طويل ينافس في ماراثون رمضان

في سابقة تعد الأولى من نوعها، يواصل المسلسل المصري الطويل «وسط البلد»، عرض حلقاته في ماراثون دراما رمضان، رغم بدء عرضه قبيل نهاية شهر فبراير (شباط) الماضي. ومن المقرر استمرار عرضه، بعد نهاية الشهر الكريم لفترة طويلة، على قناة «MBC مصر»، ومنصة «شاهد VIP»، ويبلغ عدد حلقات موسمه الأول 192 حلقة، حسب صناع العمل.
وفيما يتجه صناع الدراما إلى إنتاج أعمالٍ قصيرة في السنوات الأخيرة، لتتناسب مع اهتمامات الجمهور، وطبيعة عمل المنصات الرقمية، فإن صناع «وسط البلد» غردوا خارج السرب، وقدموا أول عملٍ مصري ينتمي إلى نوعية «السوب أوبرا»، وهي المسلسلات التي يمتد عرضها إلى سنوات.
ويتناول العمل الذي أشرف على كتابته أمين جمال، أزمات الميراث بين عائلة الجارحي، كما يتطرق، لقضايا الزواج، والطلاق، والخيانة، والعلاقات الاجتماعية المتشابكة، في المجتمع المصري. ووفق نقاد، فإن هذه النوعية من الأعمال تحظى بنسب متابعة جيدة من قبل الأسر المصرية والعربية على حد سواء، وسبق تقديم هذه الأفكار من قبل، في مسلسلات مثل، «الشهد والدموع»، و«الطوفان»، و«أبو جبل».
ولمواكبة شهر رمضان، تعمد صناع مسلسل «وسط البلد»، عرض تفاصيل يوميات البيت المصري خلال الشهر الكريم، ضمن الحلقات التي يجري عرضها في ماراثون رمضان.
المسلسل، من بطولة عددٍ كبيرٍ من نجوم الدراما، على غرار سميرة عبد العزيز، وجمال عبد الناصر، وسماح السعيد، وعصام السقا، وفيدرا، وناصر سيف. ومن إخراج زياد الوشاحي، وأحمد شفيق، ومحمد أسامة، ومشاركة أكثر من 30 وجهاً جديداً، من خريجي وطلبة المعاهد الفنية. أما شارة العمل، فمن غناء الفنان الإماراتي حسين الجسمي.
تقدم الفنانة سميرة عبد العزيز، دور الجدة، الذي يرى نقادٌ ومتابعون، أن الدراما المصرية افتقدتها خلال السنوات الأخيرة.
بدوره، يتحدث المخرج المصري زياد الوشاحي، عن سبب حماسه لتقديم مسلسل طويلٍ، في ظل اتجاه البعض مؤخراً، إلى تقديم أعمالٍ قصيرة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «إن تقديم المسلسلات الطويلة فكرة ليست جديدة، فهناك أعمالٌ عرضت ولا تزال تعرض بهذا الشكل، وتعرف بـ(السوب أوبرا)، ففي بريطانيا على سبيل المثال، يعرض منذ سنوات مسلسل (كوريشن ستريت)».
بيد أن الوشاحي، يلفت إلى أن تقديم مسلسلات طويلة، يعد فكرة جديدة في مصر والعالم العربي. مشيراً إلى أن «الشركة المنتجة كان لها سابقة في تقديم هذه النوعية من الأعمال، حين قدمت من قبل، المسلسل السعودي (الميراث)، الذي يُعرض على منصة (شاهد) أيضاً، ووصل عدد حلقاته الآن، إلى أكثر من 500 حلقة، ولا يزال مستمراً. لذلك، كان هدف الشركة المنتجة، توظيف (السوب أوبرا) في مصر، بفريق وقضية مصرية خالصة».
ويعلق الوشاحي على احتمالية وجود ملل بسبب طول العمل، قائلاً: «إن ردود الفعل مبشرة، ولم نسمع تعليقاً سلبياً منذ بدء العرض. فهدفنا هو المشاهد، لذلك كان لا بد من وضع خطة محكمة للكتابة، وخلق مواضيع وأحداث مشوقة لجذب المشاهد، حتى لا يشعر بأي ملل».
ويوضح المخرج المصري بأن عرض المسلسل مستمر من دون انقطاع إلى آخر الموسم الأول، بعدد حلقات 192. لكل موسمٍ، أو كل عامٍ، بمعدل عرض أربع حلقاتٍ في الأسبوع.
وعن سبب الاستعانة بثلاثة مخرجين، يقول زياد: «كان الاتفاق من أول يومٍ، على أن نكون ثلاثة مخرجين، ونرتب وننسق فيما بيننا في أيام التصوير لكل مخرجٍ، لأن عدد الحلقات كبيرٌ جداً، ومن الصعب أن يتحملها مخرجٌ واحدٌ فقط، ولكن لا يوجد حلقات معينه لكل مخرجٍ، بل هي أيام تصويرٍ محددة لكل مخرجٍ، بغض النظر عن الحلقات أو المشاهد المصورة».



«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.